"ليس مهماً ماذا تكون تربيتك وأخلاقك، لكن الشعور البالغ بالقوة، والسأم الذي تشعر به وأنت تنتظر على الحاجز العسكري، ومجرد الرغبة في التسلية، كل هذه الأشياء تجعلك سادياً. الشعور بالقوة كان فظيعاً، وظل يتصاعد، وفي المقابل انخفض عندنا باضطراد الشعور الإنساني. وكلما زادت درجة تخدرنا بالقوة زاد مستوى وحشيتنا". بهذه الكلمات الجامدة القاسية صدر الجندي الاسرائيلي ليران - فورد، كتابه الذي صدر في اسرائيل بعنوان "وباء الحاجز". وقد تناولته بالمراجعة "الحياة" منذ أسابيع قبل انكشاف فضيحة سجن أبو غريب. هل تنطبق مثل هذه السطور على ما فعله الجنود الأميركيون في سجناء أبو غريب في شكل خاص، وفي كل العراقيين في شكل عام؟ ان ثمة روحاً للشر اقتسمها الجنود الأميركيون مع الاسرائيليين في تناغم وتناسق غريب ومفزع. يقول الجندي الاسرائيلي في اعترافاته: "على الحاجز اخترعنا لعبة مسلية. كنا نفحص هوية الفلسطيني، وبدل من أن نعيدها له كنا نطيرها في الهواء. كنا نستمتع ونحن نرى الفلسطيني يخرج من سيارته لينحني حتى يأخذ بطاقته من الأرض". "كنا نحب أن نلتقط الصور دائماً، بعضها كان مضحكاً للغاية، منها صورة التقطناها مع عربي القينا القبض عليه، وكان مهشم الوجه والدماء تنزف منه بغزارة، وتغطي عينيه ووجنتيه". هل يوضح هذا لمَ كان الجنود الأميركيون يبتسمون لكاميرات زملائهم وهم يصورونهم حين يقومون بتعذيب سجناء أبو غريب واهانتهم؟ هل يبين لنا هذا لمَ كانوا يحتفظون بمثل هذه الصورة كخلفيات دائمة على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم. تابعوا، فالتفاصيل المقبلة أكثر تطابقاً وتقزيزاً، يكمل الجندي الإسرائيلي فظائعه: "كنت نائماً عندما أيقظني زميل لي ودعاني الى التسلي بأربعة من الفلسطينيين استوقفهم على الحاجز. وبعد أن ظل زميلي يركلهم ويشتمهم أطلق سراح ثلاثة منهم، واستبقى الرابع وأمره أن يركع وينبح كالكلب. ولم يطلق سراحه إلا بعد أن نفذ ما طلبه منه". هل يستدعي هذا المشهد صورة ما؟ صورة تلك الجندية الأميركية، البغيضة الوجه والكريهة الابتسامة وهي تحيط رقبة سجين عراقي - عار تماماً - بسلسلة طويلة، مماثلة لتلك التي توضع في أعناق الكلاب، منتزعة منه في بساطة بقايا انسانية في نفسه تهشمت وتلاشت. مصر - محمد هشام عبيه [email protected]