تعد دول الخليج العربي وتحديداً السعودية، الأكثر معاناة من زيادة نسبة السمنة بين ابنائها، وترجع الاحصاءات هذه الزيادة لأسباب عدة اهمها حرارة الجو والرطوبة المرتفعة على مدار العام، مما يدفع بسكان هذه المناطق الى الابتعاد تماماً من السير، والاعتماد في شكل كلي على وسائل المواصلات المكيفة، إضافة الى الاستعانة بالعاملين من الخدم داخل المنازل. ولجأ البعض الى النوادي الرياضية، والاستعاضة بالآلات الكهربائية، كالدراجة الثابتة، والمسيّر الكهربائي، وحصص الايروبيك، عن ممارسة رياضة المشي. الا ان تناول الوجبات السريعة غير الصحية يبقى السبب الاكثر خطورة في حكاية الشحوم والدهون المتراكمة. فالى وقت قريب كانت المراكز التجارية تتصارع لجذب محال الوجبات السريعة اليها. وإزاء ذلك، بدأت أخيراً ظاهرة تفرض نفسها بقوة، وتتمثل في انتشار محال الوجبات الغذائية الصحية التي توفر الطعم المطلوب بسعرات حرارية منخفضة. وتعمل هذه المطاعم على جذب اصحاب المعتقدات الغذائية الصحية، ومن يتبعون حميات لتخفيف الوزن. وهي تقدم اللحوم بأنوعها على ان تكون منزوعة الدهون، اضافة الى الخضار، والبهارات والتوابل للابقاء على النكهة. وفي حال استخدام الاجبان، تكون قليلة الدسم أو خالية منه تماماً. ولاقت هذه المحال رواجاً ملحوظاً في السعودية، خصوصاً من فئة الشباب المهتمين بالرشاقة والوزن المثالي. وقالت حنين ابو حليم التي تمارس الرياضة منذ ثلاث سنوات، وكانت تجد صعوبة بالغة في تناول المأكولات المطروحة في الاسواق: "عانيت من زيادة الوزن المفرطة، خصوصاً في مرحلة المراهقة وحتى المرحلة الجامعية، فانتسبت الى أحد النوادي الرياضية التي باتت الحل الوحيد للحصول على الجسم الرشيق، وعدم الحركة ليست المشكلة الوحيدة فنحن امام سوق واسع من المأكولات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية". ولكن مع الاهتمام المتزايد بالصحة في الفترة الاخيرة، اصبح هناك العديد من الاختيارات المتاحة امام الشباب. انتشرت العيادات الغذائية التي ترسم خطة محكمة في كيفية انقاص الوزن من طريق اتباع نظام غذائي يحتوي كل متطلبات الجسم من فيتامينات ومعادن. لينا ليست بعيدة كل البعد عن حنين فقد عانت ايضاً من زيادة الوزن إلا انها استطاعت من طريق الرياضة والمحافظة على السعرات الحرارية المنخفضة من إنقاص ستة عشر كيلوغراماً في اربعة اشهر: "بالفعل قبل مدة من الزمن لم يكن متاحاً لنا تناول وجبات صحية او قليلة السعرات، فبالنظر الى محال الوجبات السريعة التي تعتمد اعتماداً كلياً على اللحوم، والنشويات، والحلويات، كان الوضع يزداد خطورة يوماً بعد يوم، ومع ذلك ساعدت القنوات الفضائية في شكل مباشر، او غير مباشر في زيادة الوعي بين فئات الشباب المختلفة للمحافظة على الوزن المثالي، والانتساب الى النوادي الرياضية، وتناول وجبات صحية معتمدة على ارتفاع نسبة الألياف في الاطعمة، والاكثار من السوائل. حتى ان الكثير من المحال بدأ يستبدل السكاكر بالفواكه، والدقيق الابيض بالأسمر. بالفعل يمكنك الآن تناول وجبات قليلة السعرات خارج المنزل بكل سهولة، وبأسعار مناسبة جداً". حازم رياضي، إلا أن الطعام كان مشكلة حقيقية بالنسبة اليه، وكان يفضل تناول وجباته داخل المنزل: انتشار محال الوجبات الصحية اصبح اختياراً بديلاً من البيت، لقد طورت الوجبات السريعة نفسها بقدرة فائقة جداً، وذلك باتباعها نظام وجبات السعرات الحرارية القليلة، واستخدام اللحوم الخالية من الدهون، واستبدال الوجبات المقلية بغيرها من المطبوخة على البخار، او المشوية، واستعمال السكر الأسمر في الحلويات، والحليب المنزوع الدسم، والدقيق الاسمر". كذلك عمد بعض المطاعم الى اعتماد نظام الاشتراك الاسبوعي، او الشهري بمبلغ لا يتعدى 200 ريال في الشهر متضمنة الثلاثة وجبات، فيما عمد بعضها الآخر الى توفير خدمة التوصيل المجاني. وتحدث المهندس عمر الدقاق وكيل مطعم "ساب -واي" في السعودية. وهو احد اوائل وأهم المحال التي اخترقت مجال الاطعمة السريعة لتحولها الى وجبات صحية معتمدة على السعرات الحرارية المنخفضة قائلاً: "اعتقد اننا لا ننظر لوجباتنا على انها مناسبة لأصحاب الاوزان العالية، وانها تناسب اصحاب الحميات الغذائية، بل سبب النجاح استمدته هذه المجموعة من تحويل نظرة المجتمع من الاكل الممتع فقط الى الاغذية الصحية، والشهية على حد سواء، ففي الخارج اخذت محال "ساب - واي" شهرة كبيرة لانتشارها في اكثر من 20 ألف فرع حول العالم، و12 فرعاً في السعودية في محاولة لتحقيق المعادلة الصعبة بين وجبة صحية ومشبعة وشهية وبسعر في متناول الجميع". وأضاف: "عندما بدأت فكرة الوجبات الصحية لم تجد استحساناً كبيراً، لان غالبية الشباب تفضل المأكولات السريعة مثل البرغر، والبطاطس المقلية المشبعة بنسبة عالية من الدهون، والزيوت المهدرجة، ولكن مع الاصرار، والمحاولات الجادة للوصول الى الشباب خصوصاً، وبقية افراد المجتمع في شكل عام". وعن انتشار هذه النوعية من المطاعم، تابع الدقاق: "بالفعل هنا محاولات عدة من الكثير من الشركات إما لفتح محال للوجبات الصحية السريعة، او ان يكون في المحل نفسه بعض الخيارات لتناول وجبة صحية ذات سعرات حرارية منخفضة، وهذا يدل على النظرة الصحية الواعية التي بدأت تأخذ حقها في الانتشار داخل السعودية حتى على مستوى الوجبات الخفيفة، ولعل السعر المناسب الذي يجعلها في متناول الجميع، وخدمة التوصيل المجاني الى مكان العمل او المنزل، يجعلانها الأنسب، كل هذا يثبت ان السعودية والعالم في توجه حقيقي للعوامل الصحية بأشكالها كافة والتي تأتي الاطعمة في مقدمها".