سموم في الفواكه والخضار وهورمونات في اللحوم وأسماك اصطناعية لم تعرف البحر ودواجن تأكل طحين عظامها. المستهلكون هذه الايام يريدون طعاماً لذيذاً ورخيصاً ومشبعاً، وفي الوقت نفسه يريدونه صحياً. فهل يمكن الجمع بين المطلبين؟ في ما يأتي أضواء على الصراع بين الصحة والشهية. "هناك جريمة حقيقية ترتكب في حق المستهلك!" كلام وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني مروان حمادة في يوم المستهلك العالمي في 15 آذار مارس 2004 حمل مدلولات كثيرة، فهو أقر بأن "وزارة الاقتصاد تتعرض يومياً لضغوط من نافذين في كل المجالات لتمرير هذا الكونتينر المستوعب أو للتغاضي عن ماركات تحمل الاسم نفسه لكنها لا تحمل المواصفات عينها، وهذا الأمر يشكل خطراً أساسياً على المواطن". وأكد أن "هذه الآفة ليست لبنانية فحسب، بل عالمية وتعاني منها معظم البلدان". ولا شك في أن ضوابط "التمرير" وضمان الجودة يجب أن تسري على جميع المواد الاستهلاكية، المستوردة والمنتجة محلياً. لكن أقواها يجب أن يسود سوق المأكولات والمشروبات التي نتناولها يومياً بكل ما فيها من تأثير مباشر على سلامتنا. ووضعت الدول المصنعة والمستوردة ضوابط لجودة الأغذية، لكن هذه الضوابط لا تطبق دائماً، لأن هناك سبلاً للالتفاف عليها. الغذاء سلعة تجارية تتداولها الصناعة حول العالم بغية الربح، وعلى حساب صحة المستهلك أحياناً كثيرة. ومع ارتفاع مستوى المعيشة وسرعة المواصلات وانتشار المجمعات التجارية، ازدادت الاطعمة المصنعة وارتفع استهلاكها. والمستهلك الذي يواجه كل هذه الضروب من الاطعمة يتساءل عما اذا كانت تحمل اليه الصحة أم الضرر. وفي خضم الثورة الانتاجية التي تعم العالم، أين نحن من المؤثرات التي دخلت طعامنا، من الملونات والمنكهات والمواد الحافظة والهورمونات والمضادات الحيوية الى فنون الهندسة الوراثية وألاعيب الشركات ومسببات التسمم الغذائي وأكل المطاعم والوجبات السريعة والجاهزة التي باتت تعرف ب"الطعام المريح"؟ كيماويات وهورمونات ومضادات استعملت المضافات الغذائية منذ قرون. اذ استخدم أسلافنا الملح لحفظ اللحوم والأسماك، وأضافوا الأعشاب والتوابل لتحسين نكهة الأغذية، وحفظوا الفواكه بالسكر كالمربيات، والخضار بالخل كالخيار. لكن مواد كيماوية صناعية باتت تدخل في تركيبة المنكهات والملونات والمواد الحافظة، فتتراكم في أجسامنا وتؤثر في صحتنا مع الوقت. والمتممات الغذائية التي تضاف الى الطعام لتعويض نقص المغذيات أو الفيتامينات بلغت مبيعاتها نحو 20 بليون دولار سنة 2003، وهي تنمو بنسبة 10 في المئة سنوياً. وتستعمل هورمونات النمو لتعجيل نمو المواشي والدواجن وزيادة انتاجها من اللحم والحليب والبيض وتحسين كفاءة علفها. فهي تكسبها وزناً بسرعة أكبر وبكلفة انتاج أقل، كما انها تقلل نسبة الدهون في اللحم مما يرضي المستهلكين. ويقدر ان أكثر من 90 في المئة من مربي المواشي والدواجن في المزارع يستعملون الهورمونات. وثمة مخاوف وتحذيرات من تأثير هذه الهورمونات في المستهلكين عبر الاخلال بالنظام الهورموني البشري. ولكن ليس هناك دليل قاطع، مثلاً، على أن حليب الحيوانات المعالجة بهورمون زيادة الانتاج يضر المستهلكين، مع أن نوعيته قد تسوء قليلاً بسبب ازدياد حالات التهاب ضروع البقر المرتبطة باستعماله. وحتى لو افترضنا ان استعمال هورمونات النمو في المواشي والدواجن لا يسبب مشكلة صحية للمستهلكين، اذا ظل ضمن الحدود المرسومة، فتبقى لاستعمالها من دون ضوابط محاذير كثيرة، خصوصاً في البلدان النامية. ويزداد استعمال المضادات الحيوية المقاومة لأمراض المواشي، وأحياناً في صورة غير مشروعة، مما يزيد من وجود الجراثيم المقاومة لهذه المضادات. والمستهلكون الذين يصابون بهذه الجراثيم قد لا يتمكنون من الشفاء بسرعة، وربما أبداً، لازدياد مناعة اجسامهم للمضادات الحيوية. ولدى بعض البلدان برامج لمراقبة مخلفات العقاقير في الغذاء، لكن هذه البرامج ليست فعالة دائماً. ثورة الهندسة الوراثية بدأت الثورة الانتاجية في ميدان الزراعة مع الباحث الزراعي البريطاني تشارلز تاونسند، الذي أرسى في القرن الثامن عشر الاساس لتعاقب المحاصيل. وحلت الأسمدة الكيماوية محل الاسمدة العضوية منذ القرن التاسع عشر. وباتت المبيدات الكيماوية ترش بكثافة للقضاء على الآفات. وبعد الحرب العالمية الثانية، أدت زراعة أنواع قزمة من القمح والرز حلت مشكلة المبالغة في تسميد المحاصيل بحيث تنمو الى ارتفاعات كبيرة حتى تنحني أرضاً فتهلك الى زيادة الانتاج في البلدان النامية. هذه "الثورة الخضراء" ساعدت على اطلاق "ثورة الماشية" المستجدة. وأدى ارتفاع المداخيل وتوسع المدن وانخفاض أسعار الاغذية الى تزايد استهلاك اللحم والحليب في البلدان النامية. وفي 1997، بلغت أسعار لحم البقر ثلث مستواه عام 1971. وخلال تلك الفترة ذاتها ارتفع استهلاك اللحم في البلدان النامية خمسة أضعاف، أي ثلاث مرات أسرع منه في البلدان المتقدمة، وارتفع استهلاك الحليب ثلاثة أضعاف. ومع بداية ثمانينات القرن العشرين، تضاءل التقدم في التأصيل التقليدي للنباتات، وأتاحت الهندسة الوراثية ادخال تعديلات بواسطة الحمض النووي DNA لا يتيحها التأصيل التقليدي. وعلى رغم موجة الذعر المستمرة في أوروبا من العواقب المحتملة لهذه التكنولوجيا، فان الهندسة الوراثية آخذة في الانتشار. وتتصدر الولاياتالمتحدة بلدان العالم في انتاج المحاصيل المعدلة وراثياً. وقدرت احصاءات حديثة أن 60 في المئة من الاغذية المطروحة في الاسواق تدخل في تركيبتها محاصيل معدلة وراثياً. في العام 2003، أقر البرلمان الاوروبي قوانين تفرض لصق رقع بيانية على جميع الاغذية المعدلة وراثياً، في خطوة قد تدفع الاتحاد الاوروبي الى رفع الحظر الذي فرضه عام 1998 على محاصيلها. ووافقت بريطانيا أخيراً على زراعة الذرة المعدلة وراثياً لأغراض تجارية وبشروط صارمة، فاتحة الباب أمام انتقادات دعاة حماية البيئة. وقالت وزيرة البيئة مارغريت بيكيت: "ليس هناك سبب علمي لموافقة شاملة على كل استخدامات المحاصيل المعدلة وراثياً. ولكن بالمقدار ذاته، ليس هناك سبب علمي لحظر شامل على استخدام المحاصيل المعدلة وراثياً". ويسود الاوساط الصحية جدل حاد حول سلامة هذه الاغذية بالنسبة الى الانسان. ويقول مؤيدو الهندسة الوراثية ان هذه التكنولوجيا تخفض النفقات وتزيد المحاصيل وتقلل الحاجة الى المبيدات الكيماوية وتساعد على اطعام جياع العالم. أما معارضوها فيتخوفون من أخطارها الصحية والبيئية. وأشارت بحوث حديثة الى أن الاغذية المعدلة وراثياً يمكن أن تتسبب في موت فئران التجارب باكراً، وقد تكون سبباً لاصابة بعضها بالسرطان. وبينت دراسة أجرتها جامعة جون هوبكنز الاميركية قبل سنتين أن المورثات المستخدمة في الاغذية يمكن أن تدخل أعضاء الانسان وتستقر فيها بشكل دائم، بعدما عثر العلماء على عدد من المورثات المستخدمة في الهندسة الوراثية في خصي فئران وحتى في خصي الانسان. أمراض حيوانية وبدانة بشرية وترسخت المخاوف حول الطعام وأثره في الصحة في السنوات الأخيرة لسببين رئيسين: الأول، انتشار مرض جنون البقر، وهو نتيجة "التصنيع الزراعي" الذي أدى الى خفض الأسعار، مما شجع المزارعين على اطعام أبقارهم أعلافاً تحوي منتجات حيوانية من بنات جنسها، من غير ابلاغ المستهلكين عن مكامن الخلل. كما يلجأ أصحاب مزارع الأسماك الى اطعام أسماكهم خليطاً من الأسماك غير الصالحة للبيع في شكل مسحوق. وهذا يثير مخاوف من نشوء "جنون سمكي" شبيه بمرض جنون البقر. والسبب الثاني هو البدانة، اذ أصدرت منظمة الصحة العالمية دراسة حذرت فيها الحكومات من تنامي هذا الخطر الذي يهدد الصحة العامة، ووصفت البدانة بأنها "وباء". كما حذرت وزارة الصحة الأميركية من أن البدانة ستقتل سنوياً، عما قريب، عدداً من الضحايا يساوي عدد الذين يموتون من التدخين. وثمة دعوات لاتخاذ تدابير تحد من قدرة الشركات على بيع منتجاتها "الغذائية" للأطفال. فالذين يسمنون يصعب عليهم أن ينحفوا، والأذواق تترسخ في وقت مبكر. والطعم غريزي، لكنه عادة مكتسبة أيضاً. فعندما يعتاد الناس على الأطعمة المدهنة والسكرية والمالحة، يصعب عليهم الاقلاع عنها. النقانق الرخيصة الثمن، مثلاً، تصنع من اللحم المحتوي على نسبة عالية من الدهون، يتم استخلاصه بواسطة آلة تسحق بقايا الذبيحة بعد نزع العضل والعظم وتعصرها وتستخرج ما تبقى بعد العصر. ويضاف اليها نوع من الكعك المطحون الذي يكسب النقانق قواماً ويحتبس الماء، وقليل من السكر لتحمير الطبقة الخارجية عند التحضير، وكثير من الملح لاعطائه طعماً. والنتيجة لفافة كئيبة اللون لينة ومدهنة، وغير صحية. الطعام الرخيص الثمن غالباً ما يجعل الناس يأكلون كمية أكبر. وحيث يحافظ الناس على روابط عائلية أقوى، يتناولون وجبات حقيقية، ذات محتوى أقل من المضافات الكيماوية والدهون، ويقللون من الوجبات السريعة، علماً ان الوجبة في المطعم تكلف في المتوسط ضعفي أو ثلاثة أضعاف الوجبة التي تطبخ في المنزل. المنطقة العربية تشكو من ارتفاع نسبة البدانة. وأظهرت دراسة أجراها برنامج البحوث البيئية والحيوية في البحرين أن نسبة البدانة في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 60 في المئة، وأنها أكثر انتشاراً بين النساء. ويرى خبير التغذية الكويتي وليد سلطان العيسى ان علاج البدانة لا يكون بالامتناع عن الطعام وتجويع النفس، بل بتناول الاغذية الطبيعية كالحبوب الكاملة، التي تجلب الاحساس بالشبع على رغم قلة الكمية المتناولة نسبياً. الطعام المريح عندما كانت روما في أوج مجدها، عاش كثير من مواطنيها في مجمعات سكنية خالية من المطابخ، وكانوا يشترون الطعام جاهزاً من الأكشاك، اذ ان كلفة الوقود جعلت الطبخ الجماعي أوفر من الطبخ لعدد قليل من الأشخاص. أما في هذه الأيام، فان كلفة الجهد المبذول تدفع الناس الى شراء المأكولات السريعة لعدم توفر الوقت اللازم للطبخ، فهم يفضلون صرف هذا الوقت في العمل لكسب المال. الطعام المريح ينسي الناس كيف يطبخون. والوقت الذي يصرف على الطبخ المنزلي في الغرب انخفض من 60 دقيقة في اليوم عام 1980 الى نحو 13 دقيقة. وقد تكون نسبة النساء العاملات العامل الرئيسي في هذا الصدد. وتأتي بريطانياوالولاياتالمتحدة في مقدم الدول في مجالي "الطعام المريح" والنساء العاملات. وفي الولاياتالمتحدة، حيث اقتصاد الخدمات أكثر تطوراً، يشتري الناس كميات أكبر من الطعام من المطاعم أو محلات ال"take away" ويأكلونها في سياراتهم أو منازلهم أو مكاتبهم. وتحاول محلات السوبرماركت اللحاق بالركب، بتقديم الوجبات الجاهزة والمعلبة للزبائن. وفي عصر العمل والسرعة، يزداد بيع هذه الأطعمة المبتذلة. ويبتكر مصنعو الغذاء وسائل لزيادة مبيعاتهم. فهم يوهمون المستهلك بأنهم يزودونه طعاماً أكثر مما يستحق في مقابل الثمن الذي يدفعه. وهذا يجعله يشتري أكثر، كما يجعل الحصص تكبر باستمرار. فالمرطبات التي كانت توزع بعبوات سعة 240 مليلتراً و330 مليليتراً، أصبحت تباع الآن بالسعر نفسه تقريباً في عبوات سعة 591 مليلتراً. والمطعم الذي كان يبيع وجبة طعام زنة 250 غراماً بسبعة دولارات يناسبه أن يبيع وجبة زنة 350 غراماً بثمانية دولارات، فزيادة الكلفة عليه هي قيمة الطعام التي تبلغ ربع دولار فقط. ووجد علماء التغذية أن حجم الوجبة يحدد جزئياً الكمية التي يأكلها الناس. ان انتاج كميات كبيرة من الغذاء لن يجدي ما لم يكن توزيعه ممكناً. لذلك فان تكنولوجيا التوزيع لا تقل أهمية عن تكنولوجيا الانتاج. والملح الذي يستعمل لحفظ الطعام، بحيث يمكن تخزينه وتسويقه، كان منذ زمن طويل وسيلة لتمكين التوزيع. وقد بدأ التعليب في أوائل القرن التاسع عشر، عندما اكتشف شخص فرنسي أن الطعام يمكن تخزينه مدة أطول اذا طبخ قبل تعبئته في قوارير، ثم اكتشف شخص بريطاني أن الصفيح أسهل نقلاً من القناني الزجاجية. واستعمل الجيشان البريطاني والفرنسي هذه التكنولوجيا لامداد جنودهما بالطعام في الحروب النابوليونية. واليوم تعبأ المواد الغذائية تجارياً لتدوم سنوات، مع ما يعني ذلك من استخدام أشكال وألوان من المواد الكيماوية الحافظة. فرانسيس بيكون، العالم والكاتب البريطاني، كان ضحية مبكرة لجهود تطوير تكنولوجيا التبريد. اذ مات عام 1626 اثر اصابته بذات الرئة فيما كان يجري اختباراً لحفظ طائر حشاه بالثلج. وفي 1877، أرسلت أول شحنة لحم بقري مجلد بحراً من الارجنتين الى فرنسا. وفي القرن العشرين، لم تنافس انتشار الثلاجة المنزلية الحافظة الا السيارة التي غيرت وجه البيع بالتجزئة، اذ ان سرعة الانتقال مكنت من ظهور السوبرماركت. وهذا ساعد على خفض الأسعار نتيجة ارتفاع حجم المبيعات. التسمم الغذائي مخاوف المستهلكين من أثر الطعام الشائع على صحتهم، وعلى البيئة، يزيد مبيعات المنتجات العضوية الخالية، مبدئياً، من المبيدات والأسمدة الكيماوية والهورمونات. فثمة خطر سرطاني من بقايا المبيدات في الاغذية التي نشتريها ونستهلكها. ومهما غسلنا بعض أنواع الخضر والفواكه فلن نتخلص من كل كمية المبيدات التي رشت بها. والفريز الفراولة مثل صارخ على هذه المشكلة المتعاظمة. في الولاياتالمتحدة يموت نحو خمسة آلاف شخص سنوياً من التسمم الغذائي. وشكلت سلامة الغذاء قضية ساخنة منذ تسعينات القرن العشرين، حين تناقلت وسائل الاعلام حوادث تسمم متكررة، مثل وفاة أربعة أطفال أميركيين عام 1993 بعدما تناولوا سندويشات همبرغر ملوثة. وفي بداية 2004 أفاد باحثون في جامعة هونغ كونغ أن تناول أطعمة بحرية محتوية على مستويات مرتفعة من مادة الزئبق السامة يزيد خطر العقم لدى الرجال والنساء. ويقول علماء بلجيكيون في دراسة حديثة ان المواد السامة التي تتسلل الى أجساد النساء هي من أسباب ارتفاع نسبة الاصابة بسرطان الثدي. ويتسبب استهلاك نوع من بلح البحر بموت ومرض كثيرين لاحتوائه على سم طحلبي. وتؤثر الحساسية الغذائية في نسبة صغيرة من الناس. ويقول الخبراء ان اثنين في المئة من البالغين وبين اثنين وثمانية في المئة من الأطفال لديهم حساسية حقيقية لبعض الأغذية. ولا تخلو المياه العذبة من مواد سامة، ناشئة عن التلوث العضوي أو الكيماوي، تؤدي الى وفيات وأمراض بين الناس ونفوق مواش وأحياء برية وحيوانات منزلية. ويشرب ملايين الناس، حتى في البلدان المتقدمة، مياه حنفيات ملوثة بمنتجات ثانوية كيماوية. فالكلور الذي يستخدم لتعقيم مياه الشرب، عندما يضاف الى مياه محتوية على مواد عضوية مثل الملوثات التي تحملها السيول من المزارع والحقول، يمكن أن يكوِّن مركبات مثل الكلوروفورم قد تزيد احتمالات الاصابة باضطرابات صحية مثل الاجهاض والعيوب الجنينية. ومعظم الدواجن في البلدان المتقدمة مصابة ببكتيريا السلمونيلا السامة. ففي أوروبا، 75 في المئة من الدجاج الذي يباع مصاب بهذه البكتيريا. والنسبة 60 في المئة في الولاياتالمتحدة حيث يقدر حدوث نحو مليوني اصابة بداء السلمونيات سنوياً تكلف 54,2 بليون دولار. لكن الوضع ليس على هذه الحال في السويد، مثلاً، حيث عمدت السلطات خلال 20 سنة الى قتل أي طيور مصابة بالسلمونيلا، حتى بلغت نسبة الدواجن الخالية من المرض 99 في المئة. وارتفعت كلفتها نتيجة لذلك، لكن السلطات والمستهلكين يرون أن هذا العمل يستحق التضحية بالمال. وترى منظمة الصحة العالمية أن الأمراض التي يحملها الطعام قد تكون المشكلة الصحية الاكثر انتشاراً في العالم المعاصر وسبباً مهماً لانخفاض الانتاجية الاقتصادية. وربما كان من المستحيل في هذا العصر تفادي عشرات الألوف من المواد الكيماوية التي نتعرض لها في حياتنا اليومية، ونتناول بعضها في طعامنا وشرابنا. لكننا نستطيع بلا شك تفادي تراكم كميات كبيرة من هذه السموم في أجسادنا اذا أدركنا وجودها. قال براسيلسوس، وهو صيدلاني ألماني عاش في القرن السادس عشر: "ليس هناك شيء يخلو من السم. لكن الجرعة هي التي تجعل الأشياء سامة". ينشر في وقت واحد مع مجلة "البيئة والتنمية" عدد نيسان /أبريل 2004