أخيراً جاء اليوم الذي انتظره المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري منذ 9 أشهر، والذي توقعه بين ليلة وأخرى، إذ أقيل رسمياً من تدريب نادي تشلسي الإنكليزي، مستقبلاً النبأ بصدر رحب ورفض مبلغ التسوية الذي عرضه عليه النادي اللندني لتغطية راتبه للسنوات الثلاث المقبلة بحسب ما تبقى من عقده والمقدر ب6 ملايين جنيه، مطالباً بثمانية ملايين "لأنها تشمل قيمة المكافآت المتوقعة من إحراز الفريق الألقاب". ربما يكون رانييري المدرب المقال الأكثر شعبية في تاريخ الكرة الإنكليزية، إذ انهالت عليه تعابير التضامن من مشجعي كل الأندية، والاستياء من المعاملة السيئة التي حظي بها من إدارة ناديه اللندني" فرانييري كان يعلم بمصيره المحتوم "حتى لو أحرزت دوري أبطال أوروبا"، وحتى عندما كانت تشاكسه جماهير الفرق المنافسة بالغناء له بأنه سيقال خلال الصيف فإنه كان يرد مازحاً: "لا.. لن أقال في الصيف وإنما في أيار مايو". فهو لم يحقق أي لقب في 4 سنوات قضاها مع تشلسي، وأفضل ما حققه هو المركز الثاني في الدوري والتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، والمباراة النهائية لكأس إنكلترا 2002، ولكنه كسب قلوب الجماهير بروحه الخفيفة ومرحه وتقبله الانتقادات بتعليقات وإن بدت بريئة لكنها مغرضة وتلقى شعبية. قد يكون رئيس النادي البليونير الروسي رومان إبراموفيتش ومديره التنفيذي بيتر كينيون على حق في إقالة رانييري بالنظر إلى قدراته المتواضعة ومحدودية تخطيطه التكتيكي والتي كانت واضحة في اللقاء ضد موناكو في نصف نهائي كأس دوري أبطال أوروبا، حيث أدى تغييره التكتيكي الخاطئ عندما كان الفريقان متعادلين وطرد لاعب من موناكو، إلى خسارة تشلسي 1-3، ما صعب عليه لقاء العودة وتلقائياً أدى إلى خروجه من المسابقة، كما أكسبته تغييراته الكثيرة في الفريق من مباراة إلى أخرى وبداع ومن دون داع، لقب "تنكرمان" أو الرجل دائم التغيير، ولكن إبراموفيتش لم يكن على حق في إشاعة جو من عدم الاستقرار منذ البداية، خصوصاً عندما نظم مستشار إبراموفيتش السمسار الإسرائيلي بيني زهافي لقاء قبل بداية الموسم جمع مدرب منتخب إنكلترا زفن غوران إريكسون ورئيسه، للتفاوض على إمكان تسلم المدرب السويدي مهمة تدريب الفريق اللندني، وبعدها جمع لقاء حرج رانييري وإريكسون اللذين تربطهما معرفة سابقة تعود إلى عملهما في الدوري الإيطالي، في أول مباراة في الموسم، فمدّ رانييري يده مصافحاً إريكسون قائلاً: "زفن، يجب أن أشكرك على اللاعبين الرائعين الذين جلبتهم لي"، في إشارة إلى أن إبراموفيتش عمل بنصيحة إريكسون بشأن اللاعبين الذين يجب ضمهم للفريق تمهيداً لقدوم المدرب السويدي. والذي أنقذ رانييري من الإقالة الباكرة كان الرئيس السابق كين بيتس الذي استمر في منصبه رئيساً فخرياً حتى مطلع العام، ولكن التعاقد مع نجوم بقيمة 130 مليون جنيه وعدم الاستفادة من مواهبهم بصورة مرضية، خصوصاً كريسبو وفيرون وموتو ومكاليلي وجيريمي، قاد إلى انتقادات داخلية وضغوط قادها المدير التنفيذي السابق لمانشستر يونايتد بيتر كينيون الذي عين مديراً لتشلسي في شباط فبراير الماضي، وبدأ عمله الجديد بتغميزات كثيرة إلى رحيل رانييري القريب، بدأها بمقال في مجلة النادي قال فيه: "سيكون موسماً فاشلاً إذا لم نحقق أي لقب"، ولم يمنعه من إعلان إقالة المدرب الإيطالي إلا شعبيته الكبيرة من جماهير النادي، والتألق في دوري الأبطال، وخصوصاً إعلان إريكسون تمديد عقده مع المنتخب الإنكليزي ورفضه علناً عرض تشلسي. وعين البرتغالي جوزيه مورينيو رسميا مدربا لتشلسي الإنكليزي "أ ف ب" ، ولم يكشف النادي الإنكليزي عن قيمة الصفقة لكن معلومات صحافية رجحت أن يتقاضى مورينيو 16 مليون جنيه استرليني نحو 28 مليون دولار على مدى أربع سنوات ليصبح بالتالي المدرب الأعلى دخلا في الدوري الإنكليزي 650 ألف يورو شهريا. وقال مورينيو في مؤتمر صحافي عقده: "أعتقد أن الأندية تريد أن تحقق إنجازات بحجم إمكاناتها، حتى إذا قام المدرب بعمل ناجح من دون أن يحقق الأهداف المرجوة فإنه يكون قد فشل، أريد أن أبذل جهدا كبيرا لتحسين الأمور وبناء فريق يستطيع المنافسة على الألقاب". واستبعد مورينيو أن يقوم بثورة حقيقية في صفوف الفريق وقال: "لا أستطيع القول حاليا من سينضم إلى الفريق ومن سيغادر". لكن الصحف اعتبرت أن المدرب الجديد يسعى إلى التعاقد مع لاعبيه السابقين في بورتو باولو فيريرا وكوستينيا ومدافع ديبورتيفو الإسباني جورجي أندراده والإسباني يواكيم ومواطنه فرناندو موريانتيس. وفي حين يضع مدرب بورتو البرتغالي، بطل أوروبا الجديد، خوسيه مورينيو، النقاط فوق الحروف مع إدارة تشلسي، فإن من المفيد التذكير بأنه سيتخلص من عدد من اللاعبين الذين لن يجدهم يصلحون لطريقة لعبه، وسيجلب من يراهم يصلحون، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها" لأن كل مجموعة لاعبين جدد بحاجة إلى وقت للتجانس والتأقلم، وقد يطول الوقت لذلك إلى أكثر من موسم، فهل يكون لدى إبراموفيتش وزهافي وكينيون الصبر على مورينيو إذا لم يكسب الألقاب واكتفى بكسب العقول والقلوب على غرار سلفه الإيطالي؟