سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البنك المركزي الاوروبي سيركز على التضخم أكثر منه على نمو أوروبا المخيب للآمال . ضعف الدولار الأميركي "عارض لعلة في الاقتصاد العالمي" وتنامي القلق ازاء تزايد العجز التجاري وحجم الاقتراض
ذكر "بنك الكويت الوطني" في تقريره الأسبوعي عن الأسواق العالمية، أمس الأحد، ان التدهور السريع للدولار الأميركي الأسبوع الماضي يثير نقاشات جديدة عن أسبابه وتأثيره على الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى تزايد الهوة بين الصادرات والواردات للولايات المتحدة وتزايد حجم اقتراضها، ولافتاً إلى احتمال رفع أسعار الفائدة الأميركية. أما بالنسبة لمنطقة اليورو، فيشير التقرير إلى ان البنك المركزي الاوروبي سيركّز على التضخم أكثر منه على نمو أوروبا المخيّب للآمال أو ارتفاع اليورو، لدى تحديده سياسة أسعار الفائدة في الأشهر القليلة المقبلة. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: تمخض عن الهبوط السريع للدولار الأميركي أخيراً نقاشات جدية حول سبب هذا التطور، والأهم من ذلك عن تأثيره. فقد تراجع الدولار بنسبة 10 في المئة بالمقارنة مع العملات الرئيسية الأخرى منذ أيلول سبتمبر الماضي. ويعتبر البعض ان ضعف الدولار هو"عارض لعلة في الاقتصاد العالمي، وانه أيضاً جزء من الحل"! وتزداد الهوة اتساعاً بشكل كبير ومقلق بين الصادرات والواردات الأميركية وحجم الاقتراض، وذلك بالمقاييس التاريخية. وتتوقع"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"أن تقترض الولاياتالمتحدة السنة الجارية 670 بليون دولار من بقية العالم، ما يشكّل نسبة غير مسبوقة تبلغ 5.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مجموع الناتج الاقتصادي للدولة، أي تقريباً ضعف ما يعتبره العديد من الاقتصاديين نسبة يمكن المحافظة على استمرارها. وفي الوقت الذي سيساعد انخفاض الدولار على تصحيح العجز التجاري في النهاية، فإن الزيادة الكبيرة في المدخرات الأميركية وما يرافقها من تراجع في الاعتماد على الاقتراض الأجنبي ستنتج فقط عن وضع حد للعجز الحكومي في الإنفاق. ويساور الأسواق أيضاً قلق في شأن ما يمكن أن يحدث إذا قررت الصين وغيرها من الدول، التي تملك حالياً ما يربو على 40 في المئة من سندات الخزينة الأميركية، انها لم تعد تريد الاحتفاظ بهذه الدولارات التي تهبط قيمتها باستمرار. وقد انخفضت نسبة المدخرات الشخصية الأميركية في تشرين الأول أكتوبر الماضي إلى ثاني أدنى مستوى له على الإطلاق، وهو تطور يجعل من الصعب على الولاياتالمتحدة أن تقلص عجزها التجاري الهائل. وبلغت مدخرات العائلة 0.2 في المئة من دخلها المتاح، بعدما سجّلت نسبة 0.3 في المئة في شهر أيلول. لكن الاستهلاك الفردي ارتفع من أيلول إلى شهر تشرين الأول بنسبة 0.7 في المئة. في غضون ذلك، برزت بعض الإشارات التحذيرية للاقتصاد الأميركي. فقد أفادت وزارة التجارة ان أرباح الشركات الأميركية انخفضت بنسبة 2.4 في المئة في الربع الثالث، وهو أسوأ انخفاض منذ ثلاثة أعوام. وينحى باللائمة في ذلك على سلسلة من الأعاصير. إلا ان معدل نمو الأرباح قد انخفض بوضوح، من معدل سنوي مقداره 28 في المئة في الربع الأول إلى معدل سنوي مقداره 8 في المئة في الربع الثالث، ما يثير تساؤلات حول تلهف رجال الأعمال على إنفاق المال على التوظيف في الأشهر المقبلة. وأظهرت بيانات الوظائف غير الزراعية لشهر تشرين الثاني نوفمبر ان الاقتصاد وفّر 112 ألف وظيفة إضافية فقط في الشهر الماضي، وهو رقم لا يرقى أبداً إلى الرقم المتوقع والبالغ 200 ألف وظيفة، والعدد الذي تمت مراجعته للشهر الماضي والبالغ 303 آلاف وظيفة. على صعيد آخر، أفاد"مجلس المؤتمرين"، وهو شركة أبحاث خاصة، ان مؤشره الذي يتابعه المراقبون عن كثب والخاص بثقة المستهلك، قد انخفض للمرة الرابعة على التوالي في تشرين الثاني إلى أدنى مستوى له منذ آذار مارس. وجاءت التوقعات الخاصة بنمو الوظائف مستقبلاً عند أدنى مستوى لها منذ سنة. كما انخفضت مخططات الشراء المستقبلي"بشكل هائل". وعلى الصعيد الإيجابي، نما إجمالي الناتج المحلي بمعدل سنوي بلغ 3.9 في المئة في هذا الربع، وهو أفضل من المعدل البالغ 3.7 في المئة الصادر سابقاً. وأفاد معهد إدارة الانتاج ان مؤشر النشاط التصنيعي لديه ارتفع من 56.8 في تشرين الأول إلى 57.8 في تشرين الثاني، ما يشير إلى تسارع النمو في قطاع المصانع. وستولي الأسواق أيضاً اهتمامها مستقبلاً للاجتماع المقبل للجنة النقدية للسوق المفتوحة، حيث يتوقع أن يرفع مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة مرة أخرى. لكن التركيز سيكون على البيان المصاحب، لأن وضع الوظائف وضعف الدولار وأسعار الطاقة، كلها عوامل تساهم في تحديد"ازدياد المخاطر"على الأسعار. وبعد خمسة أشهر من الإجماع غير المعتاد، بدأ الاختلاف في آراء مسؤولي مجلس الاحتياط، ما قد يزيد صعوبة تحقيق إجماع على الرئيس ألن غرينسبان في السنة المقبلة. منطقة اليورو حذّر رئيس البنك المركزي الأوروبي، جان كلود تريشيه، من"عدد من المخاطر المتزايدة"على استقرار الأسعار، ما يشير إلى ان البنك سيركز على التضخم أكثر منه على نمو أوروبا المخيّب للآمال أو ارتفاع اليورو، لدى تحديده سياسة أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وعلى رغم ان أسعار الفائدة بقيت على حالها الأسبوع الماضي عند مستوى منخفض تاريخياً بلغ 2 في المئة، إلا ان البنك المركزي الأوروبي أوضح انه يميل أكثر نحو رفع سعر الفائدة منه نحو خفضها. وقد فاجأ البنك العديد من الاقتصاديين، كونه سيفكر في رفع أسعار الفائدة مع ارتفاع اليورو وتعثر الانتعاش الاقتصادي، إذ ان ارتفاع اليورو يخفض التضخم عن طريق خفض كلفة الواردات. كما أنه يخفّف من النمو من خلال جعل صادرات المنطقة أقل تنافسية. وتزداد المضاربات في شأن احتمال أن يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى وقف ارتفاع اليورو، عن طريق بيع العملة الأوروبية وشراء الدولار الأميركي. وأقر تريشيه بأن البنك يملك"سلاح التدخل"، لكنه قال انه لن يعلّق على الأمر أكثر من ذلك. وكان مسؤولو البنك المركزي الأوروبي أقروا منذ نحو شهر بأن تحرك الدولار إلى مستوى1.30 مقابل اليورو سيكون"مرّاً"بالنسبة للشركات الأوروبية الكبرى. واليوم، تم تجاوز هذا المستوى بكثير. وتكمن مشكلة أوروبا الخاصة في ان الاقتصادات الآسيوية مربوطة بشكل كبير بالدولار الأميركي، وكانت الصادرات إلى آسيا محركاً أكيداً للنمو الأوروبي. وقد يؤدي ازدياد ضعف الدولار إلى تدمير هذا المحرك. ونظراً إلى ان القيادة السياسية عازفة عن تنفيذ السياسات المالية والهيكلية بسرعة لتعزيز النمو، فإن الحل المعتاد سيكون خفض أسعار الفائدة. لكن هذا ليس خياراً متاحاً للبنك المركزي الأوروبي بالنظر إلى اهتمامه المفرط باستقرار الأسعار. ومن المستبعد أيضاً أن يلجأ البنك المركزي إلى التدخل، حيث ان هذه السياسة غير مجدية من دون مشاركة الولاياتالمتحدة، وفي أفضل الحالات، ستحد من معدل ارتفاع اليورو. وبالتالي، فإنه ليس من المستغرب أن تتمسك العملة الموحدة بمكاسبها. المملكة المتحدة أفادت"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"ان أسعار الفائدة في المملكة المتحدة قد ترتفع بنسبة 0.75 في المئة في 2005. وعلى رغم تراجع سوق الإسكان، إلا ان المنظمة تعتقد ان هناك ما يكفي من الزخم في الاقتصاد لتبرير رفع جديد لأسعار الفائدة. وتراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المساكن مجدّداً في شهر تشرين الثاني. وارتفعت أسعار المساكن بنسبة 1 في المئة في هذا الشهر، وبنسبة 15 في المئة عن عام مضى. وانخفضت أسعار المساكن في تشرين الأول أكتوبر بنسبة 0.4 في المئة في الشهر نفسه، لكنها ارتفعت بنسبة 15.3 في المئة عن العام. لكن المهم في ذلك ان تراجع ارتفاع أسعار المساكن حصل بشكل نظامي. ولم يأبه المستهلكون في المملكة المتحدة بانخفاض أسعار المساكن ليكونوا أكثر تفاؤلاً في شأن النظرة المستقبلية العامة للاقتصاد ومستقبلهم الشخصي على مدى الأشهر ال12 المقبلة، حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة"جي اف كي مارتين هامبلين"ارتفاع المؤشر الرئيسي لثقة المستهلك من 6- في تشرين الأول إلى 4- في تشرين الثاني. ويبدو ان استرجاع الثقة قد عزّز نظرة"بنك إنكلترا"المركزي بأن تراجع سوق الإسكان لن يؤدي بالضرورة إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي كثيراً، ويدعم الرأي القائل ان رفع سعر الفائدة مجدداً ليس بالبعد الذي بات يعتقده الكثير من الاقتصاديين. وقد استجابت أسواق العملات بشكل أسرع، إذ رفعت سعر الجنيه الاسترليني إلى مستوى 1.9430 ازاء الدولار الأميركي المتدهور. في تلك الأثناء، ارتفع"مؤشر مديري الشراء"في قطاع التصنيع في المملكة المتحدة من مستوى معدّل في تشرين الأول بلغ 53.5 إلى 55.0 في شهر تشرين الثاني، ما يشير إلى اتساع النشاط في هذا القطاع للشهر السابع عشر على التوالي وبأسرع وتيرة له منذ شهر تموز يوليو. اليابان هبط الناتج الصناعي الياباني بشكل غير متوقع في تشرين الأول، معزّزاً الدلائل إلى تراجع الانتعاش الاقتصادي. ويعتقد معظم المحلّلين ان الانخفاض البالغ 1.6 في المئة من شهر أيلول سبتمبر، على رغم كونه مفاجئاً، لم يشر إلى عودة الانكماش. لكن آخر البيانات أجّجت نقاشاً متنامياً حول حجم التراجع في اقتصاد اليابان. ويعتري الأسواق أيضاً قلق في شأن الارتفاع المطرد للين. وعلى رغم ان المسؤولين اليابانيين تكلموا بانتظام عن مراقبتهم الوثيقة لسوق الصرف الأجنبي، إلا انه لم يحصل تدخل حتى الآن. وكان"بنك اليابان"المركزي غائباً عن سوق العملات لثمانية أشهر على التوالي، منهياً بشكل مباغت حملة بيع للين استمرت 15 شهراً. في غضون ذلك، ارتفع الين إلى مستويات لم يشهدها منذ مطلع عام 2000. ودار بعض الحديث عن تدخل مشترك بين البنك المركزي الأوروبي واليابان. لكن الأنباء في هذا الشأن جاءت متضاربة، ملقيةً شكوكاً حول مدى جدية المسؤولين في التدخل في السوق. وواقع الأمر انه إذا تدخل البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وفشلا، فقد يترتب على ذلك عواقب وخيمة. وستتناقص احتمالات نجاح جهود جديدة للتدخل. وتتفهم الأسواق انه قد يمكن للتدخل أن يخفّف من وعورة الطريق، إلا ان اتجاه هذه الطريق قد تمّ تحديده. في هذه الأثناء، أظهر استطلاع لوزارة المال اليابانية ارتفاع الانفاق الاستثماري الرأسمالي للشركات اليابانية في الربع الثالث بنسبة 14.4 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها قبل عام مضى، وهي زيادة تفوق النسبة البالغة 10.7 في المئة التي حقّقها الربع الثاني وفاقت التوقعات. وتُعتبر هذه الأنباء إيجابية للين. وإذا لم ترتفع هذه العملة، فذلك بسبب الجرعة اليومية من الكلام عن التدخل التي يقدّمها"بنك اليابان". لكن في وقت من الأوقات، لا بد للبنك أن يتدخل، وإلا فإنه من المحتمل أن تقرّر الأسواق اختبار تصميم البنك المركزي.