رفع صندوق النقد الدولي سقف توقعاته في شأن آفاق الاقتصاد العالمي ولاحظ بأن الانتعاش الاقتصادي القوي، الذي بدأ في الولاياتالمتحدة بعد انتهاء الأعمال العسكرية الرئيسية في العراق، واتسع نطاقه مع انحسار وباء الالتهاب الرئوي الحاد سارز في النصف الثاني من العام الماضي، احتفظ بالكثير من قوته في الشهور الأخيرة وأصبح من المتوقع نمو الناتج العالمي بنسبة 4.5 في المئة تقريباً سنوياً في السنتين الجارية والمقبلة. أكد صندوق النقد احتمال تسارع وتيرة النمو الاقتصادي بأكثر مما هو متوقع في المدى القصير، لكنه حذر في تقرير"آفاق الاقتصاد العالمي"مساء الأربعاء من تحديات ومخاطر أهمها ضرورة ايجاد حل منظم لعجز الحساب الجاري الأميركي ومعالجة الآثار المتوسطة الأجل للعجوزات المالية التي يعانيها كثير من الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة وتنظيم عملية الانتقال المرتقب لرفع أسعار الفائدة الرسمية. انتقاد عدم رفع الفائدة على الدولار وفي اشارة واضحة الى مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الأميركي أبدى صندوق النقد تفهمه لرغبة السلطات النقدية في تأخير عملية رفع أسعار الفائدة أطول فترة ممكنة، وقال ان"لدى صانعي السياسة النقدية حاجة للاستمرار في ضمان أن الانتعاش الاقتصادي سيكون مستداماً"، إلا أنه شدد على"تعاظم الحاجة للتركيز على التحديات والمخاطر"خصوصاً إعادة شحن السياسة النقدية تحسباً للصدمات غير المتوقعة. وعكس موقف صندوق النقد انتقادات حادة تتعرض لها السياسة النقدية لواشنطن من قبل عدد من كبار الاقتصاديين الأميركيين الذين يحذرون من خطورة التأخر في تقييد السياسة النقدية على رغم قوة الانتعاش الاقتصادي إذ يعتقدون بأن مجلس الاحتياط، الذي خفض كلفة الاقتراض عبر خفض سعر فائدته الى مستوى تاريخي لإنقاذ الاقتصاد وأسواق المال من الآثار المدمرة لانفجار فقاعة التكنولوجيا، انما يغامر بظهور فقاعات خطيرة لا يملك الكثير من أدوات السياسة النقدية لمواجهتها. إلا أن رئيس مجلس الاحتياط آلان غرينسبان أكد في شهادة أمام لجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ أول من أمس أن الاقتصاد الأميركي تجاوز كلياً خطر الوقوع في فخ انكماش الأسعار، ما اعتبره محللون وحتى أسواق المال الأميركية مؤشراً على قرب موعد بدء عملية تقييد السياسة النقدية حيث أن التضخم الذي تزايدت مؤشراته في الآونة الأخيرة أصبح العامل الوحيد الذي سيقرر اتجاه سعر الفائدة. وتعتبر المستويات الحالية لأسعار الفائدة في معظم الدول الصناعية قياسية أو قريبة من مستوياتها التاريخية وهي صفر في اليابان وسويسرا وواحد في المئة في الولاياتالمتحدة منذ حزيران/ يونيو الماضي و2 في المئة في منطقة اليورو وكندا و4 في المئة في بريطانيا. ولفت صندوق النقد الى المخاطر المرتبطة بالاختلالات التجارية والمالية الأميركية مؤكداً بأن المخاوف من ضخامة عجز الحساب الجاري الأميركي، الذي ارتفع بمقدار 61 بليون دولار ليصل الى 542 بليون دولار أي نحو 5 في المئة من الناتج المحلي الأميركي سنة 2003، كانت وراء استمرار انخفاض الدولار بعد قمة مجموعة الدول الصناعية الكبرى في أيلول سبتمبر الماضي. لكنه لاحظ بأن عملية تصحيح أسعار الصرف اتسمت حتى الآن بالانتظام ولم تؤثر بشكل ملحوظ في أسواق المال. مكاسب الدولار مقابل اليورو وحقق الدولار أخيرا بعض المكاسب مقابل اليورو وعدد من العملات الرئيسية الا أنه لم يفعل أكثر من تقليص الخسائر التي لحقت به منذ ذروة شباط فبراير عام 2003 الى 12 في المئة مقابل عملات كل الشركاء التجاريين لأميركا والى 22 في المئة مقابل العملات الرئيسية والى 38 في المئة مقابل اليورو. وعزا محللون بعض أسباب هذه المكاسب الى تدخل المصارف المركزية الآسيوية في أسواق الصرف وتكثيف استثماراتها الرسمية في السندات الأميركية. أسعار النفط وفي تطور ملفت يكاد يكون غير مسبوق وجدت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك بعض المساندة لوجهة نظرها اذ أشار صندوق النقد الى الدور الذي لعبته أسواق الصرف في ارتفاع أسعار السلع، وشدد على أن جزءاً كبيراً من الارتفاع الذي سجلته أسعار النفط الخام منذ أصدر تقريره السابق في أيلول الماضي جاء كرد فعل على انخفاض أسعار صرف الدولار، ما ساهم في الحد من تأثر انتعاش الاقتصاد العالمي. وذكر صندوق النقد أن الانتعاش الاقتصادي يبدو قائماً في كل مناطق العالم الا أن هناك تبايناً كبيراً في وتيرته وطبيعته مشيراً الى أن الاقتصادات الناشئة في آسيا، خصوصا الصين وكذلك الاقتصاد الأميركي، حققت حتى الآن أسرع نمو بينما يبدو مسار الانتعاش في منطقة اليورو الأكثر هشاشة بسبب ضعف الاستهلاك المحلي وتراجع بعض مؤشرات الأداء الاقتصادي الرئيسية في الشهور القليلة الماضية. ورفع صندوق النقد توقعاته عن نمو الناتج العالمي من 4.1 في المئة في تقرير أيلول الماضي الى 4.6 في المئة في التقرير الجديد. وعلى رغم توقعه الآن تراجع نسبة النمو قليلا الى 4.4 في المئة السنة المقبلة، وبسبب قوة توقعات النمو للسنة الجارية، لكنه كشف بأن الأداء الفعلي لعام 2003 جاء أفضل بكثير من توقعاته حيث ارتفع الناتج العالمي بنسبة 3.9 في المئة بينما كانت النسبة المتوقعة لا تزيد على 3.2 في المئة. وستأتي أكبر مساهمة في أداء الاقتصاد العالمي من الاقتصاد الأميركي الذي يشكل 30 في المئة من الناتج العالمي ويتوقع الآن أن يحقق نمواً بنسبة 4.6 في المئة السنة الجارية بالمقارنة مع 4 في المئة في أيلول و3.9 السنة المقبلة. لكن منطقة اليورو التي لا يقل ناتجها المحلي ضخامة عن الناتج الأميركي انخفضت توقعاتها من 1.8 الى 1.7 في المئة السنة الجارية وان كان من المتوقع تسارع نموها الى 2.3 في المئة السنة المقبلة. توقعات نمو الناتج المحلي نسبة مئوية البلد 2004 2005 العالم 4.6 4.4 أميركا 4.6 3.9 منطقة اليورو 1.7 2.3 المانيا 1.6 1.9 فرنسا 1.8 2.4 ايطاليا 1.2 2.0 اسبانيا 2.8 3.3 بريطانيا 3.5 2.5 اليابان 3.3 1.9 روسيا 6.0 5.3 الصين 8.5 8.0 الهند 6.8 6.0