قالت أوساط سياسية عراقية ل"الحياة" إن زعيم "حزب الوفاق الوطني" اياد علاوي، الذي كان أكثر المتحمسين لسياسة "اجتثاث البعث"، تراجع عن موقفه ونجح في استغلال اندفاع زعيم حزب "المؤتمر الوطني العراقي"، أحمد الجلبي، في "سياسة اجتثاث" متشددة، لجذب البعثيين الذين اسرعوا إلى "حزب الوفاق الوطني" للانضمام إليه وتأييده والدفاع عنه. وأضاف عامر حسن فياض، أستاذ الفكر السياسي الحديث في جامعة بغداد، ل"الحياة" إن "سياسة اجتثاث البعث تشكل انتهاكاً لقانون الادارة الانتقالية الدستور الموقت الذي أقره اعضاء مجلس الحكم الانتقالي أخيراً، وتتناقض تماماً ما جاء في البنود، من 13 إلى 24، من القانون والتي تناولت حماية الحريات العامة وحقوق الانسان باسهاب". وأضاف إن القوى السياسية الكردية استثمرت تداعيات الاجتثاث على الارض لتعزيز أجندتها السياسية. وأن الحزبين الكرديين الرئيسيين نجحا في كسب القوى العربية السنية عندما تبنيا مواقف عملية في مؤتمر المصالحة الوطنية الأخير في اربيل، وأعادا النظر خلاله بسياسة اجتثاث البعث وصولاً إلى حد المطالبة بوقف هذه السياسة فوراً. وقالت مهدية صالح العبيدي، أستاذة الفكر الاسلامي ل"الحياة" أن "الأطراف العراقية التي وضعت سياسة الاجتثاث ونفذتها انما كانت تريد اجتثاث الفكر السياسي القومي من جهة، واجتثاث النفوذ السني داخل الوزارات والمؤسسات الحيوية في البلاد من جهة ثانية". وزادت ان "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية دعم بقوة اجتثاث البعث لسبب بسيط ومحدد هو افساح ميدان التعيين لمناصريه وعناصره بديلاً عن البعثيين المفصولين". واتهمت "اسرائيل" بأنها "كانت من المستفيدين من الاجتثاث، لأن الاجتثاث سهل لها مهمة قتل الكوادر العلمية العراقية التي اجتثت من مناصبها واستمالة بعض الكفاءات للعمل معها بعدما فقدت مواردها المادية بفعل الاجتثاث". بدوره، اعتبر جابر حبيب، رئيس قسم الفكر السياسي في جامعة بغداد، أن قرار اجتثاث البعث لا داعي له على اعتبار أن القرار الاميركي بحل وزارات الدفاع والداخلية والاعلام، والاستخبارات العامة والحرس الجمهوري، كان كافياً لاجتثاث أجهزة نظام الحكم السابق في العراق. وقال إن "اجتثاث ثقافة البعث لو اعتمد لكان افضل من اجتثاث البعثيين الحاصل الآن"، مؤكداً أن "الوضع السياسي التعددي هو بحد ذاته إلغاء لثقافة البعث الاحادية". ولفتت الدكتورة بلقيس محمد جواد، المتخصصة في علم الاجتماع السياسي، إلى أن الاطراف التي أيدت اجتثاث البعث لم تراع أن الكثيرين من البعثيين انضموا إلى الحزب تحت التهديد والضغط النفسي والاكراه. وكشف مصدر كردي مطلع ل"الحياة" أن خلافات نشبت بين الادارة الاميركية وأحمد الجلبي، مسؤول حملة اجتثاث البعث، في شأن المستوى المبالغ به الذي وصلت اليه عملية الاجتثاث. وأضاف أن "الأميركيين أنبوا الجلبي لأنه تسبب بسياسته في رفد المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال بعناصر بشرية".