عانى سكان القرى الفقراء أكثر من غيرهم من الحرب التي تجتاح غرب السودان القاحل. ولكن الرجال المسلحين الذين يمتطون أحصنتهم وينهبون القرى ويُرهبون سكانها المحليين يُقلقون أيضاً الولاياتالمتحدة. فالهجمات، وهي جزء من النزاع الذي تعاني منه منطقة دارفور منذ بدايات 2003، بدأت تعرقل جمع محصول سائل شجرة نادرة هي الصمغ العربي. وتدخل السوائل المستخرجة من هذه الشجرة في صناعة كل شيء تقريباً، من المشروبات الغازية الى مساحيق التجميل الى الأدوية. وتفرض الولاياتالمتحدة منذ 1997 عقوبات اقتصادية ضد السودان احتجاجاً على روابط هذه الدولة بإرهابيين. ولكن لأن محصول شجرة الصمغ العربي نادر جداً، فإنه أُعفي من هذا الحظر بناء على الحاح القادة التجاريين الأميركيين. ويُنتج السودان أكثر من ثلثي المعروض العالمي من هذه النبتة. لكن المشكلة الآن في جنوب دارفور، وهي منطقة منتجة للصمغ العربي شرّد العنف فيها أكثر من مليون شخص، ان المزارعين الفقراء الذين يجمعون عادة السوائل من هذه الشجرة باتوا يخافون القيام بهذا العمل. ويُضاف الى ذلك ان النازحين يلجأون الى قطع هذه الأشجار لحاجتهم الى الأخشاب. وقال المسؤول الحكومي في جنوب دارفور محمد الحسن علي: "إنها مشكلة كبيرة ... محصول العام الماضي كان متراجعاً عما قبله ونحن قلقون على محصول هذه السنة". ويقول مسؤولون في هذه الصناعة ان الانتاج انخفض قرابة 60 في المئة في الموسم الذي انتهى للتو. وأرجعوا السبب في ذلك الى الجراد وندرة الأمطار، قائلين ان انعدام الأمن يزيد المشكلة ايضاً. ويعني انخفاض العرض في الأسواق ان الشركات التي تعتمد على الصمغ السوداني في صناعتها، مثل "كوكا كولا" و"فايزر"، ستدفع أسعاراً أعلى بكثير مما كانت تدفع حتى الآن. وقال مسؤول في شركة تستورد الصمغ السوداني وتكرره وتعيد بيعه ان الأسعار ارتفعت "مئة في المئة". وبات مستوردو هذه المادة يتابعون آخر تطورات محادثات السلام السودانية على أمل ان تؤدي الى تهدئة الأوضاع.