سعت سورية الى حشد "اجماع عربي" رافض ل"مشروع الشرق الاوسط الكبير"، خلال مناقشات المؤتمر ال11 للاتحاد البرلماني العربي في دمشق. وبعدما رفض نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام ووزير الاعلام أحمد الحسن "اجراء أي اصلاح تحت الضغوط الخارجية"، حددت مصادر سورية أمس تسعة أسباب لمعارضة "مشروع الشرق الأوسط الكبير" بينها "تجاهله المتعمد منبع التفجيرات في المنطقة، وهو القضية الفلسطينية الناتجة عن زرع الغرب الكيان الصهيوني في فلسطين". واعتبرت أن واضعي المشروع "نصبوا أنفسهم رعاة يسوقون الناس بالعصي والصواريخ ان لزم الأمر الى جنات الديموقراطية الموعودة". ويستند الرفض السوري للمشروع الأميركي إلى كونه "يكرس سياسة التدخل في الشأن العربي بأبشع صوره"، ولأن "اصلاح الشأن العربي وتحقيق تنميته من اختصاص الشعوب العربية". وقال رئيس مجلس الشعب البرلمان السوري محمود الأبرش إن المشروع يستهدف "صوغ المنطقة سياسياً بما ينسجم ومخططات بعض القوى الغربية الرامية الى فرض ارادتها ومنطقها، ويكرس سياسة التدخل في الشأن العربي بأبشع صوره". ورأى أن "اصلاح الشأن العربي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هما من اختصاص الشعوب العربية التي تتطلع الى تحقيق اصلاح واقعها وتحسين ظروفها وتطوير مؤسساتها وفقاً لظروفها وامكاناتها، وبما يضمن استقرارها وتقدمها". وتضمن "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، المقرر طرحه في قمة الدول الثماني في حزيران يونيو المقبل العمل ل"تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح وبناء مجتمع المعرفة وتوسيع الفرص الاقتصادية". لكن الوزير الحسن قال أول من أمس: "لا نقبل أبداً بالاملاءات الخارجية، ولا يمكن أن تجري اصلاحات تحت املاءات وضغوط خارجية او بالانصياع لهذه الضغوط"، لافتاً إلى ان الرئيس بشار الأسد "يسير باصلاحات عقلانية وحكيمة، آخذاً في الاعتبار ظروف القطر الثقافية والاجتماعية". وأشارت صحيفة "تشرين" الحكومية إلى تسعة أسباب لرفض المشروع، وكتبت أمس: "بعد احتلال افغانستان والعراق اشتدت هجمة المبادرات على المنطقة، من دون أن يكون للعرب والمسلمين دور في صوغها أو توجهاتها، بل تم تجاهل المبادرة العربية". ولفتت إلى أن إدارة الرئيس جورج بوش "قررت مرتكزات مشروعها للشرق الأوسط بالتنسيق والتشاور والتفاهم مع كل من اسرائيل والاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي". وقالت مصادر سورية إن "أخطر نقطة مثيرة للشكوك في المشروع تتمثل في تجاهله المتعمد جوهر المشكلة ومنبع التفجيرات في المنطقة، وهو القضية الفلسطينية الناتجة من زرع الغرب الكيان الصهيوني في أرض فلسطين العربية"، اضافة إلى أن "أهل الشرق حكاماً ومحكومين لم يستشاروا". ودعا رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الى عدم تجاهل مضمون المشروع الهادف الى "انهاء النظام العربي والاسلامي في المنطقة، ودائماً باسم الديموقراطية"، لافتاً إلى ان "شعوب المنطقة كشفت ان سياسات تمويه النيات تحت عناوين الاصلاح السياسي او دمقرطة الشرق الاوسط والاصلاح الاقتصادي، ليست أكثر من مبررات لحروب السيطرة على الموارد البشرية والطبيعية للمنطقة". وقال بري، الذي أثار انتخابه للدورة المقبلة لرئاسة الاتحاد البرلماني، مقاطعة الوفد الليبي للاجتماعات: "لا يمكننا نحن القادة البرلمانيين العرب أن ندفن رؤوسنا في الرمل، وندعي اننا لا نرى كل الوقائع الضاغطة على اقطارنا". الى ذلك، بعثت "لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الانسان في سورية" و"جمعية حقوق الانسان" و"هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي" برسالة مفتوحة الى المجتمعين في العاصمة السورية تضمنت الدعوة الى "اطلاق الحريات الأساسية واشاعة الديموقراطية واحترام حقوق الانسان وإلغاء حال الطوارئ والعمل على مواءمة الدساتير والقوانين في الدول العربية مع الشرعية الدولية لحقوق الانسان". وطالبت المنظمات الثلاث في بيان تلقت "الحياة" نسخة عنه، ممثلي الدول العربية ب"تبني قضية زميليكما النائبين رياض سيف ومأمون الحمصي اللذين اعتقلا بسبب آرائهما السياسية الاصلاحية". وكان وزير الإعلام قال أول من أمس إن "قانون الطوارئ" المعلن في سورية منذ 41 سنة بسبب وجود الجولان تحت الاحتلال الاسرائيلي "لا يستخدم إلا في حالات نادرة جداً جداً". "الشريك الثابت" إلى ذلك أ ف ب، حذرت الاذاعة السورية أمس من مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، معتبرة ان هدفه "ذر الرماد في العيون" للتغطية على "الأطماع الأميركية والاسرائيلية" في المنطقة. ورأت أن "المشاريع المطروحة التي تتحدث عن الديموقراطية والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والسلام، بخاصة ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير، هي لذر الرماد في العيون، وتمثل الغطاء الكبير للأطماع الأميركية والاسرائيلية في المنطقة". ونبهت إلى أن "اسرائيل شريك ثابت في كل هذه الطروحات لاستهداف العرب في أرضهم وثروتهم وسيادتهم وكرامتهم وتقدمهم". وشددت على "حتمية تعزيز العمل العربي المشترك والجاد على كل الصعد، بخاصة السياسية والاقتصادية، وتوحيد المواقف لمواجهة الهجمة المعادية وتفويت الفرصة على أعداء الأمة العربية والمحتلين لأرضها، والطامعين بثرواتها والمتربصين بها".