هزت فضيحة جديدة تشكك في دوافع رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون لاسترداد العقيد في الاحتياط الحنان تننباوم من الأسر لدى "حزب الله" في اطار صفقة تبادل الأسرى بين الحزب واسرائيل قبل أكثر من شهر، أركان الساحة الحزبية في الدولة العبرية لترتفع أصوات من مختلف الاحزاب تطالب باستقالة شارون فوراً وأخرى باخضاعه لجهاز كشف الكذب لمعرفة حقيقة العلاقات بين عائلتي شارون وتننباوم. وكانت صحيفة "معاريف" كشفت أمس ان علاقات تجارية ربطت بين العائلتين منذ العام 1978 وحتى 1997 حتى تولى والد زوجة تننباوم مطلقته حالياً شمعون كوهين ادارة شركة مهمتها تسويق الانتاج الزراعي للمزرعة الخاصة لشارون في "شكميم" في النقب، جنوب اسرائيل وأنه علّم شارون أسرار الزراعة وكان شريكاً كاملاً مع زوجة شارون، ليلي التي توفيت في العام 2000. وربطت الصحيفة بين هذه العلاقات التجارية والحماسة غير المبررة التي أظهرها شارون لاطلاق سراح الحنان تننباوم من الأسر "لقاء اطلاق سراح مئات المخربين" ثم طلبه من المحققين الاسرائيليين التعامل بلطف وبقفازات من حرير مع الأسير بعيد اعادته واعتقاله لتوحي بأن الاعتبارات التي اعتمدها شارون في اقناع وزرائه بتأييد صفقة التبادل لم تكن موضوعية. وأعادت الى الاذهان قيام أوساط قريبة من شارون، عشية التصديق على الصفقة باشاعة ان حاله الصحية متردية وأن "الوحوش من حزب الله والارهابيون العرب" خلعوا أسنانه وقد يقدمون على قتله ما يستدعي التعجيل في اقرار الصفقة واعادته سالماً الى أهله ليتبين لاحقاً ان لا أساس من الصحة لهذه الادعاءات وان تننباوم لم يخضع للتعذيب خلال أسره. ولم ينتظر كبير المعلقين في الصحيفة بن كسبيت تعقيب شارون لينشئ مقالة يدعوه فيها الى الاستقالة فوراً من منصبه على خلفية اخفائه الحقيقة عن الاسرائيليين وكتب: "سيدي، رئيس الحكومة. اخل مكانك. لقد نضجت الساعة لذلك. ليس غداً ولا بعد غد أو بعد اسبوع انما اليوم. الآن. لا خيار آخر. لقد بلغ السيل الزبى...". وخرج شارون الى الصحافيين في مبنى الكنيست لينفي علمه بالعلاقات العائلية بين تننباوم ووالد زوجته. وقال، من دون ان ينجح في اخفاء حرجه وغضبه من النشر انه لم ير شمعون كوهين منذ ثلاثين عاماً و"لم أكن أعرف من هم أصهاره"، مضيفاً انه أقر صفقة تبادل الأسرى لاعتبارات موضوعية ومن دون أي اعتبار شخصي، معتبراً النشر في "معاريف" هجوماً همجياً غير مسبوق مكرراً ان تننباوم سيعاقب في حال ثبت اقترافه ذنباً. لكن هذا النفي لم يشفع لشارون في درء هجوم كاسح لم يتعرض له منذ تسلمه رئاسة الحكومة اذ رد النائب ارييه الداد من حزب "الاتحاد القومي"، الشريك في الائتلاف الحكومي، عليه بدعوته الى فحص روايته عبر جهاز كشف الكذب، فيما قال المتحدث باسم حزب العمل المعارض اوفير بينيس ان تعقيب شارون بدا ركيكاً بل كاذباً فدعا هو الآخر الى اخضاعه لجهاز كشف الكذب. وقال النائب ايهود ايتام ليكود انه صدم لدى قراءته ما جاء في صحيفة "معاريف" مكرراً موقفه الداعي الى أن تقوم لجنة شؤون الاستخبارات البرلمانية بالتحقيق رسمياً في صفقة تبادل الأسرى وتحديداً في قضية تننباوم. في غضون ذلك، تواصل التحقيق مع تننباوم حول ملابسات وصوله الى لبنان والمعلومات الأمنية السرية التي أفشى بها لمحققيه وأخضع لليوم الثاني على التوالي للفحص بجهاز كشف الكذب فيما أفادت صحيفة "هآرتس" في صدر صفحتها الأولى أمس ان تننباوم احتفظ، قبيل مغادرته اسرائيل عام 2000 بوثائق عسكرية سرية للغاية من دون ان يكون مخولاً امتلاكها وبما يتعارض مع تعليمات قيادة الجيش. وكتبت ان الجهات الأمنية الاسرائيلية تشتبه بأنه احتفظ بها لينقل مضمونها الى "حزب الله" بصفته عميلاً للحزب، قبل وقوعه في الأسر أو "ليتاجر بها" ويبيع أسراراً عسكرية لناشطي الحزب الذين انتظروه في دبي. وزادت ان السؤال الأهم الذي ما زال يحير مسؤولي الأجهزة الأمنية هو هل وصلت المعلومات العسكرية الحساسة التي كانت في حوزة تننباوم الى ايران وسورية فضلاً عن "حزب الله".