انهمك المشاركون في مؤتمر الاسكندرية، في يومهم الثاني، في مناقشة اوراق العمل الخاصة بالاصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي واوضاع المرأة العربية. واختلفت صياغة الاوراق محل النقاش عن تلك التي جاءت في المبادرات العربية الرسمية التي ستقدم الى القمة المقبلة في تونس والتي بُحثت في مؤتمر وزارء الخارجية العرب الاخير. إذ تضمنت اوراق مؤتمر الاسكندرية تصورات أكثر جذرية بخصوص الاوضاع السائدة في العالم العربي، وشرّحت واقعاً يراه كثيرون من المشاركين مزرياً وفي حاجة الى معالجات جذرية. بدت الافكار برّاقة على الورق، وأخذ النقاش حول الاصلاح خطوات أبعد بكثير عن المدى الذي يستعد القادة العرب للوصول اليه في تونس. ويبدو أن اوراق المؤتمر تضمنت الكثير من "جلد الذات" واقترب بعضها في الانتقادات من "مشروع الشرق الاوسط الكبير" ولم يختلف كثيراً عنه. وحصلت "الحياة" على اوراق المؤتمر التي حفلت بالكثير من الانتقادات للأنظمة والحكومات والمؤسسات الدينية. وأكدت ورقة للاصلاح السياسي ان المسألة "لم تعد اختيارية". وتحدثت عن "فشل الدول العربية في تحديث مجتمعاتها"، لافتة الى انه "بعد رحيل الاستعمار شهدت الاقطار العربية تجارب عدة شبه ليبرالية وقومية وشبه يسارية كان القاسم المشترك بينها جميعاً هو الفشل". ورأت الورقة أنه "لم يعد سراً الآن أن نظم الحكم العربية ما تزال تفتقد الى الديموقراطية" وأن "اوضاعها الاقتصادية ما تزال تنتمي الى التجارب المتخلفة" وان ثقافتها "ما تزال بعيدة عن التجدد والعصرية". واعتبرت ان المشروع الاميركي للاصلاح المعروف ب"الشرق الاوسط الأكبر" ليس اختباراً مطروحاً للانتقاء الحر ولكن كمخطط وأوامر واجبة التنفيذ". أما ورقة الاصلاح الثقافي فأوغلت في تشريح الواقع العربي وأكدت ضرورة اعادة هيكلة المؤسسات الثقافية ورفع وصاية الدولة عنها، معتبرة أن السلطة ظلت دائماً تخشى بروز اتجاهات تكشف اوضاعها. ورأت أن اسوأ ما تعانيه الثقافة العربية "التهميش في النظم التعليمية والتسطيح في الاجهزة الاعلامية والحرب على المنابر الدينية". ووصفت الاعلام العربي بأنه "ذليل للحكومات". الخطاب الديني العربي وتناولت الورقة الخطاب الديني العربي وطالبت الحكام بالكف عن استغلال الدين لمصلحتهم، وأن تترك للاتجاهات العلمانية المناهضة للتيار الديني ممارسة نشاطها بحرية. ولفتت الى ان مجتمعات عربية تعيش بعيداً "عن ايقاع العصر". وشددت على ضرورة تنقية الاتجاهات الدينية من مظاهر الغضب والانغلاق، وتبني مشروع نهضوي علماني تنويري. اما ورقة اوضاع المرأة فلاحظت ان الحركة النسوية لتحرير المرأة العربية "لن تكون بغير مقاومة ولن تتحقق دون ان تدفع ثمنه بعض الأسر". ورغم أن الورقة اشارت الى تغيرات ملموسة في نهوض المرأة، الا انها رصدت اوجه قصور مثل ضعف مشاركتها في القرار السياسي من خلال قلة عدد النساء في المجالس النيابية والتشريعية.