كان مؤسس الإخوان الإمام الشهيد حسن البنا 1906 - 1949 يرى أن الحزبية ليست شرطاً لحياة نيابية سليمة، وإن صحت في بلاد مثل أوروبا فهي لا تصلح لبلد مثل مصر يعاني الاحتلال الذي يلعب بكل الأحزاب. وكان يرى أن الأحزاب السياسية في زمنه هي إحدى مساوئ الحياة السياسية، ليس لها برامج واضحة، اجتمعت حول الأشخاص وليس على المبادئ، فشلت في الاتفاق على الحد الأدنى الذي يحقق وحدة الجهاد ضد الاحتلال وضد الفساد ودعاها أكثر من مرة لتلتقي على كلمة سواء لتحقيق أجندة وطنية ثم بعد الاستقلال ليكون من شأنها ما يكون. وكان البنا ينظر إلى "الإخوان" على أنها "روح يسري في الأمة فيجددها بالقرآن"، وأنها هيئة إسلامية شاملة، فوق الأحزاب لا تنافسها على المناصب والمواقع، بل تنتشر على حساب الجميع، وكثيراً ما ردد أمام الإخوان: "إنكم لستم حزباً سياسياً" وأدى هذا إلى تحول خطر في مسيرة "الإخوان" عقب استشهاد البنا وفي مرحلة السيولة التي عاشتها الجماعة وقت سريان قرار الحل قبل الاتفاق على المرشد الجديد المرحوم حسن الهضيبي، وهو السعي إلى التغيير السريع الفوقي والاتفاق مع جمال عبدالناصر الذي نجح في حشد "الضباط الأحرار" وكانت غالبيتهم من ضباط ينتمون إلى "الإخوان المسلمين". ثم كان الانقلاب الذي لم يرض عنه المرشد ثم الخلاف بسبب طبيعة المرشد الجديد القانونية التي تحترم الدستور والقانون وتطالب بعودة الحياة النيابية بإصرار، ثم الصدام الدامي الذي كانت نتيجته: استبداد تام لعبدالناصر وحصار شديد للدعوة والجماعة في المعتقلات والسجون ومنع من أي نشاط إسلامي إلا في حدود ضيقة جداً، وكانت الثمرة المرّة "التطرف والغلو والتشدد" في الفكر والممارسة والسلوك والذي شوّه صورة الإسلام والحركات الإسلامية. حدث تدريجاً تحول كبير في موقف "الإخوان" من "الحزبية" أو "التعددية السياسية" في إطار عودة إلى المنهج الوسطي المعتدل تطبيقاً وتنفيذاً، فقد شارك أفراد من "الإخوان" في الانتخابات النيابية منذ العام 1976 ثم شاركت الجماعة مع حزب "الوفد" عام 1984 ثم مع حزبي "العمل والأحرار" العام 1987. وحدث الشيء نفسه في بلاد أخرى غير مصر مع موجة الانفتاح السياسي، وخلال هذه الفترة قرر "الإخوان" السعي إلى إنشاء حزب سياسي بعد أن ترددوا طويلاً إبان فترة السماح في عهد السادات، ثم تكليف المرحوم صلاح شادي وآخرين إعداد برنامج للحزب وانتظار فرصة مواتية لإعلان هذا الحزب. وكانت الخطوة الجريئة العام 1996 بالتقدم بأوراق لتأسيس حزب "الوسط"، وكان رد الفعل الحكومي هو القبض على عدد من المؤسسين ونخبة من كبار الإخوان ومحاكمتهم عسكرياً والحكم على أكثر من نصفهم بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة 3 سنوات، كانت أعمارهم جميعاً ما عدا شخصاً واحداً، فوق الستين سنة. أصدر "الإخوان" في آذار مارس 1994 وثيقتهم المشهورة حول "الشورى والتعددية السياسية في المجتمع المسلم"، التي توضح التجديد الذي حدث وهو الأخذ بالاجتهادات الفقهية التالية كاختيار ملزم للجماعة. فالشورى الإسلامية ملزمة للحاكم وصورتها الحديثة الديموقراطية ذات المرجعية الإسلامية تضمن التداول السلمي بين الأحزاب السياسية في المجتمع المسلم عبر الانتخابات الحرة النزيهة، وحق كل القوى السياسية في تشكيل أحزابها السياسية في ظل احترام الدستور والقانون والمقومات الأساسية للمجتمع وعدم جواز حظر الأحزاب بقرارات إدارية وأن يكون القضاء الحر المستقل هو الفيصل في أي تجاوزات حزبية. ومثل ذلك الأخذ بما سماه "البنا" من البداية: النضال الدستوري كوسيلة للتغيير والأخذ بالتدرج في الخطوات وهي من خصائص دعوة "الإخوان"، واعتماد الاقناع والتربية أسلوباً لكسب الشعوب إلى جانب الفكرة الإسلامية، وعدم الانخراط مطلقاً في أي أعمال عنف أو تغيير فوقي من طريق الانقلابات العسكرية أو حرب العصابات أو غيرها. تبدت النظرة الواقعية في تطبيق التحولات الفكرية على مجالات النشاط السياسي في أكثر من بلد، فإذا كانت ظروف الإخوان في مصر لم تسمح لهم إلا بالوجود الواقعي كقوة شعبية وحركة إسلامية، وإذا كان النظام السياسي في مصر وضع خطاً أحمر أمام تحول "الإخوان" إلى حزب سياسي في تصريحات متكررة للرئيس مبارك رغم إعلانه أن الإخوان حركة سلمية تعمل بالطرق الديموقراطية ليس لها صلة بالعنف، فإن التجارب الإسلامية خارج مصر تعددت في تشكيل أحزاب سياسية. أبرز هذه التجارب كان في اليمن والأردنوالجزائر حيث شُكِّلت أحزاب سياسية. وهناك أنشطة حزبية من دون تشكيل أحزاب في لبنان والكويت. وهناك تجارب من حركات قريبة من "الإخوان" ومدرستهم الفكرية في تركياوماليزياوباكستان وفي المغرب والسودان. تعددت الأشكال الحزبية في هذه التجارب، وطرحت نماذج عدة مثل أن يكون للجماعة ذراعٌ حزبية في تجربة فريدة كالأردن، حيث ان "الإخوان" جماعة وحيدة معترف بها من جانب النظام الملكي أنشأوا حزب "جبهة العمل الإسلامي"، وهذه تجربة لم تتكرر في أي بلد آخر، وقد تتكرر في العراق حالياً، والسبب في تقديري هو تقلب الأوضاع السياسية. ففي الأردن تم السماح بالتعددية الحزبية ثم ألغيت ثم عادت وهكذا، بينما ظلت جماعة "الإخوان المسلمين" قائمة منذ نشأة المملكة الهاشمية، وقد تم إلغاء الأحزاب في مصر العام 1953 والإبقاء على الإخوان المسلمين حتى خيم الصدام الدموي بظلاله على تفكير الإخوان، حيث لم تشهد المنطقة العربية استقراراً سياسياً منذ بزوغ نجم "العسكريين". في الجزائر واليمن تحول تنظيم "الإخوان" إلى حزب سياسي بمفرده في الأولى أو في إطار أوسع في اليمن متحالفين مع شيوخ قبائل وتجار ورجال أعمال وغيرهم. فكان حزبا "حركة مجتمع السلم: حماس"، و"التجمع اليمني للإصلاح". هذه التجارب تحتاج إلى دراسات متأنية لمعرفة الإشكالات التي حدثت نتيجة هذا التحول أو الازدواجية الموجودة في الأردن. لكنها جميعاً تشترك في أنها استمرت وظلت حية مشاركة تحقق نتائج طيبة في الانتخابات العامة تراوح بين الموقع الأول أو الثاني أو الثالث في ظل قيود سياسية وشكوك جادة في نزاهة الانتخابات التي تتم من دون إرادة سياسية حقيقية تتيح تداول السلطة. تشترك هذه التجارب أيضاً في أن الأحزاب الإسلامية الإخوانية شاركت في الحكومات في تلك البلاد حكومات شبه ائتلافية وخرجت بعد ذلك في الأردن واليمن وما تزال في الجزائر، وكان المرجع في ذلك ان الاختيار الفقهي للإخوان لم ينشر حتى الآن حول "المشاركة في الحكم"، وهو اختيار يجعل ذلك مباحاً إذا دعت إليه ضرورة ملحة أو مصلحة متحققة. إذا انتقلنا بعد ذلك إلى التجارب الأخرى، سواء في المنطقة العربية أو الساحة الإسلامية سنجد أنفسنا أمام تنوع هائل في التجارب، وحاجة ماسة إلى دراسات متعمقة لكل تجربة على حدة، حيث وصل الحزب المحافظ الإسلامي سابقاً إلى الحكم في تجربة فريدة في تركيا وفي ظل نظام علماني شديد التطرف ويخوض اليوم معارك متصلة ضد سيطرة العسكريين من جهة، وضد قادة النخب السياسية والإدارة الحكومية من جهة أخرى، ويحظى برعاية أميركية واضحة .والتردد الأوروبي في قبول تركيا في حظيرة الاتحاد الأوروبي واضح. وإن حدث الانضمام، فإنه يمثل إنجازاً قومياً للحزب "العدالة والتنمية" قد يضمن له البقاء في السلطة لفترتين تاليتين، ما يحقق تحولاً مهماً في تاريخ تركيا الحديث قد يعيدها إلى جذورها الإسلامية ويجعلها أهم دولة في الشرق الأوسط وتصبح جسراً بين العالم الإسلامي والغرب، وذلك سيهمش دور الكيان الصهيوني ويضعف أهميته الجيو - ستراتيجية، ما قد يؤذن بانهياره تماماً. ماليزياوباكستان نموذجان آسيويان لهما خصوصيتهما المتميزة، فحيث نجحت ماليزيا في التحول من دولة نامية إلى نمر آسيوي في ظل قيود على السياسة ليست بالشديدة، نجحت باكستان أيضاً في تحقيق الانجاز النووي لتمتلك القنبلة النوية وتصبح أول دولة إسلامية تدخل النادي النووي، وفي كلتا الدولتين ما زالت التجربة السياسية ضعيفة متوجسة، وما زالت الديموقراطية الحقيقية أملاً بعيد المنال، لكن الأحزاب الإسلامية شريك في العملية السياسية من دون مشكلات. السودان قصة تراجيدية تمثل انتكاسة ديموقراطية وتثير إشكالات متعددة، إذ كان الحزب الإسلامي الذي تحول من "جبهة الميثاق" إلى "الجبهة القومية الإسلامية" ثم شارك في الحكم وكرر التجربة المريرة في الانقلابات العسكرية بعد أن ولى زمانها وانتهى دورها، وسيطر هاجس الأمن والبقاء في السلطة على أي اهتمامات أخرى، ما أفقد التجربة دورها فأصبحت غير قابلة للتكرار لأنها خارج السياق. الرعاية الاميركية لمشروع ديموقراطي في الشرق الأوسط وربط ذلك بقبول تام للوجود الصهيوني وبالدولة العبرية يجعل هذا المشروع أمام مأزق تاريخي وتناقض تصعب إزالته. فأي عملية ديموقراطية ستأتي بأكبر المعترضين على المشروع الصهيوني والرعاية الاميركية له وللمنطقة الهيمنة بلغة أصرح والحزب الإسلامي في مصر وفي أي بلد آخر سيكون فارساً ضمن أهم 3 فرسان في الحلبة ولا يمكن ضمان حياده إزاء المشاريع الاميركية لأنه يقدم مشروعاً بديلاً. كيف يمكن التعايش مع ذلك الوضع؟ هذه أولى الإشكاليات التي يثيرها السماح بحزب سياسي للإخوان المسلمين في مصر، ويا للأسف إنه إشكال خارجي نظراً لأن الدور الاميركي أصبح هو الأهم في الحقبة التاريخية الحالية. يمكن حل هذا المشكل إذا كانت الديموقراطية شكلية فقط، أي مجرد ديكور، ولا يسمح بتداول حقيقي للسلطة. ويمكن حل هذه المسألة إذا نجحت أميركا في ترويج النموذج التركي، وهو من أصعب الأمور، في المنطقة: دولة علمانية تفصل الدين عن الحياة، مؤسسة عسكرية شديدة التسلط تتمتع بمزايا خرافية وتفرض نفسها حامية للعلمانية المتطرفة، حزب إسلامي يتخلى عن إسلاميته الصارخة لمصلحة ما يُسمى ب"العلمانية المؤمنة"، اعتراف بالدولة الصهيونية وعلاقات وطيدة معها وتعاون عسكري واقتصادي. ودون ذلك صعوبات عدة، أهمها أن تركيا وتاريخها وتقلباتها نموذج متفرد لا يمكن تكراره، وأن الثقافة الإسلامية الشاملة الإسلام دين وحياة ودولة ترسخت في غالبية المجتمعات العربية بصورة يصعب اقتلاعها ولو ببلايين الدولارات التي تنفقها أميركا على "سوا" و"الحرية" وغيرها من الميديا، وإذا نجح، فكم من الوقت سيستغرق؟ وهل يصل إلى ما وصل إليه أتاتورك؟ الإشكالية الثانية المهمة هي موقف النظام الحاكم في مصر، واذ بات يوقن ان السماح بعملية ديموقراطية سليمة سيودي بمصالح النخب الحاكمة سياسياً واقتصادياً وسيفتح ملفات الفساد على مصراعيها وسيؤدي إلى الإطاحة بحزب ورقي مترهل لم تجدِ معه محاولات الإصلاح الأخيرة وسيدفع به إن بقي في دائرة الضوء إلى خارج سدة الحكم. هل يستمر هؤلاء في المقاومة؟ وإلى أي مدى يصمدون أمام الضغوط، ليس فقط ضغوط الخارج، لأن الخارج يعلم أن مصالحه مستمرة في بقاء هؤلاء، لذلك يستنزفهم إلى آخر قطرة دم لاحظ ما يجرى في ليبيا، ولكن أمام ضغوط الداخل وهي الأهم والأخطر، ليس تراب معارضة مستسلمة، ولكن ملفات الاقتصاد والشباب والمجتمع والإسكان... وهي لا تحتمل التأجيل، ولا يصلح معها التجميل، بل تفاجئنا كل يوم بانهيار عمارة أو كارثة قطار أو فشل اقتصادي أو انهيار التعليم. القرار السياسي الذي يحظر تشكيل الأحزاب واقعياً - ومنها حزب للإخوان - إلى متى يستمر؟ الظاهر انه لن يصمد طويلاً أمام الضغوط الهائلة. هنا تنتقل الإشكاليات إلى الداخل الإخواني، الذي حسم قرار إنشاء حزب سياسي ولكنه لم يحسم بالقدر نفسه ما يترتب على ذلك من قضايا ما تزال محل جدل داخلي. الظاهر ان الاتجاه الذي يرى في التحول الكامل إلى حزب سياسي يشمل جميع الأعضاء ويفتح الباب أمام جموع المصريين، بكل انتماءاتهم، للانضمام اليه بمن فيهم النصارى هو الذي سينتصر في هذا النقاش، خصوصاًَ إذا ظهر أن هناك جدية وضمانات حقيقية لعملية ديموقراطية سليمة تسمح بتداول السلطة، هنا سيكون على "الإخوان" أن ينتقلوا نقلة هائلة في مشروعهم الإسلامي وهي الخطوة الرابعة والخامسة من برنامج عملهم المعلن من بدايات القرن الماضي: تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي، وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق تحقق مصالح العباد. الخيارات الأخرى أمام الإخوان هي: الأول: البقاء كحركة وهيئة إسلامية غير حزبية تمثل مرجعية إسلامية سُنية مثل المرجعيات الأخرى تؤيد من يتبنى برامجها وأفكارها من كل الأحزاب السياسية، ويؤيد ذلك الاتجاه مفكرون مثل: توفيق الشاوي ورفيق حبيب مسيحي إنجيلي وعبدالعاطي محمد. هنا سيلزم قرار حكومي يضفي المشروعية القانونية على "هيئة الإخوان المسلمين" كما كانت قبل 1952 مع قيد على الأنشطة السياسية المباشرة. وسيصعب على "الإخوان" تبني هذا الخيار ولأن شمولية فكرة الإخوان وأهمية أن تكمل مراحل العمل التي اعتمدتها منذ نشأتها والخشية من انصراف الناشطين سياسياً من أعضائها للانضمام إلى أحزاب أخرى ستؤدي إلى عدم تمتع هذا الاختيار بقبول عام، خصوصاً إذا كانت هناك حريات عامة تسمح بتبني خيارات أخرى. الثاني: أن يُنشئ الإخوان أو بعضهم بالأحرى حزباً سياسياً مع بقاء الإخوان كجماعة إسلامية، وهذا سيؤدي إلى الكثير من المشكلات، الازدواجية في اتخاذ القرار، الموقف القانوني للجماعة إذا لم تتحقق لها مظلة قانونية، وهذا ما حدث مع حزب التجمع اليساري في مصر الذي ظل خاضعاً لسيطرة مجموعة متنفذة من الشيوعيين الحزب الشيوعي المصري وأدى في النهاية إلى انفراط عقده وفشل التجربة بنسبة كبيرة وضعف الحزب، كما سيؤدي إلى عدم ثقة بقية الناس في الحزب إذا تيقنوا أنه يُدار من خارج هيئاته، فيصبح مجرد مظلة قانونية فقط وليس مشروعاً للتغيير عبر الوسائل الديموقراطية. لا شك في أن هذا الاختيار يصعب تبنيه أيضاً إذا كانت هناك خيارات أفضل. لماذا يبحث البعض عن خيارات أخرى غير التحول الكامل إلى حزب سياسي؟ الإشكال الأول هو أن فكرة "الإخوان" أوسع من فكرة الحزب السياسي، وأن هناك خشية من عدم قدرة الحزب على القيام بكل أنشطة الجماعة: دعوياً وتربوياً وإجتماعياً. هنا يجب البحث في إطار الحريات العامة عن وسائل أخرى تحقق أغراض الجماعة أو توسيع إطار الحزب ليشمل غالبية إن لم يكن كل الأنشطة في تطوير إسلامي لفكرة الحزب السياسي. الإشكال الثاني هو عالمية الدعوة ومصير التنظيم الدولي، لأن كل قوانين الدول لا تسمح بامتدادات حزبية خارجية. يمكن حل ذلك باعتماد آلية عالمية للتنسيق بين الأحزاب الإسلامية مثل تجربة الاشتراكية الدولية. يثير البعض من خارج "الإخوان" إشكاليات أخرى مثل: صعوبة اعتماد برنامج عملي حياتي أو نزع القدسية التي صنعوها هم عن شعارات الإخوان، أو الخروج من الإطار الفضفاض إلى التفصيل المزعج، أو صعود أجيال جديدة الى الواجهة. أو... أو... مراهنين على حدوث انقسامات وتشققات وتصدعات أو الفشل في مواجهة تحديات الواقع وسقوط المشروع الإسلامي كله. هذه أمور قد تمثل مشكلات على طريق التحول، ولكنها لن تؤدي بصورة آلية إلى ما يرغب فيه المتربصون، وسيستطيع "الإخوان" التغلب عليها والتعايش معها. إن التحول إلى حزب سياسي يتيح للإخوان، كما لغيرهم، فرصاً عظيمة في تحقيق مشروع إسلامي سلمي ينتشل الأمة من وهدة الضياع وحفرة الفشل، سيدفع كل المخلصين أو غالبيتهم للانضمام الواسع إلى حركة إسلامية وسطية معتدلة تمنحهم فرصاً واسعة لخدمة أمتهم وترعى مواهبهم وتطلق إبداعاتهم الجادة. وسيحقق انتشاراً هائلاً للفكرة الإسلامية التي يتم تخويف الناس منها بإضفاء المظلة القانونية على التنظيم الإخواني، وسيعمل الإخوان - في تحدٍ حقيقي لهم - على تحويل ملايين المتدينين إلى طاقات عمل وجهاد لتنمية شاملة تحقق نهضة الأمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً، وتجعل الدين خلاصاً جماعياً وليس خلاصاً فردياً. * نائب سابق عن الإخوان المسلمين في البرلمان المصري.