على رغم الفوز الغالي الذي حققته رياضة الإسكواش المصرية والمتمثل بإحراز عمرو شبانة لقب بطولة العالم الأخيرة، فإن المرحلة الحالية التي تمر بها اللعبة في مصر تتطلب دعماً قوياً من الدولة على المستويين المادي والمعنوي من أجل أن تتابع إنجازاتها، بدلاً من إهدار ملايين الجنيهات سنوياً على "الساحرة المستديرة" الغادرة كرة القدم التي لم تحقق إنجازاً يذكر منذ الحصول على اللقب الأفريقي في عام 1998. تعاني لعبة الإسكواش في مصر مشكلات عدة أبرزها قلة المخصصات المالية لاتحاد اللعبة، والتي لا تتجاوز نصف مليون جنيه سنوياً وهي تكفي رعاية لاعبين دوليين اثنين فقط. ويحتاج اللاعب المحترف إلى موازنة كبيرة لزيادة احتكاكه الدولي والارتقاء في التصنيف العالمي، ما يحتم تحمل لاعبين كُثر نفقاتهم وفي مقدمهم عمرو شبانة المصنف الخامس عالمياً وشقيقته سلمى حاملة لقب بطولة فنلندا المفتوحة الأخيرة. طلب شبانة من الاتحاد رعاية معسكره الإعدادي لبطولة العالم، لكنه لم يتلق رداً واضطر إلى السفر على نفقته الخاصة كالعادة... وبعد إحرازه اللقب ظهر مسؤولو الاتحاد على شاشة التلفزيون مؤكدين رعايتهم إنجازه خطوة بخطوة! ويمتد تأثير ضعف التمويل إلى الأساليب الفنية التي يعتمدها اللاعبون، فعلى سبيل المثال تقل لياقة عمرو شبانة البدنية عن كثير من المصنفين دولياً، لذا فإنه يعمد إلى تكتيك هجومي يرتكز إلى إرسال الكرة في المناطق "الميتة" لاستنزاف طاقة الخصم. واللافت أنه من بين مصنفي اللعبة ال25 الأوائل في العالم، فإن شبانة هو الوحيد الذي لم يحظ بعقد رعاية من شركة ملابس رياضية، ولم يخجل من الاعتراف باستعارة ملابس اللعب من زملائه أثناء البطولة الأخيرة... وحتى بعد فوزه باللقب العالمي يشكو من أنه لم يحصل إلا على كلمة "مبروك". وإلى جانب تألق شبانة، تبرز إنجازات أسماء أخرى أمثال كريم درويش وعمر البرلسي وأمير وجيه وبطل العالم السابق للناشئين أحمد برادة الذي امتهن التمثيل والغناء من أجل كسب العيش وحصد النجومية بعدما تخلى مموله عنه إثر تعرضه لحادث اثر في أدائه وأدى الى ابتعاده عن الملاعب رغماً عن ارادته. وعلى المستوى النسائي، حصد منتخب مصر للناشئات لقب بطولة العالم العام الماضي بتشكيلة ضمت نيهال يحيى وسارة بدر ورنيم الوايلالي وأمنية عبدالقوي التي أحرزت لقب الفردي إثر تغلبها على مواطنتها آمنة الطرابلسي في المباراة النهائية. وعلى رغم الانتشار الذي حققته رياضة الإسكواش في مصر، فإن ظهور أجيال جديدة تواصل الإنجازات العالمية يبقى مشكلة بسبب التمويل... خصوصاً مع انتقال اللاعبين الحاليين إلى الفئات العمرية الأعلى مثل عبدالقوي التي لن تتمكن من المشاركة في بطولة العالم المقبلة لتجاوزها السن المعتمدة. وإذا كانت عبدالقوي وشبانة وغيرهما اعتمدوا على التمويل الشخصي أو وجدوا من يرعاهم في أول الطريق، فإن لاعبي الجيل الحالي لا يملكون القدرة المالية الكافية لتغطية نفقاتهم... وهذه مصيبة كبرى! وفي ما يتعلق بالملاعب، امتلكت غالبية الأندية أخيراً ملعباً أو أكثر للإسكواش، بعدما كان عددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ما حقق رواجاً نسبياً بين الشباب الذين كثفوا ارتيادهم لها وأقتنى معظمهم مضاربهم الخاصة، في سبيل استخدامها لخوض مباريات العطلة الأسبوعية مع الأصدقاء. ويأمل محبو الإسكواش أن تستمر الانجازات التي بدأت منذ تأسيس الاتحاد المحلي في عام 1931 على يدي عبدالفتاح باشا عمرو، وتواصلت عبر أجيال اللعبة المتعاقبة التي حافظت على صدارة البطولات الدولية، وأن تعيش اللعبة "عصراً ذهبياً" على المستوى الرسمي كما هي الحال جماهيرياً... فهل يمكننا ان نحلم بذلك، في وقت لا يمكن ان تكفي كلمة "مبروك" متطلبات أي بطل عالمي؟! صحافي مصري في "مدرسة الحياة"