سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ربط التقدم على صعيد الاصلاح والديموقراطية في الشرق الأوسط بزوال الاحتلال الاسرائيلي . وزير الخارجية الروسي ل"الحياة": "خريطة الطريق" أداة مناسبة لوقف التدهور
ربط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أي تقدم على صعيد الاصلاح والديموقراطية في الشرق الاوسط بزوال الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وأوضح ل"الحياة" في حديث هو الاول منذ تعيينه وزيراً للخارجية، موقف روسيا حيال الملفات المتعلقة بتسوية الصراع في الشرق الاوسط، لافتاً إلى ضرورة التزام الطرفين تطبيق خطة "خريطة الطريق". واعرب عن تأييد بلاده خطة الانسحاب من غزة بوصفها جزءاً من تنفيذ المطالب الدولية بالانسحاب الشامل من الاراضي المحتلة. وفي ما يلي نص المقابلة: كيف تقوم روسيا حالياً الاوضاع في الشرق الأوسط والمسائل المتعلقة بالصراع العربي الاسرائيلي؟ لا أود استخدام عبارات كثيرة التكرار، لكن المؤكد ان هذا الصراع على امتداد سنوات عمره الطويلة شكل واحدة من أهم العقبات التي اعاقت استقرار المنطقة واحلال السلام فيها. والمحاولات المتكررة التي بذلها المجتمع الدولي على مدار ثلاثين سنة، ان لم نقل خمسين، للتوصل الى تسوية أسفرت عن نتائج جزئية يجب عدم التقليل من أهميتها. لقد نجح المجتمع الدولي في احلال السلام بين مصر واسرائيل، وتم توقيع اتفاق سلام مع الاردن كما وقع الفلسطينيون والاسرائيليون اتفاقات اوسلو، وانسحبت القوات الاسرائيلية من لبنان، لكن كل هذه المراحل والخطوات الايجابية بدت غير كافية من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وبالعكس من ذلك فإن العنف لم يتوقف بل تصاعد خلال السنوات الثلاث الماضية واتخذ اشكالا خطيرة ظهرت من خلال العمليات اللاانسانية ضد المدنيين الاسرائيليين وكذلك الممارسات الاسرائيلية القاسية في الأراضي الفلسطينية. وأسباب تواصل الصراع وتطوره واضحة للمجتمع الدولي كله وهي تكمن في استمرار احتلال الاراضي الفلسطينية وعدم قدرة الفلسطينيين لسبب أو لآخر على تحقيق حقوقهم الشرعية وتقرير مصيرهم بأنفسهم وانشاء دولتهم المستقلة. وطالما بقيت هذه المشاكل من دون حل فان عناصر التوتر ستستمر في الشرق الاوسط وتواصل تأجيج نيران الصراع. ومن دون معالجة هذا الجرح الدامي سيكون من الصعب الحديث عن تطور أو ازدهار في المنطقة. وهذا لا يخص الفلسطينيين والاسرائيليين وحدهم، بل ينطبق على كل شعوب المنطقة لأن عمليات الدمقرطة والاصلاحات ستصطدم مرة بعد مرة بحائط من عدم الثقة، وهذا الحائط يتكرس اليوم في شكل واضح بعد ان امتلأ بكم كبير من الذكريات المؤلمة في نفوس أبناء المنطقة. ألا تعتقدون ان الوضع الذي تعيشه المنطقة يعد دليلاً على عجز المجتمع الدولي الذي يرى كثيرون ان تأثيره على مجريات الأحداث ضعيف وتفاعله ليس متكافئاً مع حدة الأزمة، كما انه لا يقدم مبادرة شاملة وقادرة على بعث الروح في عملية السلام؟ لا يمكن الموافقة تماماً مع وجهة النظر هذه. اننا ننطلق من قاعدة ان السلام لا يمكن ان يتكرس من دون ارادة شعوب المنطقة نفسها، عليهم الفلسطينيون والاسرائيليون ان يصلوا الى قناعة كاملة بعدم جدوى حل الصراع عن طريق استخدام القوة، وان اي حل قابل للحياة ينبغي ان يأتي عبر عملية سياسية. الاسرائيليون ينبغي ان يصلوا الى قناعة بأن احتلال الأراضي الفلسطينية يضر مصالح اسرائيل ولا يعزز أمنها، وفي الوقت نفسه فإن على الفلسطينيين ادراك ان الارهاب يسيء الى مطالبهم العادلة ويؤخر امكان تحقيقهم للاستقلال الكامل. أريد أن اؤكد مرة أخرى رفضنا القاطع اي محاولات لحل الصراع عن طريق القوة وباستخدام أساليب الارهاب. اما في ما يتعلق بالمجتمع الدولي الذي تشكل روسيا جزءاً منه، فإنه يمكن أن يسهم بدرجات متفاوتة في التوصل الى السلام المنشود في المنطقة. وخطة "خريطة الطريق" التي اقرت بعد جهود كبيرة بذلتها روسيا وبمشاركة اعضاء اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدةوروسيا، تشكل أداة مناسبة لمواجهة الوضع المتدهور. ومن دون الخوض في بعض التفاصيل التي جاءت نتيجة لتأثيرات الوضع العام اشارة الى التحفظات الاسرائيلية، فإن التوجه الأساسي للمبادرة هو السير خطوة خطوة نحو تعزيز السلام وبناء دولة فلسطينية مستقلة تعيش بأمن وسلام الى جانب اسرائيل عن طريق المفاوضات والاتفاق على حلول وسط للقضايا المختلفة، وهذا التوجه يبقى هو الأساس وما برح محافظاً على مضمونه وأهميته. كيف ترى روسيا المعايير والأسس التي ينبغي ان تقوم عليها التسوية الشرق الأوسطية؟ القاعدة العامة للتسوية هي حسب قرارات مجلس الأمن الرقم 242 و338 و1397 و1515 والتي تضمن عبر تطبيقها قيام دولتين اسرائيلية وفلسطينية بحدود آمنة ومعترف بها دولياً. أما في ما يتعلق بمسائل الوضع النهائي للتسوية التي تشكل عقدة الحل مثل الحدود ومستقبل المستوطنات وقضية اللاجئين، اضافة الى مسائل الأماكن المقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين ووضع مدينة القدس، فإن حلول كل هذه المشاكل كما نصت "خريطة الطريق" يجب ان تكون عبر اتفاق يتوصل اليه الطرفان وينبغي ان يكون عادلا وواقعياً ويأخذ في الاعتبار المشاكل السياسية والدينية للطرفين. وظهر بعد طرح "خريطة الطريق" عدد من الخطط والاقتراحات غير الرسمية للتوصل الى تسوية نهائية للصراع، ومن بينها "اتفاقية جنيف" الشهيرة التي حملت كثيرا من النقاط المحددة التي تتعلق بمسائل التسوية النهائية، وهذه الأفكار يمكن استخدامها لاحقاً في اطار المفاوضات بين الجانبين على الوضع النهائي، وهي المفاوضات التي نصت "خريطة الطريق" على موعد للشروع بها. ومن الطبيعي انه يمكن استبعاد خلافات خلال مناقشة هذه المشاكل، لكن الأكيد ان الطريق الوحيد للحل ينبغي أن يكون عبر المفاوضات. ما هو موقف موسكو حيال اصرار رئيس الحكومة ارييل شارون على المضي في مخططه للفصل احادي الجانب مع الفلسطينيين؟ لا نملك حتى الآن فهماً واضحاً لتفاصيل الخطة الاسرائيلية، لكننا في كل الاحوال لا ننظر اليها كبديل عن "خريطة الطريق". والموقف الروسي ينطلق بقوة من ان أي خطوات ستقوم بها اسرائيل ينبغي ان تكون مرتبطة بتنفيذ "الخريطة" والتحرك نحو تطبيق الالتزامات الواردة في قرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 و1397 وكذلك القرار الأخير الرقم 1515. إن عملية الانسحاب الكامل من قطاع غزة واخلائه من المستوطنات بعد اخراج القوات الاسرائيلية ينبغي النظر اليها باعتبارها خطوة مهمة وايجابية، لكنها لا تزيد عن كونها خطوة اولى على طريق التسوية الشاملة التي تقوم ببناء دولة فلسطينية آمنة الى جوار اسرائيل. والمشاكل العملية التي ستنشأ بالضرورة بعد خروج الاسرائيليين من غزة في مجالات الأمن والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كلها يجب تنسيقها سلفاً مع السلطة الفلسطينية، وبعض هذه المسائل مثل المنشآت وحقوق الملكية أو التأجير لا يمكن ان يحسم من دون قيام اسرائيل بالتشاور مع المجموعة الرباعية. وموسكو ترى ان الدور الأساسي في عملية اعادة البناء ومساعدة قطاع غزة يقع على عاتق المنظمات الدولية. ونرحب كذلك بأي دور لمصر في هذا المجال، وكذلك باحتمال ضم دول أخرى في المنطقة لتقديم العون الضروري للسلطة الفلسطينية من أجل احلال النظام والاستقرار في غزة، حتى لو كانت اسرائيل لا تعتبر السلطة الفلسطينية شريكاً في المفاوضات لأن السلطة الفلسطينية بقيادتها ومؤسساتها هي الاطار الشرعي الوحيد من وجهة نظر المجتمع الدولي، والذي يحق له ويجب عليه ان يفرض سلطته وصلاحياته على الأراضي الفلسطينية. من جانب آخر، فإنه لن يكون مقبولاً أن تلجأ اسرائيل بعد انسحابها من غزة الى أي عمل عسكري في القطاع أو أي محاولة تدمير هياكل البنية التحتية التي ستولد فيه اذ لن يكون من المعقول تكرار ما حدث في السابق. وطبعاً فإن على الفلسطينيين من جانبهم ان يبذلوا قصارى جهدهم لإحلال النظام والسيطرة المطلقة للسلطة الفلسطينية وعدم السماح للارهابيين بالقيام بعمليات. ان عملية الانسحاب من غزة نهائياً لها أهمية قصوى بكل ما يترتب عليها من آثار ونتائج، وهذا ليس فقط بالنسبة الى الفلسطينيين ولكن بالنسبة الى المجتمع الدولي كله أيضاً. فإذا تكررت حال السجن الكبير الذي عاش فيه الفلسطينيون في السابق وعادت اسرائيل الى فرض قيود جديدة على تحركهم، فإنهم لن ينظروا الى الانسحاب الاسرائيلي كتحول ايجابي في الوضع القائم على الأرض، وهذا ينطبق على المجتمع الدولي الذي لن يعترف بخطوات قد تكون مهمة وضرورية في اطار تحركات احادية الجانب مثل القيام بتطبيق جزئي للقرار الرقم 242. أما موضوع اعادة توطين مستوطني غزة، فإن موسكو ترى انه ينبغي ان لا يتم على حساب توسيع المستوطنات الحالية في الضفة الغربية لأن في ذلك مخالفة ل"خريطة الطريق". ولا يمكن في مرحلة معينة استبعاد طرح موضوع الوجود الدولي في غزة بعد خروج الاسرائيليين منها، وهذه مسألة يمكن ان تقررها اللجنة الرباعية الدولية بالتشاور مع الفلسطينيين والاسرائيليين. وفي المحصلة، فإننا مع شركائنا الآخرين في اللجنة الرباعية نسعى بشكل جدي من أجل ان تكون التسوية في المنطقة شاملة ومن أجل ان يتم بالتوازي مع كل المسائل الفلسطينية البحث عن تسوية لمشكلة العلاقات الاردنية - الاسرائيلية، وكذلك من أجل انهاء احتلال مرتفعات الجولان السورية، لأنه من دون التوصل الى ذلك لا يمكن وضع أسس سلام عادل ووثيق بين سورية واسرائيل. وفي هذا الاطار، أريد ان اؤكد ان الديبلوماسية الروسية ستواصل العمل الناشط من أجل التوصل الى هذا الفهم الشامل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.