يعرّف القاموس الفرنسي الدمية poupژe بأنها لعبة للطفل على هيئة بشرية. أما القاموس العربي فيعرّفها بالصورة الممثّلة من العاج أو غيره، التي يضرب بها المثل في الحسن، ويقال"دمّى الفتاة"أي زيّنها ونضّرها. في اللغات أجمع، الدمية إسم مؤنّث. أما أقدم ما وصلنا من ألعاب للأطفال فهي الدمى الطينية والخشبية التي تأخذ الشكل البشري. فقط في القرن التاسع عشر، ولد الدبّ"تيدي"، أول دمية دبّ من القطن والقماش في العالم. تاريخ طويل مرّت به صناعة الدمى البشرية الشكل وهذه حكايتها موجزة. وجدت أقدم الدمى في مقابر الفراعنة وهي تعود إلى ما بين الأعوام 0002 و0002 ق. م.، سواء في قبور الأطفال أو الكبار على شكل خدم سيتولون خدمتهم في الحياة الخالدة. وكانت مصنوعة من الطين أو الخشب، ومعمّمة بشعر مصنوع من الألياف أو الطين نفسه. كذلك وجدت في القبور الرومانية والإغريقية دمى من طين وخشب وليف وعظام وشمع، وكانت بسيطة الصنع. أما الدمى الأبهى فهي التي تجسّد الآلهة والمخصّصة للبالغين. صنعت أوروبا في العصور الوسطى الدمى من الخشب والكتّان والصوف. بقيت الدمى المرمرية حكراً على أبناء الأثرياء، بينما تسلّى الفقراء بدمى الخشب والقشّ والإسفنج. ظهرت الدمى الخشبية والمعدنية المتحرّكة بالخيطان خلال القرن الثاني عشر، وهي التي مهّدت لولادة مسرح"الماريونيت"في ما بعد. وانتشرت في أوروبا الدمى المصنوعة من الخبز والحلوى، التي تؤكل في الأعياد الدينية. في القرن الثالث عشر، ظهرت الدمى المدهونة والملوّنة بدقّة والتي ترتدي الملابس الجميلة. صنّعت المشاغل اليدوية الألمانية بداية القرن الخامس عشر الدمى على يد فنّانين بارعين. وفي نهاية هذا العصر، انتقلت الصناعة إلى انكلترا وفرنساوهولندا، وصارت الدمية هدية غالية تقدّم في المناسبات بملابسها الحريرية، حتى أنها قدّمت لرجال البلاط وكبار القوم. وتطوّرت صناعة الدمى خلال القرن السابع عشر. وفي عام 6361، صنّعت لها في هولندا للمرة الأولى عيون متحرّكة من الزجاج، وعام 5761 صنعت لها الباروكات من الشعر الحقيقي. حتى القرن الثامن عشر، كانت ألمانيا البلد الأوروبي الأول في تصنيع الدمى. وهي أول من ابتكر سائلاً قريباً للجلد البشري غطّى جسد الدمية وأعطاها صورة أقرب إلى الإنسان. إلى ذلك الوقت، كانت معظم الدمى على صورة بشر بالغين، إلى أن تمّ عام0171 تصنيع دمية على شكل طفل. وبعد ذلك بنحو عقدين، تمّ تصنيع الدمى الميكانيكية القادرة على المشي والتي تجسّد عارضات الأزياء. شهد القرن التاسع عشر نهضة أوروبية في تصنيع الدمى: استعمل الكاوتشوك لتليينها، وصنعت لها بيوت واكسسوارات. كما اشتهرت عائلات أوروبية بتصنيعها. وبتطويع"السللوليد"عام 2681، صار التحكّم في ملامح الوجه وأجزاء الجسد ممكناً. قلّصت الحرب العالمية الأولى صناعة الدمى في أوروبا، فصارت أميركا المصنّع الأكبر، وانتشرت دمى البسكويت. خلال الحربين العالميتين، صُنّعت الجفون والرموش المتحرّكة وأظافر الأصابع والدمى التي تشرب وتبكي وتنادي"ماما"...، لم تنته الحرب العالمية الثانية إلا وقد صارت الدمى في أقرب صورة بشرية لها. ثم ظهرت"باربي"مطلع الستينات ونجحت بشكل لافت بأكسسواراتها المتعدّدة، كما برزت في فرنسا"كورول" Corolle مع اكسسواراتها أيضاً. حتى بداية القرن العشرين، كان التقليد يقضي بتخصيص الدمى للبنات، لكن بعد ذلك تمّ تصنيع دمى للصبيان مثل دمى"أكشن جو"Action Joe. سيطرت الدلالة الدينية والسحرية الخرافية للدمية في الثقافات غير الغربية. ففي أفريقيا والمكسيك وأميركا الشمالية الهوبيز مثلاً رقصت الشعوب في احتفالاتها حاملة الدمى الخشبية المعمّمة بالريش. وفي اليابان، عرفت دمى"سومين شوراي"Somin Shorai بإبعادها للأرواح الشريرة. وكانت دمى الورق والكرتون توضع فوق أسرّة الأطفال المرضى كي تحمل المرض ثم تُرمى في البحر كي تبعده. وتقيم اليابان مهرجانات للدمى منذ زمن بعيد، أبرزها مهرجان آذار مارس المخصّص للفتيات الصغيرات، تعرض فيه الدمى التي تجسّد الأمبراطور وزوجته، ومهرجان أيار مايو المخصص للفتيان، تجسّد دماه الجنود والشخصيات الأسطورية. كما أن للدمى اليابانية حضوراً قوياً في مسرح الباراكو Baraku. في الصين، كانت الدمى أصناماً للعبادة ولم تكن للصغار. جدلت من القشّ وصنعت من السيراميك ثم الكارتون. أما دمى الهند فتشبه الدمى الفرعونية، والعادة هناك كانت تقضي بتقديم الدمى كهدية إلى الفتيات المقبلات على الزواج. اليوم تكتسح الدمى الصينية الصنع الأسواق نظراً الى عدم ارتفاع سعرها، كما تشتهر الدمى الأميركية المسوّقة عبر التلفزيون والانترنت والمرتبطة بأفلام ومسلسلات الكارتون الأميركية الناجحة.