لا تشبه انجامينا اياً من مدن وسط القارة الاخرى اثر الحروب الطويلة تركت اثارها على واجهات شارع شارل ديغول الرئيس في المدينة. ففي عاصمة تداولها المحاربون ككرة ثلج على مدى ثلاثة عقود قبل ان تضع الحروب اوزارها، تبدو وتيرة النمو متواضعة. الشوارع مملوءة بالحفر والكهرباء تنقطع على مدى ساعات النهار. يحدث كل ذلك وتشاد تنتظر موارد النفط التي قد تجعل منها اغنى دول المنطقة على الاطلاق. في القصر الرئاسي حيث تربض عشر مركبات مصفحة من نوع هامر جلبت خصيصاً لتنقلات الرئيس ادريس ديبي يقول ضابط في حرس الرئيس: "لدينا منها عدد آخر. انها الافضل لراحة الرئيس وأمنه" الذي يبقى في سلم الاولويات في بلد لا تزال جذوة التمرد تتقد في اطرافه بدءاً من الشرق والوسط حيث القبائل العربية، او الجنوب حيث الثروة وتوابل الانفصال. وعلى رغم هذا الجو الذي لا يوحي باستقرار، ما زال الحالمون بالثروة يتدفقون على البلد الذي اصبح الدورادو جديدة بعد الاعلان عن استغلال النفط وتسويقه بفضل استثمار شركات اميركية. واذا كان الاميركيون فضلوا الاستثمار في النفط دون سواه فان ليبيا التي ظلت تشاد غصة في حلقها تريد ابراز وجه جديد لها. وتتضمن الاستثمارات التي اقامتها "شركة الاستثمارات الليبية الخارجية" في نجامينا فندق خمس نجوم بني على اطراف بحيرة شاري وشركة للمياه المعدنية ومصارف وفنادق اخرى". وبين اميركا وليبيا تبدو فرنسا الغائب الاكبر عن الكعكة التشادية على رغم ان آلاف الجنود الفرنسيين يعسكرون في احدى قواعدها المتقدمة في المنطقة. ولم تحصل الشركات الفرنسية على رخص استغلال النفط ولا على عقود بناء اطول خط للانابيب يربط آبار النفط بموانئ تصديره في الكاميرون، وان كانت تأمل في الحصول على بعض عقود اعمار بلد يحتاج الى كل شيء. لكن بعض المحللين يرون ان فرنسا تنتظر الوقت المواتي للدخول على الخط. وبين صراع الشركات واطماع الدول ومخاوف عدم الاستقرار يتدفق الكثيرون من بلدان الجوار الافقر املاً في جني بعض بركات النفط. مواطنون من افريقيا الوسطى ومن الكاميرون يتزاحمون للعمل في الشركات التي فتحت ابوابها، وغالبيتهم تعمل في الحراسة حيث لا يزال الامن مشكلة كبرى في العاصمة، والبعض الاخر في مهن صغيرة ترتبط بتكرير النفط. لعنة النفط التي دفعت التشاديين الى التقاتل على مدى اربعة عقود تظلل اجواء بلدهم اليوم على رغم جو الاستقرار النسبي. وبحسب البعض فان الرئيس ديبي قد لا يحتاج الى عشر عربات "هامر" فقط وانما الى عدد اكبر بوزن القوة التي تصنعها لحماية الثروة من عين الحسد واطماعها وسلاحها...