تشهد الساحة السياسية في جنوبالعراق، خصوصا في محافظات ذي قار والمثنى والقادسية المتجاورة، تنافساً بين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، بسبب الارتفاع الملحوظ في عدد المنضوين إلى الاخيرة التي باتت خدماتها إلى سكان هذه المحافظات تفوق ما تقدمه الاحزاب السياسية. ويستمد الصراع جذوره من حال الفقر وتردي الاوضاع المعيشية والأمنية والعمرانية في تلك المناطق. وكانت المحافظاتالجنوبية شهدت رواجا للاحزاب، لا سيما الدينية، بعد سقوط النظام، فيما ظهرت مؤسسات المجتمع المدني بعد ذلك بشهور قليلة. وينتقد بعض أهالي المنطقة موقف الاحزاب السياسية التي تعمل على تكريس وجودها في المنطقة من دون الاخذ في الاعتبار طموحات المواطنين وتطلعاتهم. ويقول آخرون إن الكثير من هذه الاحزاب لا يمثل إلا نفسه ويعمل لأهداف تخدم تطلعات قادته، مشيرين إلى أن مؤسسات المجتمع المدني التي قامت بتوزيع معونات غذائية وادوية على المواطنين وبمبادرات أخرى تتصل بالارشاد الصحي وتعليم الشباب الحاسوب والانترنت، بدت أكثر فاعلية. وطرح عدد كبير من المثقفين في هذه المحافظات مقترحات بشأن تطوير عمل منظمات المجتمع المدني، لا سيما ما يتعلق منها بالنساء، اذ أن طبيعة المجتمع العشائري الجنوبي تلزم المرأة عدم مزاولة أي نشاط سياسي. لذا قام عدد من المثقفين بتدريب بعض أخواتهم وزوجاتهم على القاء المحاضرات الثقافية والاجتماعية وعلى أسلوب طرحها في بيوتهن. وتلقى هذه التجمعات النسوية تأييداً حذرا من الرجال، لا سيما وأنها تتشكل في بيوت عريقة ذات سمعة. لكن يبدو أن حساسية الرجل الجنوبي ازاء مشاركة المرأة في العمل السياسي تركزت على معارضة اشتراكها وانخراطها في الاحزاب السياسية، إذ لا مانع لديه في الغالب من أن تمارس نشاطها الثقافي والانساني في مؤسسات المجتمع المدني، ومن دون أن تحسب على حزب معين. ويقول أهالي منطقة الجبايش صراحة انهم يدعمون أكثر من امرأة في منطقتهم لشغل مقعد في المجلس المحلي، وللتأكيد على أن المرأة التي تقود المشحوف الزورق قادرة على قيادة المجتمع.