لا تزال التوقعات إيجابية في شأن اسواق الاسهم في دول المنطقة وستساعد النتائج الجيدة للشركات المدرجة لعام 2003، التي بدأت تظهر اخيراً في حفاظ الأسواق على قوة أدائها. غير أن الارتفاع الكبير في الأسعار، الذي شهدته أسواق الأسهم العربية العام الماضي، قد لا يتكرر بالنسبة نفسها السنة الجارية، ولا يُستبعد أن تنهي الأسواق العربية سنة 2004 بمعدل ارتفاع قد يصل إلى 20 في المئة. إن النظر بالمرآة الخلفية إلى أرباح العام الماضي قد لا يعطي صورة حقيقية عما إذا أصبحت أسواق أسهم دول المنطقة مقومة بأكثر من قيمتها العادلة، غير أنه مع الاخذ بعين الاعتبار الأرباح المتوقعة السنة الجارية والأوضاع المستقبلية للشركات المدرجة يصبح التقويم أكثر واقعية وتتقلص المغالاة في عدد كبير من أسهم الشركات المدرجة. لا بد من الإشارة إلى أنه يجب عدم استبعاد عملية تصحيح في الأسعار بعد الارتفاع الكبير الذي سجلته أسواق أسهم دول المنطقة العام الماضي، بل على العكس فمثل هذا التصحيح قد يكون مفيداً ومطلوباً لثبات وتحسن الأسعار مستقبلاً. ومن غير الشائع أن تنخفض أسعار الأسهم أو تراوح مكانها بعد توزيع الأرباح التي عادة ما تتم في نهاية الفصل الثاني من العام. اعادة ترتيب المحفظة ويمكن تقديم نصيحة الى المستثمر في أسواق الأسهم العربية أن يعيد ترتيب محفظته بحيث يتم التركيز على أسهم الشركات الكبرى الواعدة ذات الأداء الجيد وذات السيولة المرتفعة التي يسهل بيعها في حال حدوث عملية تصحيح، بدلاً من الشركات الصغيرة التي أصبحت هناك مغالاة في أسعار أسهمها بعدما ارتفعت بشكل كبير العام الماضي بسبب شدة المضاربة عليها. ويتوقع للشركات المدرجة في معظم أسواق أسهم الدول العربية، أن تسجل ارتفاعاً في أرباحها لعام 2003 قد تصل في المعدل إلى 35 في المئة في قطر، و30 في المئة في المملكة العربية السعودية والكويت، و25 في المئة في الأردن ومصر و20 في المئة في أسواق أسهم باقي دول المنطقة. ومع أهمية مثل هذه الزيادة في الأرباح غير أنه لا بد من تحليل مصادر الأرباح للعام الماضي، فهناك بعض الشركات، خصوصاً المصارف وشركات الاستثمار، لم تحقق كامل أرباحها من عملياتها التشغيلية بل جاء جزء لا يُستهان به من هذه الأرباح من استثماراتها في سوق الأسهم. ولا بد من استبعاد هذه الأرباح أولاً قبل قياس العائد على السهم ومكرر السعر إلى العائد، لأن الأرباح المحققة في سوق الأسهم العام الماضي قد لا تتكرر هذه السنة. أضف إلى ذلك أنه إذا حصل تراجع في الأسعار، فقد تتحول مثل هذه الأرباح الرأسمالية الدفترية إلى خسائر محققة. وستؤثر مستويات السيولة المرتفعة وأسعار الفائدة المتدنية وزيادة أرباح الشركات المدرجة في أداء أسواق الأسهم سنة 2004. وعلى رغم إمكانية تراجع أسعار النفط بعض الشيء عن مستوياتها الحالية إلا أنها ستبقى مرتفعة في المعدل، ما سينعكس إيجاباً على عائدات المنطقة النفطية ويشجع على زيادة النفقات الحكومية وسيحفز النمو الاقتصادي ويزيد من مستويات السيولة المحلية والإقليمية. وتماشياً مع أسعار الفائدة على الدولار، يتوقع أن تبقى أسعار الفوائد على العملات المحلية عند معدلاتها الحالية المنخفضة حتى منتصف السنة على الأقل وإن ارتفعت بعد ذلك سيكون ارتفاعها تدريجاً وبطيئاً. ويبدو ان مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي سيستمر على نهجه السابق في المحافظة على أسعار الفائدة على الدولار عند مستويات منخفضة، إذ تظهر السوق الآجلة لأسعار الفائدة بأن سعر الفائدة المتداول بين المصارف في أيلول سبتمبر المقبل لا تزيد سوى بنسبة 0.25في المئة على المستويات الحالية. وسيؤدي انخفاض أسعار الفائدة هذا إلى تقبل المودعين لمخاطر أكبر عن طريق الدخول إلى أسواق الأسهم المحلية، كما أن تراجع أسعار الفائدة على الإقراض سيقلص كلفة التشغيل ويزيد من ربحية الشركات ويحفز المستهلكين والشركات على إعادة تمويل قروضهم الحالية بأسعار فائدة أقل. وستؤدي المضايقات التي تتعرض لها رؤوس الأموال العربية في الخارج ... الى تشجيع عدد من المستثمرين العرب على إعادة توزيع محافظهم الاستثمارية لتشمل أسواق الأسهم العربية. ويُتوقع أن ينعكس الأداء الجيد الذي سجلته الشركات المدرجة العام الماضي على الأرباح التي ستوزعها هذه الشركات على حملة الأسهم. وعلى سبيل المثال، يُتوقع أن ترتفع الأرباح الموزعة في سوق الأسهم الأردنية السنة الجارية بنسبة 25 في المئة لتصل إلى 2.1 مليون دينار أي 284 مليون دولار، مقارنة مع 161 مليون دينار أو 227 مليون دولار عام 2002. ويُتوقع او ترتفع ارباح الشركات ال 69 المدرجة في سوق الأسهم السعودية أكثر من 30 في المئة لتصل إلى نحو 26 بليون ريال 6.9 بليون دولار عام 2003، من 19.3 بليون ريال 5.1 بليون دولار عام 2002 واستنادا إلى معدلات توزيع الأرباح في السوق، التي تبلغ 70 في المئة، سيتجاوز حجم الأرباح الموزعة السنة الجارية 18 بليون ريال 4.8 بليون دولار وهذا بدوره سيزيد في حجم السيولة في السوق وسيرفع من الطلب على الأسهم. وينطبق الأمر ذاته على أسواق الأسهم الأخرى في المنطقة. وأدرك المستثمر الذي يبحث عن أرباح مرتفعة يتم توزيعها سنوياً أن متوسط الربح الموزع للسهم لعدد من الشركات المدرجة في أسواق دول المنطقة وهو في حدود تراوح بين 2 و4 في المئة في المعدل يفوق ما توفره الودائع المصرفية التي تراوح أسعار الفائدة عليهابين 1 و2 في المئة. كما أن إعادة استثمار الأرباح الموزعة هذه ستؤدي إلى رفع مستويات السيولة في أسواق أسهم دول المنطقة. وتبقى التوقعات إيجابية هذه السنة لكل من أسواق الأسهم في السعودية والأردن ودولة الإماراتوالبحرين وعُمان وقطر وتونس والمغرب، ولا يتوقع ان يطرأ تحسن كبير على أسواق أسهم لبنان وفلسطين، أما الكويت ومصر فإن أسواق الأسهم فيها جديرة بالمراقبة لاقتناص الفرص الاستثمارية التي قد تظهر في هذه الأسواق. السوق السعودية بعد ثلاثة اعوام من الأداء المتواضع لسوق الأسهم السعودية ارتفع مؤشر السوق بنسبة 76.1 في المئة عام 2003، ووصل مكرر سعر السهم إلى العائد في المعدل إلى 25 وهو مرتفع بعض الشيء، غير أنه إذا أخذ في عين الاعتبار الأرباح المتوقعة لسنة 2004 يعود التقويم إلى مستوى 20 الذي يعتبر مقبولاً عندما تكون أسعار الفائدة دون 2 في المئة كما هي عليه الآن. وباستثناء قطاعي الكهرباء والزراعة حيث هناك مغالاة واضحة في أسعار أسهم شركات هذين القطاعين، تبقى أسعار أسهم الشركات الأخرى مقومة عند مستويات مقبولة اعتماداً على الأرباح المتوقعة للسنة الجارية. ومع قيام الشركات المدرجة بتوزيع أرباحها السنة الجارية إضافة إلى السياسة المالية التوسعية المتبعة، وعودة بعض رؤوس الأموال المستثمرة في الخارج، فإن هذا كله سينعكس على حجم سيولة فائضة أكبر في السوق. ومع ابتداء العمل بقانون سوق رأس المال الجديد في وقت لاحق من السنة، سيُسمح للأجانب المقيمين في البلاد الاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية وهذا عامل آخر سيؤدي إلى زيادة الطلب على الأسهم المدرجة. سوق الامارات وشهدت سوق أسهم الإمارات ارتفاعاً العام الماضي بنسبة 29 في المئة مقارنة مع 10 في المئة عام 2002 و 28 في المئة عام 2001. ويتوقع ان تحقق السوق أداء جيداً السنة الجارية أيضاً مدعومة بأحجام سيولة مرتفعة وثبات في أسعار النفط وانخفاض في أسعار الفائدة. وستستفيد الشركات العاملة في المشاريع الإنشائية الكبرى التي هي قيد التنفيذ وشركات الاسمنت والمصارف الممولة لهذه المشاريع من الفورة التي يشهدها حالياً قطاع الإنشاءات في الإمارات. وسجلت أسواق الأسهم لكل من البحرين وعُمان العام الماضي ارتفاعا بنسبة 28 في المئة و42 في المئة على التوالي بعد الأداء الضعيف للسوقين في الأعوام الثلاثة السابقة. ولا تزال الأسهم المدرجة في السوقين مقومة عند مستويات مقبولة كما تشير معدلات سعر السهم إلى العائد في البحرين 14 وفي عمان 17. ويُتوقع أن يكون أداء هذه الأسواق جيداً هذه السنة أيضاً مدعوماً بمستويات سيولة مرتفعة ونتائج جيدة للشركات المدرجة إضافة إلى معدلات نمو اقتصادي نشطة. سوق الدوحة وأنهت سوق الدوحة للأوراق المالية العام الماضي على ارتفاع بنسبة 69 في المئة بعد تسجيلها أداء جيداً أيضاً في العامين السابقين. وتشهد قطر حالياً فورة في المشاريع الإنشائية وزيادة كبيرة في إنتاج الغاز، ما أدى إلى تحقيق معدلات نمو هي الأعلى في منطقة الخليج. ويتوقع لأرباح الشركات المدرجة أن ترتفع بنحو 35 في المئة لعام 2003 بعد ارتفاع وصل إلى 30 في المئة في الشهور التسعة الأولى منه. وعلى رغم أن أسعار بعض الأسهم وصلت إلى معدلات مرتفعة جداً، إلا أن الاقتصاد القطري لا يزال ينمو بمعدلات مرتفعة مما يجعله يتضاعف كل أربع سنوات. ويُتوقع لسوق الأسهم القطرية تسجيل عام آخر من الأداء الجيد. سوق الكويت وفي سوق الأسهم الكويتية وصلت أسعار اسهم عدد من الشركات الى حد المغالاة وبلغ معدل سعر السهم إلى العائد 26 كما ارتفع معدل السعر إلى القيمة الدفترية إلى نحو 3.6. وباستثناء بعض الشركات الرئيسية المدرجة، جاء ما بين 30 و40 في المئة من أرباح الشركات بسبب استثماراتها في سوق أسهم الكويت. وأصبح ضرورياً التعامل مع السوق الكويتية بحذر والتركيز هذه السنة على اسهم الشركات غير المالية ذات الأداء الجيد والأرباح الواعدة. ارتفعت مؤشرات أسواق الأسهم في كل من المغرب وتونس مقومة بالدولار بنسبة 49.8 في المئة و 18.9 في المئة على التوالي عام 2003، بعد تراجعهما بنسبة 16.5 في المئة و 11.7 في المئة على التوالي عام 2002. ويتوقع ان يستمر الأداء القوي للسوقين السنة الجارية أيضاً مدعوما بمؤشرات اقتصادية جيدة وارتفاع في أرباح الشركات المدرجة. السوق المصرية وسجلت سوق الأسهم المصرية ثاني أفضل أداء بين أسواق الأسهم العربية عام 2003، وأنهت العام على ارتفاع بنسبة 88 في المئة. ولم تصل بعد أسعار الأسهم المصرية إلى حد المغالاة ولا تزال هناك فرص جيدة للاستثمار في السوق، غير أن العائق أمام المستثمر الأجنبي هو سهولة تحويل استثماراته وأرباحه من الجنيه المصري إلى الدولار، إذ لا بد له من الاتجاه الى السوق السوداء للحصول على كامل احتياجاته من العملات الأجنبية. وإذا ما بقيت الأوضاع في سوق الصرف على ما هي عليه فإن هذا سيحد من جاذبية الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم المصرية. ولا يتوقع ان يطرأ أي تحسن يذكر على أسواق أسهم كل من لبنان وفلسطين السنة الجارية أيضاً. السوق الاردنية وأنهت سوق عمان المالية عام 2003 على ارتفاع بنسبة 53.7 في المئة، لتسجل أفضل أداء منذ عام 1981، وتضاعف حجم التداول العام الماضي إلى 1.9 بليون دينار أي ما يعادل 2.7 بليون دولار وسجل القطاع المصرفي زيادة أكبر مما حققته السوق ككل إذ ارتفع مؤشر هذا القطاع بنسبة 73.4 في المئة. والارتفاع الكبير الذي سجلته سوق الأسهم الأردنية العام الماضي جاء بعد انخفاض في حدود 1.56 في المئة عام 2002 و20.5 في المئة عام 2000 و1.59 في المئة عام 1999 وارتفاع بحدود 30 في المئة عام 2001 ليصل معدل الارتفاع في الاعوام الخمسة الماضية إلى 12 في المئة. ويتوقع أن يكون أداء سوق عمان المالية جيداً هذه السنة أيضاً. وقد تكون أسعار أسهم بعض الشركات المدرجة وصلت إلى حد المغالاة بعدما تجاوزت معدلات سعر السهم إلى العائد 20 وسعر السهم إلى القيمة الدفترية 3. غير أن مثل هذه المغالاة في التقييم قد تتلاشى إذا أخذ الارتفاع المتوقع في الأرباح هذه السنة الذي قد يصل إلى 20 في المئة فيعود عندها معدل سعر السهم إلى العائد إلى أقل من 18. ولا بد للمستثمر من التركيز على أمرين رئيسيين: 1 - الاستثمار يجب أن يكون في الشركات الناجحة المدرجة في سوق الأسهم بمعنى أن القرار الاستثماري يحدده أداء الشركات والتوقعات المستقبلية لها ويجب أن لا يُربط بارتفاع سعر السهم أو هبوطه. فالشركات المربحة يعكس أداؤها الجيد ارتفاعاً في أسعار أسهمها والعكس ليس صحيحاً دائماً، خصوصاً في أسواق الأسهم النامية مثل الاسواق العربية حيث هناك مضاربات أكثر وشفافية أقل وحجم تداول محدود. 2 - لا يستطيع المستثمر اسالة استثماراته في سوق الأسهم قبل أن تبدأ الأسعار بالهبوط، كما أنه لا يستطيع الدخول إلى السوق عند بداية دورة ارتفاع جديدة، إذ أن مثل هذا التوقيت للدخول والخروج من سوق الأسهم من الصعب جداً تحديده حتى من قبل المستثمر المحترف، لذا فإن الاستثمار في الأسهم هو في الضرورة استثمار طويل الأجل، والعائد المحقق على الاستثمار في أسواق الأسهم العربية في الاعوام الخمسة الماضية جاء أعلى من العائد على الاستثمار في السندات أو الودائع المصرفية أو حتى الاستثمار في أسواق الأسهم الدولية. * الرئيس التنفيذي جوردإنفست.