إلى متى ستظل الكرة العربية تعاني من لاعبيها الموهوبين المتهورين الذين يفقدون عقولهم بمجرد أن تضعهم الصدفة فوق قمة الأحداث، أو "تنفخ" فيهم أقلام وكاميرات إعلام بلادهم وترفعهم إلى عنان السماء؟ وإلى متى سيظل مسؤولو الأندية التي يلعب إليها هؤلاء يدافعون عنهم، ويجدون الأعذار المخالفة للواقع لتبرير أفعالهم... وتدليلهم وتحقيق رغباتهم على أمل نيل رضاهم؟ فها هو لاعب عربي جديد بزغ نجمه وقاد المنتخب السعودي إلى الفوز بكأس الخليج السادسة عشرة في الكويت، قد بدأ أولى خطواته على طريق الضياع الذي سبقته إليه نخبة من اللاعبين العرب البارزين يأتي في مقدمهم طيب الذكر إبراهيم سعيد لاعب فريق النادي الأهلي المصري. ففي وقت لا يزال لاعب فريق القادسية السعودي ياسر القحطاني يحبو نحو المجد الحقيقي، ها هو يتمرد على ناديه صاحب الفضل عليه ويرفض المشاركة معه في مباراة مهمة جداً أمام الهلال ضمن الدور ربع النهائي من مسابقة كأس ولي العهد... ضارباً عرض الحائط بكل المُثل والأخلاقيات التي تفرض عليه وجوب الطاعة والولاء لناديه الذي دفع به إلى الملاعب، وعرفه إلى طريق الشهرة والمجد إذا ما كان هذا قد حصل فعلاً. اللاعب قالها بكل صراحة لمسؤولي ناديه "لن ألعب معكم بعد الآن، وعليكم التعجيل بانتقالي إلى الاتحاد أو الأهلي حيث المال الوفير والجماهيرية العريضة والشهرة والنجومية! ربما يكون كلام اللاعب يحمل جزءاً من الصحة، لكن من غير المنطقي أن تحقّق رغباته بطريقة ليِّ الذراع. الأكيد أن المسؤولين في هذين الناديين الكبيرين لهم دورهم المهم أيضاً في تحريك اللاعب ضد إدارة ناديه الأصلي، على اعتبار أن انتقاله إلى أي منهما سيمثل ضربة قاسمة للآخر خصوصاً أنهما يتنازعان زعامة الكرة في مدينة جدة... لكن عليهم التفكير قليلاً في ما قد يحصل من جانب هذا اللاعب المغرور بعد انتقاله إلى أي منهما، وأن يتخذوا من تجربة إبراهيم سعيد مع نادي إيفرتون الإنكليزي عبرة ودرساً قبل إتمام التعاقد مع القحطاني... فالسعيد أمضى ستة أشهر في إنكلترا لم يلمس خلالها الكرة ولو لمرة واحدة في مباراة رسمية، والسبب أنه نقل غروره وتعاليه معه إلى هناك، وهذا ما يمكن أن يفعله القحطاني أيضاً... فانتبهوا! وبعيداً عما تردد من أن اللاعب شوهد في أحد النوادي الليلية في بلد مجاور ليلة المباراة لأنه أمر لا يمكن توثيقه، فإن أكثر ما يثير الدهشة هو ذلك التبرير الذي ساقه رئيس النادي جاسم الياقوت إلى الصحافة المحلية مؤكداً أن اللاعب لم يشارك لأنه عاد متأخراً من الكويت... بقى ده اسمه كلام يا مسؤول! مثل هذه التصريحات من شأنها أن تزيد من تمرد اللاعب، وتساعده على ليِّ ذراع المسؤولين عن ناديه لتلبية رغباته أياً كانت وفي أي وقت يشاء طالما أنه يجد من يدافع عنه ويبرر تصرفاته العرجاء. القحطاني يصر على الانتقال إلى الاتحاد أو الأهلي سعياً وراء متطلباته الغريزية في زمن الاحتراف الزائف الذي لا يعرف فيه اللاعب إلا المال، وقد يكون له كل الحق في ذلك. بيد أن المطلوب منه أن يلتزم أولاً مع فريقه الأصلي، وأن يسعى إلى مساعدته على تحقيق نتائج طيبة رداً للدين وعرفاناً بالجميل... ومن ثم يطالب بحقوقه التي يعتقد أنه يستحقها. المشكلة ليست مشكلة اللاعب وحده، وإنما هي طامة كبرى تحل على عدد كبير من اللاعبين الموهوبين الذين كان يمكن أن يكون لهم دور مهم في ازدهار الكرة العربية... وسببها تدليل هؤلاء اللاعبين والانصياع لأوامرهم وتحقيق رغباتهم بمجرد أن يصبحوا أنصاف أو حتى أرباع نجوم!