أستاذنا دكتور سعيد النجار هو احد القمم المصرية الشامخة، خلقاً وعلماً. تشرفت وتتلمذت على يديه في بداية الستينات، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية. فكانت محاضراته كمؤلفاته تجمع بين سلاسة وقوة العبارة، ودقة العالم المتمكن. قضى عمره في خدمة الوطن وشعبه الطيب الصابر. فكان مهموماً بقضايا الديموقراطية والحرية، وتخليص الاقتصاد المصري من التخبط والضياع بعد ان سيطرت عليه مجموعة من الهواة تم اختيارهم من بين اهل الثقة، فقادونا الى هوة سحيقة. ترفع عن المناصب، وهو الجدير بادارة دفة الاقتصاد المصري نحو الازدهار والنماء، ولكن المحروسة مهيضة الجناح، ولا اختيار لها. جمع بين تواضع العالم وزهد الناسك. وولعه بحب الكادحين كان من اسباب ابعاده عن رئاسة الحكومة. فلها قوم آخرون. كان يرى في سياسة الانفتاح خطوة في الاتجاه الصحيح. وانتقد آثارها المحدودة، واقتصارها على قانون تشجيع الاستثمار، واصطدامه بالفساد الاداري، واتجاه القطاع الخاص الى شراء القائم من المشروعات بدل التوسع فيها، وعدم الاستعانة بالكفايات. وكان يرى بنظرته الثاقبة ان معدل النمو المرتفع، في السبعينات، يعود الى ارتفاع دخلنا من الصادرات البترولية، وتحويلات العاملين في دول النفط والسياحة وقناة السويس. وما ان انحسرت الموجة، في منتصف الثمانينات، حتى عاد الاقتصاد المصري الى مستويات بالغة التدني، وبطالة مرتفعة، وعجزٍ عن الوفاء بأعباء مديونية ثقيلة. ومن خلال رئاسته لجمعية "النداء الجديد" نادى بالاصلاح السياسي، وبتزامنه يداً بيد مع الاصلاح الاقتصادي. ورأى ان وظيفة الدولة هي "ماكرو - اقتصادية"، كمنع التضخم، ومقاومة البطالة، وإزالة العجز من الميزان الحكومي وميزان المدفوعات، ومنع الاحتكار، وتشجيع المنافسة، وحماية المستهلك، ومنع التلوث وحماية البيئة - وهو ما فشلت فيه الحكومة فشلاً مدوياً. مصر - مصطفى سالم كشك مستشار اقتصادي