زادت الضغوط أمس على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير كي يذيع النص الكامل لمشورة المدعي العام اللورد بيتر غولدسميث، لكن حكومته تصر على انها لن تفعل ذلك تمشياً مع تقاليد ثابتة اتبعتها كل الحكومات السابقة. ويقول المعارضون للحرب على العراق ولبلير ان اسباباً سياسية ملحة تستدعي اليوم نشر هذه المشورة بالكامل، بسبب أزمة الثقة بالحكومة وبصدقيتها في مسألة الحرب، خصوصاً ان المبرر الرئيسي لها هو اسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يعثر عليها حتى الآن. وأفادت صحيفتا "ذي اندبندنت أون صنداي" و"ذي اوبزرفر" امس ان غولدسميث كان يرى ان اصدار قرار جديد من مجلس الأمن يعطي تفويضاً بشن الحرب كان مطلوباً، وانه غيّر موقفه بعد ذلك تحت ضغوط مكثفة. وأشارت الصحيفتان الى ان وجهة النظر الكاملة للنائب العام حول مشروعية الحرب لم تذع حتى الآن، وان الرغبة في الحفاظ على سرية الأمر هي السبب الحقيقي لإسقاط الاتهامات التي وجهت الى المترجمة كاثرين غان 39 سنة التي كانت تعمل في "مركز التنصت والاتصالات السرية البريطانية" وشطب محكمة الأولدبيلي هذه القضية قبل ايام. وكتبت "ذي اوبزرفر" ان محامي غان كان بإمكانه ان يعلن أمام المحكمة ان النائب العام كان يعتقد في تشرين الثاني نوفمبر 2002 ان بريطانيا تحتاج الى تفويض محدد لتنفيذ العمل العسكري من مجلس الأمن، لكنه بدل وجهة نظره في ما بعد. وأشارت الى ان الوثائق الحكومية تثبت ان النصيحة التي كان النائب العام قدمها لإضفاء المشروعية على الحرب "ظلت غامضة" الى ما قبل غزو العراق بأيام قليلة. وكشفت الصحيفة ان اللورد غولدسميث بعث برسالة الى بلير نهاية كانون الثاني يناير 2003، يعرب فيها عن قلقه من ان الحرب قد تكون غير مشروعة من دون الحصول على قرار ثان من مجلس الأمن، فاضطر الى اعادة صوغ نصيحته لبلير في "اللحظة الأخيرة" لتقديم تأكيدات لا لبس فيها للقوات المسلحة البريطانية بأن الحرب "لن تكون غير مشروعة"، وذلك وفقاً لما ذكره مصدر حكومي بارز كان بين المجموعة القانونية التي عملت مع غولدسميث في تقديم النصيحة. واعيد صوغ المشورة لتصبح اكثر وضوحاً بعد القلق الذي اعرب عنه رئيس الأركان آنذاك الأميرال السير مايكل بويس، حول امكان تقديم افراد القوات المسلحة لمحاكمة دولية بسبب عدم شرعية الحرب. وكان بويس بعث برسالة الى بلير اعرب فيها عن قلقه في هذا الشأن، كما اثار هذه المخاوف شخصياً في مكتب بلير، إذ طالب باصدار بيان لا لبس فيه، يفيد ان غزو العراق سيكون مشروعاً. ولم يعلن بويس موافقته على الحرب الا بعدما اطلع على المشورة النهائية لغولدسميث التي قدمت قبل ايام قليلة من بدء العمليات العسكرية. وفي تطور آخر نفت الوزيرة السابقة المثيرة للجدل كلير شورت امس انها تشن حملة انتقامية ضد بلير لاسقاطه. وقالت في حديث الى صحيفة "ذي صنداي تلغراف" ان ما فعله بلير اتسم بالخداع والتسرع في شن الحرب، وان هذه أمور لا يمكن التماس اي اعذار او مبررات لها. وأصرت شورت على موقفها الداعي الى استقالة بلير، وقولها ان الوقت حان لاستبداله بزعيم جديد لحزب العمال، من اجل تصحيح هذه الاخطاء و"تطهير" العمل الحكومي، والتوجه نحو الانتخابات البرلمانية المقبلة على نحو سليم. الى ذلك، أقر رئيس الوزراء المحافظ السابق جون ميجور بأن المزاعم التي تكشف يومياً حول مشورة النائب العام تعتبر مدمرة لبلير لأن الجو العام "اصبح مسموماً داخلياً". وطالب رئيس الوزراء بأن ينشر النصيحة لتفادي "هذا الدمار وفقدان الصدقية".