عندما أوقفت ايران صناعة صيد اللؤلؤ عام 1997 كانت تعلم أن مياه الخليج الضحلة تخفي تحتها امكانات تصديرية هائلة تتمثل في الروبيان الجمبري وأكبر مكمن للغاز الطبيعي في العالم. وسجلت صادرات الروبيان نمواً كبيراً لكن شحنات الغاز من الجمهورية الاسلامية، صاحبة ثاني أكبر احتياطات من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا، مازالت في حال ركود. وقال مسؤول من"الشركة الوطنية الايرانية لتصدير الغاز"طلب عدم نشر اسمه:"مازال أمامنا شوط طويل". وأضاف:"نحن نملك 18 في المئة من الاحتياطات العالمية لكن حصتنا من الانتاج ثلاثة في المئة فقط". وتبني ايران آمالها على استغلال حقل جنوب فارس العملاق في الخليج لتصدير الغاز الطبيعي المسال عن طريق ناقلات خاصة. ويطلق على الغاز الطبيعي المسال لقب"وقود المستقبل"باعتباره بديلاً أنظف للنفط. وسألت"رويترز"ركن الدين جوادي العضو المنتدب للشركة عن توقيت وصول الغاز الايراني المسال الى الاسواق، فقال انه لن يصدر قبل مرور خمس سنوات أخرى. وأضاف:"أتوقع ان يكون ذلك في أوائل سنة 2009". وعلى النقيض، فإن قطر التي يشترك حقلها الشمال في مكمن واحد في باطن الارض مع حقل جنوب فارس الايراني تصدر الآن 15 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال. وقال جوادي ان جمود العلاقات مع الولاياتالمتحدة أخر مشاريع الغاز الطبيعي المسال. وأضاف:"الحقيقة أننا محرومون من تكنولوجيات معينة. الكثير منها أميركي لا تمكننا الاستفادة منه". وتخشى شركات النفط الاجنبية الكبرى من الاستثمار في بلد ليست متأكدة من عمق المعرفة التكنولوجية فيه. وقال جوادي:"علينا أن نثبت قدراتنا الفنية في معالجة المشاريع. فالعالم لا يعتقد حتى الان ان لدينا القدرة". ولم توقع ايران سوى مشروع واحد من أربعة مشاريع مع شركات أجنبية لانتاج الغاز الطبيعي المسال. وقال وزير النفط بيجان نمدار زنقانة انه سيتم ربط مشاريع الغاز المسال بتطوير مراحل حقل جنوب فارس. وهذا يعني أنه لن يبدأ العمل في المراحل من 11 الى 13 من حقل جنوب فارس الى أن تضمن الشركات الاجنبية مشاريع في مجال اسالة الغاز. ووقعت شركتا"توتال فينا الف"الفرنسية و"بتروناس"الماليزية اتفاقاً في شباط فبراير لتكوين"شركة فارس للغاز الطبيعي المسال"بالمشاركة مع"شركة النفط الوطنية الايرانية". وهذا المشروع يرتبط بتطوير المرحلة رقم 11 من الحقل الذي يتوقع ان تفوز به"توتال فينا الف"قريباً. وتتطلع شركتا"رويال داتش/ شل"الهولندية البريطاهية و"ريبسول"الاسبانية لتأسيس"شركة فارس للغاز الطبيعي المسال"لاستغلال المرحلة 13 من حقل جنوب فارس. وتبحث شركتا الغاز البريطانية"بي جي"والنفط البريطانية"بي بي"عن دور لهما في مشاريع أخرى. وتستمر المفاوضات الشاقة. وقالت مصادر في شركات اوروبية ان سنة 2009 تمثل توقيتاً واقعياً لبدء تصدير الغاز، مادامت ايران تتحرك بسرعة لبناء أسطول من ناقلات الغاز المتخصصة وشراء الصهاريج اللازمة لتخزين الغاز. وذكر مسؤولون ايرانيون ان الغاز الطبيعي المسال لن يلبي الطلب المزدهر في الصين والهند فحسب، بل في الولاياتالمتحدة التي ستؤدي حاجتها لموارد الطاقة الى تقارب ديبلوماسي بين الطرفين. وقالت احدى شركات تجارة النفط التابعة للدولة في الصين في شهر آذار مارس الماضي انها وقعت مذكرة تفاهم مع ايران لاستيراد أكثر من 110 ملايين طن من الغاز المسال على مدى 25 عاماً بقيمة 20 بليون دولار. وتعمل ايران أيضاً على تصدير الغاز الطبيعي المسال الى الدول المجاورة، الا أنها لم تبرم سوى صفقات محدودة، كما أن تركيا التي وقعت اتفاقاً لاستيراد الغاز من ايران تهدد باللجوء الى محكمة دولية متهمة ايران بتقاضي ثمن مرتفع للغاية للغاز. ومن المتوقع ان يبرم وزير النفط الايراني اتفاقاً لتصدير الغاز الى أرمينيا قريباً في خطوة ذات أهمية سياسية وتجارية في آن واحد. وتتطلع ايران لتأكيد مصالحها في قطاع الطاقة في منطقة القوقاز حيث تسعى الولاياتالمتحدة لفرض نفوذها من خلال خط أنابيب تبلغ استثماراته ثلاثة بلايين دولار من باكو الى ميناء سيهان التركي على البحر المتوسط. وقال مسؤولون كبار ان ايران ابرمت عقوداً لتوريد أكثر من 11 مليون متر مكعب من الغاز يومياً الى الامارات. وقال مسؤولون آخرون ان ايران مازال أمامها شهور قبل ابرام اتفاق مع الكويت لتصدير الغاز اليها. وسيستغرق بناء خطوط أنابيب لتوريد الغاز للدول المجاورة نحو عامين.