على رغم مرور أكثر من 65 عاماً على تعلمه مهنة النسج على النول الخشبي، إلا أن وجيه فرج الذي تجاوز الثمانين عاماً ما زال يواصل عمله بشكل يومي لينسج "الحطات" أغطية الرأس التقليدية لنساء مدينة حمص على رغم قلة أو ندرة الطلب عليها. وفي محله الصغير في قلب حمص القديمة، بالقرب من كنيسة "أم الزنار" يجهد فرج ليخرج هذه "الحطات" التي تتكون من خيطان الحرير والقطن ذات اللون الأسود والمطعمة بخيطان من الفضة مبتدعاً أشكالاً زخرفية يزين بها هذه "الحطات" التي يحرص السياح وزوار حمص القديمة على اقتنائها. يقول فرج ل"الحياة": "عندما اتقنت مهنة النسج على النول في الخامسة عشرة من عمري بعد ثلاث سنوات من التدريب، كان في حمص وحدها حوالي عشرة الاف "معلم نول". أما الآن وبعد مضي أكثر من خمسة وستين عاماً لم يبق منهم إلا ثلاثة أنا أحدهم". ومع أنه يشكو من "آلام المهنة" وجع في الظهر وأجرى عمليات جراحية عدة، إلا انه يجد في عمله اليومي تسلية وهروباً من الفراغ الذي يحاصره بعد أن تزوج أولاده وخرجوا من المنزل العائلي. ويضيف: "في موسم السياحة يأتي السياح ليجلسوا في دكانتي ويشاهدوا كيف أنسج، وليتفرجوا على ما انتجه. وقلما يدخل سائح من دون أن يشتري حطة من صنعي يصل سعرها الى حوالي ألف ليرة سورية أي حوالي عشرين دولاراً". ويشير الى أنه ينتج حطة واحدة يومياً تبلغ أجرتها حوالي 160 ليرة ثلاثة دولارات تقريباً إذا كانت توصية خصوصاً من تجار حلب الذين يحضرون المواد الأولية ثم يأخذون الانتاج الى الشمال السوري حيث يتشابه غطاء الرأس التقليدي هناك مع غطاء الرأس في مدينة حمص التي لا يبيع فيها سوى قطع معدودة خلال العام كله. ويدرك فرج الذي يعشق مهنته أن موته وموت زميليه يعني موت مهنة النسج على النول في مدينة حمص، وهو لم يعلم أولاده هذه المهنة التي يعتقد بأن لا مستقبل لها.