تحولت التحفظات الشيعية عن وثيقة الدستور العراقي الموقت التي وقعت أول من أمس الى استياء وانتقادات حادة، وفيما أعلن عضو مجلس الحكم عبدالعزيز الحكيم ان الوثيقة "تحد من سلطة الشعب وتقيدها"، حمل الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بعنف على "فقرات تحجّم دور الاسلام"، معلناً "تبرؤه" من الدستور الموقت. وهاجم "القرارات التي تدعي الشرعية وتنبثق من الخيانة"، في حين حذر آية الله تقي المدرسي من أن بند الفيديرالية قد يؤدي الى "حروب أهلية"، معتبراً اياه "قنبلة موقوتة" راجع ص 2 و3 و4. في الوقت ذاته، عزا آية الله علي بشير النجفي تحفظات المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الى عاملين، يتعلقان بمكانة الاسلام في الدستور وكذلك مسألة الفيديرالية. وكشف نجل النجفي ان الحوزة العلمية لا ترفض الوثيقة رفضاً مطلقاً "تفادياً لفوضى في العراق". ولتبديد المخاوف التركية من الدستور الموقت الذي يمنح أكراد العراق "فيتو" على أي صيغة للدستور الدائم، توفد واشنطن اليوم مسؤولاً بارزاً الى انقرة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر ديبلوماسي ان رونالد نيومان العضو في سلطة "التحالف" كلف هذه المهمة وزير الخارجية الأميركي كولن باول، بعد الانتقادات الشديدة التي وجهتها انقرة الاثنين، إثر توقيع الدستور الموقت في بغداد. وقال المصدر طالباً عدم ذكر اسمه ان تركيا قلقة من وضع اكراد العراق، وتريد "التحقق من مدى قدرتهم يوماً على الانفصال". وكان وزير الخارجية التركي عبدالله غل أعلن في وقت متقدم ليل الاثنين انه تلقى اتصالاً من نظيره الأميركي كولن باول الذي أبلغه ان واشنطن ستوفد مبعوثاً الى أنقرة للبحث في المخاوف التركية. وأعرب غل عن أمله بأن "يحافظ العراق على استقراره"، في حين ذكر ديبلوماسي تركي ان باول أبلغ غل أن لا مجال للقلق من الدستور العراقي الموقت الذي "يعترف بحكومة اقليم كردستان بصفتها الحكومة الاقليمية الرسمية ضمن العراق الواحد"، كما يعترف بالكردية لغة رسمية في هذا البلد الى جانب العربية. ويجري مستشار الأمين العام للأمم المتحدة السفير الأخضر الابراهيمي محادثات في القاهرة، وربما الرياض، قبل عودته الى مقر المنظمة الدولية لاجراء مشاورات في شأن موعد عودته الى بغداد، إذا لم تتعرقل. وسيغادر دبي ليزور القاهرةوالرياض أواخر الاسبوع، ويتوقع ان يعود الى نيويورك الاسبوع المقبل. الى ذلك، تضاربت المعلومات حول حقيقة موقف الأعضاء الاثني عشر الشيعة في مجلس الحكم الذين أصدروا عقب الانتهاء من مراسم توقيع الدستور الموقت أول من أمس، بياناً أكدوا فيه تحفظهم الشديد. وبينما سعت الأطراف السنية والكردية في المجلس إلى التهدئة، وتأكيد عدم تهاونها في مسألة منع "هيمنة الغالبية"، في إشارة مبطنة الى الكتلة الشيعية واحتمال استئثارها بالقرار السياسي، تحرك الأعضاء الشيعة في المجلس لدرء اتهامات وجهت الى بعضهم بقبول الفقرة "جيم" التي تتيح للأقليات رفض قرار الغالبية، وفقرة أخرى تمنع أي برلمان منتخب من تغيير مواد الدستور الموقت. كما اتهموا بأنهم حاولوا التنصل من مسؤوليتهم عن إقرار الفقرتين، عبر التحصن خلف ستار "التحفظ" و"الرفض". وأكد بعض أعضاء المجلس السنة ل"الحياة" أن بعض الأعضاء الشيعة اعترف الجمعة الماضي حين تعثر توقيع الدستور، بأنه مضطر الى إبداء التحفظ بسبب "ضغط الشارع الشيعي". وفي مؤتمر صحافي حرص عبدالعزيز الحكيم، عضو مجلس الحكم والذي أناب عنه مساعده لتمثيله في احتفال توقيع الدستور على تأكيد نقطتين: تمسكه باستمرار المسيرة السياسية مع إبداء التحفظ عن نص الدستور، واطلاق حملة سياسية تركز على "تشخيص الجهة التي ستحال عليها السلطة"، وكذلك الاهتمام ب"اللجنة المسؤولة عن إجراء الانتخابات"، والتركيز على "المرافق والملاحق" التي ستضاف الى الدستور الموقت". وشدد الحكيم الذي يرأس "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" على أن الدستور يتضمن "نواقص مهمة"، مؤكداً ان تغيبه عن احتفال التوقيع كان نتيجة "تحفظات واختلافات في وجهات النظر". واعتبر أن قانون إدارة الدولة "يحد من سلطة الشعب ويقيدها"، وقال: "عندما يريد اقرار دستور دائم، المفروض احترام رأي الغالبية، لا أن تأتي ثلاث محافظات وتنقض الدستور، بالتالي توقف امكان ايجاد دستور دائم ما يشكل خطراً". ووصف تحفظات المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني بأنها "أساسية". الصدر وفي بيان لمكتب مقتدى الصدر في بغداد تلقته وكالة "فرانس برس"، اعتبر الزعيم الشيعي ان الدستور الموقت "وثيقة غير شرعية كتبت في غفلة من الزمن". ورأى ان الوثيقة "لا تمثل طموحات شعبنا ولم تنبثق من ارادته بكامل بنودها وفقراتها، بدءاً من تلك التي تحجّم دور الاسلام، وتصادر بكل وقاحة ارادة الأعم الغالب من شعبنا المسلم". ومعروف ان الدستور اعتبر الاسلام مصدراً للتشريع وليس المصدر الرئيسي أو الوحيد له. وفي لهجة تصعيد قال الصدر: "بئس العمل الذي يتكون في رحم الظلمة، وبئست القرارات التي تدعي الشرعية وتنبثق من الخيانة". واستدرك: "نتبرأ من هذا العمل الدستور الموقت جملاً وتفصيلاً"، منبهاً الى أنه "يتستر على نيات العدو المستعمر"، وداعياً العراقيين الى اعلان موقف كي "نحول بين الأعداء وبين التأسيس لعهد صدامي آخر". الى ذلك، قال المرجع الديني آية الله تقي المدرسي ل"الحياة" ان البند المتعلق بالفيديرالية في الدستور الموقت يشكل "قنبلة موقوتة"، ويعني "فرض الفيديرالية على غالبية الشعب، أي العرب"، بالتالي قد يؤدي الى "التقسيم وحروب أهلية"، في حين دافع عضو مجلس الحكم محمود عثمان كردي عن الفقرة "ج" من المادة 61 معتبراً إياها "ضماناً للجميع". وذكر أن الأكراد لا يحتكرون "الفيتو" على أي صيغة للدستور الدائم، بل هو متاح لكل 3 محافظات.