حقّقت السياحة العربية البينية"انتعاشاً كبيراً"بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر، نتيجة"إغلاق"عدد كبير من الوجهات السياحية العالمية أمام السياح العرب والآخرين من دول الشرق الأوسط والدول الاسلامية. وبرزت دعوات عدة للاستفادة من هذه الظاهرة في تطوير القطاعات السياحية العربية، ووضع برامج وخطط مشتركة على المستوى العربي في هذا المجال. وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الإعلام والثقافة في دولة الإمارات، رئيس الدورة السابعة لوزراء السياحة العرب التي عقدت في دبي أمس،"ضرورة تطوير السياحة العربية البينية وتنويعها وتعزيزها". وقال ان الأعوام القليلة الماضية"أثبتت أن السياحة العربية البينية تعتبر بحق رديفاً ناجعاً وبديلاً نافعاً ساهم في التعويض عن تقلص السياحة الأجنبية بسبب التوترات والأزمات التي يشهدها العالم". وفي الوقت الذي يعتبر الشيخ عبدالله ووزراء السياحة العرب الذين شاركوا في هذه الدورة ان الأحداث السياسية والتوترات التي تسود المنطقة ساهمت في ابعاد السائح العربي والاسلامي عن المقاصد السياحية في أوروبا وغيرها من المناطق السياحية العالمية، أكد فرانشيسكو فرانجيالي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية في كلمة له أمام وزراء السياحة العرب ان"البلدان التي تغلق أبوابها بفظاظة في وجه الزوار القادمين من العالم العربي تعاقب نفسها بنفسها"، لما تخسره من ايرادات أو من حيث الصورة السلبية التي تعطيها عن نفسها. وقال ان"الشواغل الأمنية المشروعة"لن تبرر وضع عوائق أمام السفر، مؤكداً ان هذه البلدان"تساهم من غير قصد"في تعاظم ظاهرة نمو السياحة البينية داخل اقليم الشرق الأوسط، خصوصاً في منطقة الخليج. وأضاف ان"هذا الاقليم تحول إلى المحرك الجديد للسياحة العالمية، حيث نجد في كل مكان هياكل أساسية للمطارات وفنادق قيد الانشاء أو في طور التصميم، وشركات الطيران الاقليمية تضاعف طلباتها على الطائرات الجديدة". واعترافاً بأهمية السياحة العربية وتزايد دورها في المرحلة الراهنة، كشف الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية ان المنظمة قررت التوسع في اعتماد اللغة العربية في مداولاتها وأنشطتها. وأكد فرانجيالي ان الانتكاسات التي أصابت السياحة العربية بسبب 11 أيلول وأحداث العراق والهجمات الارهابية على السياح، بالإضافة إلى الأوبئة والكوارث الطبيعية،"لم تؤد إلى اندثار السياحة، وإن ساهمت في تراجعها بنسبة 1.2 في المئة عام 2003"ليصل عدد السياح في العالم إلى 694 مليوناً.غير أن وزراء السياحة العرب، الذين غاب معظمهم عن اجتماع دبي حضر 7 وزراء فقط، يعترفون بأن معدل السياحة البينية بين الدول العربية ما زال في حدوده الدنيا. وأكد وزير الإعلام البحريني نبيل الجمر، رئيس الدورة السادسة لوزراء السياحة العرب في كلمته أمس، ان نصيب البلدان العربية من مجمل السياحة العالمية"ضئيل جداً ولا يتناسب مع حجم الإمكانات والمقومات السياحية المتنوعة التي يزخر بها وطننا العربي". وطالب بأن تُعطى السياحة البينية بين الدول العربية"الأهمية التي تستحقها". من جهته، قال الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية، عبدالرحمن السحيباني، ان التنمية السياحية لم تعد تعتمد دائماً على توافر عناصر الجذب الطبيعية والثقافية،"وإنما بدأت تركّز على الابداع في ابتكار عناصر للجذب السياحي من غير المقومات التقليدية وسياحة المؤتمرات والمعارض بشكل خاص". ودعا إلى"تكامل الإمكانات"في المنطقة الواحدة بين رؤوس أموال وخبرات إدارية وتنظيمية ومهارات بشرية ومقومات طبيعية وتراث ثقافي وحضاري"لتكوين منظومة للعمل السياحي المشترك بين بلدان تلك المنطقة"، وترجمة ذلك إلى قوانين وسياسات واجراءات"لخدمة هذا التوجه". وقدّم الشيخ عبدالله بن زايد مقترحات تشكل"أساساً لتفعيل السياحة العربية البينية"، تركّزت على تبسيط اجراءات الدخول إلى الدول العربية بالنسبة للمواطنين العرب، وقيام الدول العربية التي ترتبط بأطر اقليمية أو تكتلات اقتصادية باتخاذ خطوات عملية لتسهيل اجراءات الدخول في ما بينها، والعمل على استحداث"منتجات سياحية متكاملة"بين الدول العربية، ووضع خطط تسويقية تكاملية لوجهات مشتركة بما في ذلك تسهيل اجراءات الإعلان عن البرامج السياحية في الدول العربية. وطالب وزير الإعلام الإماراتي الدول العربية بألا تجعل من الظروف السياسية الموقتة والأزمات الطارئة سبباً لتعطيل السياحة العربية البينية أو اعاقتها. أما وزير السياحة اللبناني، علي العبدالله، فقال في لقاء مع"الحياة"، ان السياحة في لبنان تجاوزت التأثيرات السياسية الإقليمية والعالمية، وحقّقت في الثلث الأول من 2004 نمواً بنسبة 30 في المئة عن الفترة نفسها من عام 2003. وتوقع أن يرتفع عدد السياح في لبنان من نحو مليون سائح عام 2003 إلى 1.2 مليون سائح في سنة 2004، مؤكداً أن لبنان سيشهد خلال هذا الصيف"قفزة كبيرة"في النشاط السياحي، من خلال استضافته"لعدد كبير من البرامج والكرنفالات السياحية المحلية والإقليمية والعالمية"، أهمها الكرنفال البرازيلي، وتشجيع سياحة الاستشفاء والسياحة الثقافية، إلى جانب"عناصر الجذب السياحي التقليدية"في لبنان. بدوره، أكد أحمد الجبوري، رئيس"هيئة السياحة العراقية"، ان العراق، على رغم ظروفه، يتطلع إلى"مستقبل زاهر"في قطاع السياحة. ودعا الدول العربية إلى مساعدة العراق في إعادة بناء القطاع السياحي وتدريب الكوادر السياحية. وقرر وزراء السياحة العرب، في ختام الدورة السابعة أمس، اعتبار يوم 10 تشرين الثاني نوفمبر من كل عام"يوماً للسياحة الفلسطينية"، تقدّم الدول العربية خلاله تسهيلات خاصة للسياح الفلسطينيين، وتنظّم لمناسبته فعاليات وتظاهرات سياحية لدعم ومساندة قطاع السياحة الفلسطيني، وانشاء لجنة خاصة بوضع آليات التنفيذ والمتابعة من فلسطين والأردن وسورية والسعودية والجزائر والأمانة العامة وممثلي القطاع الخاص. ووافق الوزراء على خطة عمل المجلس للفترة 2005 - 2007 وعلى الموازنة التقديرية لأنشطة المجلس الوزاري العربي للسياحة لسنة 2005. كما أعطوا موافقتهم لانشاء"المنظمة العربية للسياحة"من القطاع السياحي العربي، ودعوتها إلى الاضطلاع"بدور بارز"في العمل السياحي العربي المشترك، بالتعاون مع المجلس الوزاري العربي للسياحة بعد استكمال تأسيسها. وأكد المجلس الوزاري ضرورة دعم السياحة في العراق، وحض الاتحادات والمنظمات السياحية العربية والمعاهد السياحية على تقديم"كافة أشكال الدعم"لمثيلاتها في العراق والاستثمار في القطاع السياحي العراقي. وقرر المجلس عقد دورته الثامنة يومي 25 و26 أيار مايو 2005 في مقر الأمانة العامة في القاهرة.