يشهد الجنوب غداً أشد الانتخابات البلدية ضراوة بعد تعذّر التوافق بين "حزب الله" وحركة "أمل" في أكبر البلدات الشيعية واستحالة التفاهم في صيدا بين تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة رفيق الحريري من جهة ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد وحليفه الدكتور عبدالرحمن البزري من جهة أخرى، وبلوغ المبارزة ذروتها في جزين بين النائب سمير عازار وحليفه كميل سرحال والقاضي المتقاعد مارون عزيز وبين معارضيه في "لقاء قرنة شهوان" والتيار الوطني الحر - العماد ميشال عون - والنواب السابقين ادمون رزق وسليمان كنعان ونديم سالم ومن ثم تعرّض التوافق في حاصبيا الى انتكاسة على خلفية إعلان الحزب التقدمي عدم مشاركته في الانتخابات، مؤكداً تمسّكه بالوحدة ومشدداً على حرّية الأهالي في الاختيار في ظل الواقع الجديد. توقفت المفاوضات منذ ليل أول من أمس بين "حزب الله" وحركة "أمل" في الجنوب والتي كانت تهدف الى توسيع رقعة الائتلاف البلدي لتشمل البلدات الكبيرة النبطية، صور، بنت جبيل، الخيام، ميس الجبل، عيترون، الغازية التي تتألف مجالسها من 18 عضواً وما فوق، واضطر إمام بلدة النبطية الشيخ عبدالحسين صادق الى وقف مسعاه التوفيقي وتمسك حزب الله بأن يعطى نصف عدد أعضاء المجلس البلدي زائد واحد وطرح خصومه اسناد رئاسة البلدية الى شخص مستقل. لكن المفاجأة كانت في انسحاب الحزب الشيوعي من تحالفه مع "حزب الله" في النبطية، وتردد ان الأخير اشترط عليه سحب مرشحيه من اللوائح المدعومة من أمل في صور وميس الجبل وبنت جبيل وإلا لن يكون له مكان في لائحته، بينما أشيع في البلدة ان قيادة "الشيوعي" سحبت مرشحيها انسجاماً مع اصرارها على التحالف مع الحركة في معظم البلدات، اضافة الى مراعاتها للشيخ صادق الذي حاول التوفيق ولم يفلح ولاحقاً أعلن صادق عن لائحة في النبطية تبنتها "أمل" وتضم ممثلي العائلات و"القومي" و"الشيوعي" أما في بنت جبيل فقد تعثّر التوافق نظراً الى أن "حزب الله" أصرّ في جميع طروحاته على ان يضمن رئاسة البلدية لمرشحه، كما حصل في بلدة الخيام حيث يتحالف مع رئيس المنبر الديموقراطي النائب السابق حبيب صادق وتيارات يسارية والشيوعي الذي هدد بتجميد عضوية مسؤوليه في البلدة في حال إصرارهم على التحالف مع الحزب الذي يرشح علي زريق لرئاسة البلدية. وفي صور، كانت الجهود الوفاقية توقفت منذ أكثر من أسبوع وسارع الطرفان الى الاعلان عن لوائحهما، وتوصّل الحزب الى تفاهم مع التيارين الأسعدي كامل الأسعد والخليلي أولاد النائب السابق الراحل كاظم الخليل. وأمام هذا المشهد يتوقع حصول خروق على رغم ان مصادر الحزب تتصرّف وكأنها الأقوى. وفي بلدة حاصبيا، قرّر الحزب التقدمي عدم المشاركة في الانتخابات وعزا السبب الى رغبته في التمثيل المتنوّع والمنتج الذي يعبّر عن الوحدة الأهلية والمشاركة الواسعة لكن رغباته تعرّضت في الأيام الأخيرة لمحاولات تركيب لائحة تسوية خارج الأسس المرتكزة الى الكفايات. في هذا السياق، قالت مصادر في التقدمي ل"الحياة" ان رغبة رئيسه وليد جنبلاط في التوافق مع الحزبين القومي والديموقراطي اللبناني الوزير طلال ارسلان والنائب أنور الخليل اصطدمت بإصرار الحزب القومي على تسمية ممثلين للمسيحيين على حساب مرشحين آخرين أكثر كفاية. وفي صيدا، انحصرت المنافسة بين لائحة يدعمها الحريري والجماعة الإسلامية ضد أخرى تحظى بتأييد سعد والبزري و"حزب الله". وتوقعت أوساط صيداوية ان تشهد المدينة معركة كسر عظم ليس بسبب اشتداد المنافسة فحسب وإنما لأنها باتت سياسية بامتياز يراد منها اختبار القوة الأقوى في عاصمة الجنوب قبل عام من الانتخابات النيابية خصوصاً أن المعركة تدور على قاعدة التبدّل في التحالفات اذ ان البزري يخوض للمرّة الأولى معركة ضد تيار الحريري. وكان الحريري دعا أبناء المدينة للنزول بكثافة الى صناديق الاقتراع والتصويت للائحة الوفاء لصيدا من أجل ايصال مجلس بلدي منسجم يعمل لحل مشكلات المدينة. وأصدرت قيادة حزب البعث في الجنوب بياناً أمس أكدت فيه تحالفها مع "حزب الله" في مختلف أنحاء الجنوب، وفي النبطية على وجه الخصوص لافتة الى ترشيحها الدكتور كمال جابر على لائحة أبناء النبطية.