جدد مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس الثقة بوزير المال محمود النوري بعد جلسة صاخبة استمرت خمس ساعات، صوّت في نهايتها 25 نائباً بتجديد الثقة بالوزير و21 لسحبها، فيما امتنع ثلاثة عن التصويت. وتبادل نواب معارضون الانتقادات والاتهامات بسبب عدم الاتفاق على مدى مسؤولية النوري عن محاور الاستجواب، واظهر التصويت عمق الخلافات داخل المعارضة البرلمانية، فيما صمتت الحكومة والوزير النوري خلال النقاشات. وتعرض النوري لاستجواب صعب في الثامن من آذار مارس الجاري، لم يتضامن معه خلاله غير نائب واحد. وركز الاستجواب على تجاوزات في صفقة مشروع "أبو فطيرة" العقاري وقضايا مال عام اخرى. لكن الصورة اختلفت امس، اذ تحدث النائبان المستقلان أحمد المليفي وخالد العدوة بقوة ضد محاور الاستجواب، مؤكدين عدم مسؤولية الوزير عنها. وانتقدا بعض مداخلات مقدم الاستجواب النائب مسلم البراك الذي رد بقوة، ما جعل المواجهة أمس بين النواب أنفسهم اكثر مما هي مع الحكومة. وقال المليفي انه راجع محاور الاستجواب على مدى اسبوعين ولم يجد فيها "ما يمكن ان يدان به الوزير بالتقصير أو الخطأ إلا بعض القضايا الاجتهادية". واتهم البراك والنواب المؤيدين لسحب الثقة ب"جعل الوطنية حكراً على من يقفون الى جانبهم، ودغدغة مشاعر الناس لجلب تعاطفهم". وزاد: "نحن قضاة اليوم، وعلينا ان نصدر حكماً عادلاً بحق هذا الوزير". وتبعت كلمة المليفي هتافات احتجاجية من بعض الجمهور، وكاد الأمر يتحول فوضى فرفع رئيس المجلس جاسم الخرافي الى رفع الجلسة الى حين اخلاء مقاعد الجمهور العلوية. ثم تحدث مسلم البراك فهاجم المليفي وجدد طرحه محاور الاستجواب وسط مقاطعات وتبادل للاتهامات بينه وبين المليفي، وشارك في هذه السجالات النائب صلاح خورشيد رداً على اتهام المليفي له بالمسؤولية عن مشروع "أبو فطيرة"، ثم من بعده النائب حسن جوهر الذي أيد سحب الثقة. وأكد النائب خالد العدوة معارضته سحب الثقة، وقال: "الخطيئة التي يحاكم بسببها الوزير النوري اليوم أنه لم ينتمِ إلى حزب أو قبيلة أو طائفة تحميه، لذلك استضعفه كثيرون". وزاد: "هذا الرجل كان مستشاراً مالياً للبرلمان لسنوات، وكان حمل ملف التحقيق في اختلاس البلايين من استثماراتنا في اسبانيا، فكيف يقال عنه الآن انه ليس كفؤاً لحقيبة المال؟". وانتقد "التناقض بين هذا الاستجواب واستجواب وزير المال السابق يوسف الإبراهيم، ففي الأول انتقدنا بشدة رئيس الهيئة العامة للاستثمار آنذاك صالح الفلاح، وأقمنا معركة هنا لهذا السبب، والآن أصبح قرار النوري انهاء عمل الفلاح في الهيئة أحد محاور استجوابه، فماذا تريدون بالضبط؟ النوري إن تقدم مقتول وان تأخر مقتول، فماذا يفعل؟!". ويعود الفضل في فشل طرح الثقة بوزير المال أمس إلى أربعة من النواب الإسلاميين والمستقلين، لم يطمئنوا إلى حيثيات الاستجواب ودوافعه، وكذلك إلى ضغوط الحكومة التي اقنعت ثلاثة نواب آخرين بتغيير مواقفهم في اليوم الأخير. وتحدث في نهاية الجلسة، وبعد تجديد الثقة بالوزير، الشيخ صباح الأحمد رئيس الوزراء، فوعد بأن تدرس الحكومة ما ورد في جلستي الاستجواب وطرح الثقة من ملاحظات وآراء وأن تأخذ بها، لكنه انتقد ما اعتبره خروجاً من النواب على محاور الاستجواب، و"إثارة مسائل شخصية". وقال إن الحكومة ستحيل هذا الأمر على المحكمة الدستورية "حفاظاً على المكتسبات الدستورية".