حصلت الشركات البريطانية على موطئ قدم مهم في ليبيا مستغلة تحسن العلاقات لابرام صفقات في مجالات الطاقة والطيران. لكن المزايا الأكبر في هذا البلد الغني بالنفط من المرجح أن تحصل عليها الشركات الاميركية. ويقول خبراء نفط وساسة ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الذي تتركز ثروات بلاده في النفط والغاز، يرى أن للدولار الاميركي جاذبية أكبر من الجنيه الاسترليني. وقال فرد هاليداي من كلية الاقتصاد في جامعة لندن: "يدرك القذافي أن العنصر الأهم في اللعبة هو واشنطن، لذلك سيحصل الاميركيون على النصيب الأكبر من النفط الليبي". وقال هاليداي الذي كان ضمن وفد زار طرابلس عام 2002 تحت رعاية وزارة الخارجية البريطانية، ان هناك الكثير من فرص العمل في قطاعات النفط والغاز للشركات الغربية. لكنه أضاف: "الولاياتالمتحدة هي القوة العظمى في العالم والقوة الوحيدة التي تملك القدرة الفعلية على اطاحته والقوة الوحيدة التي يمكنها تحقيق بعض النتائج التي يريدها القذافي". وقالت الولاياتالمتحدة الشهر الماضي ان الشركات التي أُجبرت على ترك حقول النفط عام 1986 عندما فرضت ادارة الرئيس رونالد ريغان عقوبات على ليبيا يمكنها بدء محادثات للعودة الى هذه الأصول كخطوة أولى في اتجاه تخفيف العقوبات. وقال مسؤولون في شركات ان "اوكسيدنتال بتروليوم" و"اميرادا هيس" و"اوازيس غروب" وهي مشروع مشترك بين "كونوكو فيليبس" و"ماراثون أويل" تجري مفاوضات مع شركة النفط الحكومية الليبية في شأن العودة. ويقول مستشار نفطي ان ليبيا متحمسة لعودة ثروات وخبرات شركات النفط الاميركية. وقال بيل بيرتون رئيس شركة "جونز داي" المختصة في شؤون القانون الدولي في قطاع الطاقة، والذي كان أحد موظفي البيت الابيض في ادارة الرئيس بيل كلينتون: "ربط المشروعات الكبرى بالشركات الاميركية التي تعرف ليبيا والتي تدخل في عطاءات وصفقات... هذا هو ما يمكّن ليبيا فعلياً من الحصول على الدولارات". وقال بيرتون ان الشركات الاوروبية يمكنها أيضاً الاستفادة من السبق، إذ ان العقوبات الاميركية ما زالت سارية. ومد الرئيس جورج بوش العقوبات المفروضة على ليبيا في كانون الثاني يناير لمدة عام، وليس من المتوقع أن يرفعها قبل تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وصافح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير القذافي، عدو الغرب القديم، في طرابلس أول من أمس، في خطوة دشّنت دخول شركتي "رويال داتش شل" و"بي ايه اي سيستمز" المسجلتين في لندن، الى السوق الليبية التي كانت حتى الآن لا تضم سوى عدد محدود من المستثمرين الاوروبيين في قطاع النفط. وتزامنت زيارته مع توقيع اتفاق مشاركة في قطاع النفط والغاز مع مجموعة "شل" البريطانية الهولندية بعد 30 عاماً من عملها السابق في ليبيا. وتزامنت الزيارة كذلك مع تأكيد مجموعة "بي ايه اي سيستمز" الدفاعية اجرائها محادثات في شأن صفقات قد تفوز الشركة فيها بعقود لتطوير مطارات ليبية وبيع طائرات. وقطعت بريطانيا علاقاتها مع ليبيا بعد مقتل الشرطية ايفون فليتشر خارج مبنى السفارة في لندن عام 1984. وسعت "بي ايه اي" للعمل في ليبيا على مدى سنوات منذ ذلك الحين، لكن المحادثات تعثرت بسبب العقوبات الاميركية وخوفاً من اغضاب واشنطن. وكانت "شل" من الشركات الرئيسية العاملة في ليبيا حتى أممت أصولها في السبعينات. لكن باستثناء محاولة فاشلة للتنقيب في أواخر الثمانينات لم تعد "شل" الى العمل في ليبيا. وقالت مؤسسة "ماركت انتلجينس سيرفيسيز" الاستشارية ان القذافي يريد زيادة عائدات النفط والغاز من أجل تعزيز قاعدته الشعبية في الداخل ودعم مكانة ليبيا في الخارج. وأظهرت بيانات جمعتها شركة "بي بي" النفطية البريطانية ان لدى ليبيا نحو ثلاثة في المئة من اجمالي احتياطات النفط العالمية وواحد في المئة من احتياطات الغاز. لكن محللين يقولون ان هذا يعكس الافتقار لعمليات التنقيب على مدى عقود وان الامكانات الحقيقية قد تكون أكبر من ذلك بكثير. وأوضح عبدالرحمن شلقم، وزير الخارجية الليبي، في تصريحات الى الصحافيين الخميس ان ليبيا لن تسمح لشركة واحدة بالسيطرة على مواردها الاساسية. وقال ان لديه اكثر من 180 عقداً تُدرس، وان العطاءات ستتسم بالشفافية. وأمام شركات أوروبية أصغر حجماً مثل "ايني" الايطالية فرصة السبق بالمقارنة ب"شل" ومنافسيها الكبار مثل "اكسون موبيل" و"بي بي". وشركة "ايني" هي أكبر منتج أجنبي للنفط في ليبيا بحصة 14 في المئة من الانتاج في حين تحضر "توتال" الفرنسية و"ريبسول" الاسبانية لمشروعات ببلايين الدولارات. وقال مالكوم برينديد، رئيس قسم التنقيب والانتاج في "شل"، ان الاستثمارت الصغيرة التي تضعها شركته والبالغة 250 مليون دولار قد تنمو الى ما هو أكبر من ذلك بكثير مع تحول أوروبا القريبة جغرافياً الى استخدام الغاز الطبيعي المسال المستورد لمقابلة زيادة الطلب.