كشفت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية عن تفاصيل معركة ب"الفاكس" دارت رحاها بين بغداد والناصرية، بطلاها وزير الكهرباء العراقي وقائد الوحدة الإيطالية المرابطة في مدينة الناصرية. وكتبت الصحيفة في عددها الصادر أمس أن "وزير الكهرباء طالب بتحويل قسط كبير من إنتاج محطة توليد الطاقة الكهربائية في مدينة الناصرية إلى العاصمة العراقية" لتغطية احتياجاتها من الطاقة. ووصفت الصحيفة ذلك بأنه "تكرار لما جرت العادة عليه إبان حكم الديكتاتور الذي كان يحوّل إنتاج المحطة إلى بغداد، تاركاً أهل الناصرية ومحافظة ذي قار في ظلام دامس". وأشارت إلى أن قائد وحدة "ساسّاري" الجنرال برونو ستانو "تمكن قبل رحيله من الناصرية أمس من الحؤول دون تنفيذ مطالبات وزير الكهرباء"، معارضاً في رسائله "المرسلة بالفاكس"، تلك المطالبات. الجنرال أكد ذلك بنفسه، مشيراُ إلى أنه نبّه المسؤولين في وزارة الكهرباء العراقية قائلاً: "إذا كنتم ترغبون في أن تفعلوا كما في الماضي، عليكم تحمّل مسؤولية ما نتوقّع" من مشاكل واضطرابات شعبية في المدينة. ونقلت الصحيفة عن الملازم ماريو آفيرسا 37 سنة الذي توّلى الإشراف على إعادة تشغيل محطة توليد الطاقة: "قلت لهم أن سكان الناصرية سيرجموننا بالحجارة إذا تركناهم من دون كهرباء في هذا الوقت". وكان آفيرسا تمكن بالتعاون مع الفنيين العراقيين من إعادة تشغيل المحطة القديمة التي أنشأها الروس في الناصرية قبل 25 سنة ووصلت قدرتها الانتاجية إلى 150 ميغاواط من الطاقة، في حين يفترض أن تكون قادرة على إنتاج 840 ميغاواط. آفيرسا، الذي غادر الناصرية أمس برفقة وحدة ساسّاري، وصف عمله في الناصرية بأنه كان "مثمراً"، لافتاً الى المصاعب التي واجهته وهو يتعامل مع "محطة عمرها 25 سنة يعمل فيها فنيون وعمّال حرموا من تطوير معارفهم". ورأى أن الخطر الأكبر هو "تجاهل مطالب الناس في المدينة". وكان الجنرال ستانو سلّم راية الوحدة الإيطالية في العراق إلى الجنرال جان ماركو كياريني الذي سيتولى قيادة وحدة "آرييتي" في الناصرية. وسلمت القيادة جرى في احتفال مهيب شارك فيه رئيس مجلس النواب الإيطالي بيير فيرديناندو كازيني الذي جاءت زيارته الناصرية في ظل جدل واسع حول "إحجام" رئيس الحكومة سيلفيو بيرلوسكوني عن زيارة الناصرية. اذ اتهمت المعارضة رئيس الحكومة بأنه "فضّل الذهاب لإجراء عملية تجميل لعينيه بدلاً من الذهاب إلى الناصرية" لزيارة أفراد الوحدة الإيطالية. فبعدما كان متوقعاً ان يتفقد الوحدة في عيد الميلاد السابق، ألغى بيرلوسكوني تلك الزيارة في شكل مفاجئ، مبرراً قراره بانكشاف موعدها، مما دعا الى إلغائها لأسباب أمنية. وقال بيرلوسكوني امس: "لم أذهب الى الناصرية لأن الأخطار الأمنية كانت عالية جداً، وسأذهب عندما أقرر أنا وليس عندما تقرر الصحف". يذكر ان الوحدة الايطالية في الناصرية تعرضت في الثاني عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي الى هجوم أودى بحياة 19 ايطالياً بينهم مدنيان وثمانية مواطنين عراقيين. وصوّت البرلمان الايطالي بغالبية كبيرة في الخامس عشر من نيسان ابريل الماضي لمصلحة نشر قوة ايطالية في العراق، واصدرت الحكومة قانوناً يمدد للقوة في الناصرية لسنة أخرى، ويفترض ان يناقش البرلمان الأمر قبل نهاية الشهر المقبل.