في اول دفاع له عن المعلومات الاستخباراتية التي سبقت الحرب على العراق واستخدمت ذريعة لها، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي جورج تينيت امس ان المحللين في وكالته لم يدّعوا ابداً قبل الحرب ان العراق كان يشكل خطراً وشيكا على الولاياتالمتحدة. وقال تينيت، الذي تعرضت وكالته اخيراً لاتهامات بتقديم معلومات مضللة الى البيت الابيض عن قدرات العراق في مجال تطوير اسلحة دمار شامل، ان المحللين في الوكالة "كانت لديهم آراء متباينة حول وضع برامج الاسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية العراقية". واضاف ان تلك الآراء المتباينة "وردت في تقرير قدمه الى البيت الابيض في تشرين الاول اكتوبر 2002". وفهم من ذلك ان ادارة الرئيس جورج بوش قد تكون قررت الانحياز الى وجهة النظر الواردة في التقرير التي رأت أن العراق يمثل تهديدا وشيكا. غير ان تينيت نفى تعرض الوكالة لأي ضغوط للتأثير في طبيعة التقرير الذي أعدته حول الموضوع، وزاد: "لم يقل لنا أحد ما علينا قوله او كيفية قوله". واوضح في كلمة القاها في جامعة جورج تاون ان المحللين في "سي آي اي" "قدموا تقريرا موضوعياً الى صانعي السياسة عن ديكتاتور دموي واصل ممارسة التضليل لبناء برامج كان من الممكن ان تفاجئنا وتهدد مصالحنا". واشار الى طبيعة عمل الاستخبارات قائلاً: "من الصعب ان تكون على خطأ بالكامل او على صواب بالكامل.. وعندما نحصل على كل الحقائق، سنكتشف اننا لم نكن على خطأ تماماً، كما لم نكن على صواب تماماً". وتابع تينيت ان البحث عن الاسلحة المحظورة مستمر، وخلافاً لبعض التصريحات "لم ننته من عملية البحث بنسبة 85 في المئة كما يقال". واعتبر ذلك بمثابة تفنيد لإدعاءات ديفيد كاي الرئيس السابق لفريق تفتيش عن الاسلحة العراقية الذي كان تينيت عينه مستشاراً له قبل استقالته الشهر الماضي. واكد كاي أن العراق لم يكن يملك اسلحة دمار شامل عشية شن الحرب عليه ما أثار جدلاً حاداً داخل الادارة الاميركية التي تعرضت لانتقادات واسعة من الحزب الديموقراطي، وأجبرتها على الإذعان لمطالب بفتح تحقيق مستقل في تلك المعلومات. وتمكن البيت الابيض من إبرام "صفقة" تضمن دوراً للرئيس في اختيار اعضاء لجنة التحقيق من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وعدم اعلان تقرير اللجنة قبل الانتخابات الرئاسية، لتفادي تأثيره سلباً على حملة اعادة انتخاب بوش. وتمسك تينيت بتقديراته التي تشير الى ان الرئيس العراقي السابق "كانت لديه النية والقدرة على تحويل برامج صناعية مدنية الى انتاج اسلحة كيماوية، على رغم اننا لم نعثر على الاسلحة التي توقعنا العثور عليها". واضاف: "ما زلنا بحاجة الى مزيد من الوقت". وشدد على ان العراق "كان يملك البنى التحتية والكفاءات لمواصلة انتاج اسلحة بيولوجية، لكننا لا نعرف هل انتج تلك الاسلحة مجددا". واعترف تينيت في كلمته بصعوبة اختراق الدائرة الضيقة التي كانت تحيط بصدام للحصول على معلومات دقيقة عن خططه في ما يتعلق بالاسلحة المحظورة. لكنه اكد أن المعلومات كانت قوية في مجالات اخرى، رافضاً "الادانة الشاملة لقدراتنا الاستخباراتية البشرية في انحاء العالم". وشدد على انه عمل "على مدى السنوات السبع الماضية لاعادة بناء عملياتنا الاستخباراتية السرية". وقال تينيت ان عملاء في وكالته تمكنوا من القاء القبض على خالد الشيخ محمد الذي تعتبره واشنطن العقل المدبر لاعتداءات 11 ايلول سبتمبر، وكذلك القبض على الحنبلي. وكشف عن دور لوكالته في دفع ليبيا الى اعلان قرارها التخلي عن برامج اسلحة الدمار الشامل، كما كشف مساعدة باكستان كلاً من ايران وليبيا وكوريا الشمالية في تطوير برامج اسلحة محظورة. فرضيات رامسفيلد وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اكد اول من امس ان من المحتمل أن العراق لم يكن يمتلك اسلحة دمار شامل عندما غزت القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة أراضيه، وان كان ذلك غير مرجح. وعرض رامسفيلد أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ فرضيات لتفسير سبب عدم العثور على مثل هذه الاسلحة في العراق، حتى الآن قائلاً انها: - ربما لم تكن موجودة مع بداية الحرب. - العراق كانت لديه هذه الاسلحة لكنها "نُقلت كلياً أو جزئياً الى دولة أخرى او اكثر". - الاسلحة كانت موجودة ولكن "فُكّكت وأُخفيت في انحاء العراق". - الاسلحة "دُمّرت في فترة ما قبل" الحرب. - العراق امتلك كميات محدودة من العناصر الكيماوية والبيولوجية ولديه "قدرات كبيرة للبناء السريع... ربما نعثر عليها في النهاية في الشهور المقبلة". - امتلاك هذه الاسلحة "لغز من جانب العراقيين" إما ان صدام خدع الجميع وجعلهم يعتقدون بأنه يمتلكها وإما ان "رجاله" خدعوه وجعلوه يعتقد بأن لديه امكانات ليست موجودة في الاصل. وفي موسكو أ ف ب صرح نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف بأن بلاده ترى ان مسألة الوجود المفترض لاسلحة الدمار الشامل في العراق تقتضي رداً نهائياً. وقال فيدوتوف الذي نقلت تصريحاته وكالة الانباء الروسية "ايتار تاس" ان العراق "قام بأعمال لانتاج اسلحة للدمار الشامل ... وجزء من هذه الاسلحة وربما كلها دمره العراقيون في وقت ما او تحت مراقبة المفتشين الدوليين". واكد المسؤول الروسي ان "المسألة تتعلق بمعرفة هل في العراق مكوّنات محظورة تستخدم في صنع هذه الاسلحة" مذكراً بأن "اللجنة الاميركية التي قادها ديفيد كاي استنتجت عدم العثور على هذه المكونات". وتابع فيدوتوف: "اذا كان الامر كذلك يجب تأكيد هذا الاستنتاج بإشراف المفتشين الدوليين".