تعتبر منطقة أور الأثرية من أهم المعالم التاريخية في مدينة الناصرية. ويؤمها كثير من السياح والمهتمين من كل حدب وصوب ممن يرغبون في الاطلاع على بقايا هذه الحاضرة السومرية التي تطورت وتوسعت بمرور الزمن لتصبح من أشهر المدن الاثرية في جنوبالعراق. وتعرضت المواقع الأثرية والمناطق المحيطة بأور الى حالات سلب ونهب وحفر منظم من قبل اللصوص ومهربي الآثار الذين استغلوا غياب الأمن والنظام وانتشار حالة الفوضى التي سادت أنحاء البلاد بعد الحرب الأخيرة. وفرضت القوات الايطالية المنتشرة في مدينة الناصرية طوقاً أمنياً مشدداً منعت بموجبه دخول السياح والمهتمين الى منطقة أور بغرض الاطلاع على معالم الزقورة التي هي عبارة عن معبد مبني على شكل مصاطب مرتفعة. وقد امتازت حضارة العراق القديمة بهذا النمط من العمارة. ويقول مفتش الآثار في الناصرية السيد عبدالامير الحمداني ل"الحياة" إن هذه الآثار التاريخية تملك قدراً من الأهمية لأنها تعد من أشهر المآثر السومرية الشاخصة في بلاد وادي الرافدين في الوقت الحاضر. وقد انشئت في أواخر عصر العُبيد وتطورت في عصور فجر السلالات ثم اكتسبت شكلاً وأسلوباً في عهد الملك اورنمو وأصبحت عبارة عن بناء صلد من اللبن المغلف بالحجر وزواياه الاربع متجهة الى الجهات الرئيسية. ولزقورة أور ثلاثة سلالم للارتقاء إلى المعبد العلوي الذي كان مخصصاً لكبار الكهنة والزوار. وبالقرب من السلالم يوجد معبد كبير يسمى المعبد السفلي، وترى معالمه من الواجهة الامامية. ويحيط بهذه المجموعة البنائية فناء واسع وسور فيه حجرات عدة مخصصة لسكن الكهنة وشؤون الادارة وغرف الحراس. وفي السور مدخلان أحدهما في الشمال الشرقي، ويعرف بطريق المرب، والآخر في الجنوب الغربي ويمر بهيكل "نن - كال". وتقوم بالقرب من الزقورة مقبرة ملكية يعود تاريخها الى عصر فجر السلالات الثالثة، وهي مخصصة للملوك والملكات والموظفين من ذوي الرتب العالية، هذا الى جانب مجموعة من البيوت السكنية التي يعود تاريخها إلى فترة "لارسا". واتهم مواطنون في مدينة الناصرية تحدثوا إلى "الحياة" قوات التحالف بعدم الإهتمام بهذه المواقع الأثرية ذات الأهمية السياحية. وأشار سعدي صالح الملا إلى أنه يجب الاهتمام بمنطقة أور والزقورة والمواقع الأثرية الاخرى، وإعادة بنائها وترميمها لتكون مكاناً للسياحة يزورها الأجانب والمواطنون، بينما هي تعاني من الاهمال حالياً، ومغطاة بركام من التراب يحيط بالزقورة وأسوارها. وتمنى أن يبنى بالقرب منها مطار مدني. وقال حامد مجيد الشطري ان الحزام الأمني الذي أحاط بأول عاصمة في التاريخ، ألا وهي مدينة أور المقدسة التي ضمت بين جناحيها بيت النبي ابراهيم، لم يبن اعتباطاً. وذكر أن المنطقة تعرضت للكثير من الاعتداءات التي حطمت الزقورة ومعابدها. وأضاف: "بعدها فوجئنا بأن النظام السابق يبني بالقرب منها قاعدة علي الجوية فمنع اهل الناصرية من زيارتها حتى تتسع الفجوة بينهم وبين تاريخهم. كما تعرضت العواصم الاخرى، سنكرة وأريدو وأوما، الى النهب والسلب والعبث والتخريب من قبل اللصوص الذين يهربون الآثار ويبيعونها الى التجار، وبالتالي الاساءة إلى حضارة العراق ووادي الرافدين". وعلمت "الحياة" أن المثقفين في مدينة الناصرية وجهوا دعوة الى الفاتيكان لحث البابا يوحنا بولس الثاني على زيارة منطقة أور الأثرية، والإطلاع عليها عن كثب "لعل الزيارة تدفع العالم الخارجي إلى إيلائها الإهتمام الذي تحتاجه هذه المنطقة".