تعكف الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية المهتمة بالبيئة في سورية على ترسيخ وتطوير مفهوم السياحة البيئية في البلاد التي تمتلك تنوعاً طبيعياً يؤمل أن يؤدي إستثماره الى توفير مورد إقتصادي مهم. ولهذه الغاية أسست هذه الجهات دائرة السياحة البيئية في وزارتي البيئة والسياحة وأعدت وثائق المشاريع المتعلقة بإنشاء المحميات الطبيعية على أنواعها. ويوضح مدير التنوع الحيوي والمحميات في وزارة البيئة والإدارة المحلية الدكتور عيسى درويش ل"الحياة" أن هناك "سعياً حثيثاً من قبل الحكومة للعمل على حماية الحياة البرية والموارد الطبيعية وتعميق مفهوم السياحة البيئية لدى السكان القاطنين قرب المحميات أو في المناطق الغنية بالتنوع الحيوي، وتوفير مصدر دخل إضافي أو بديل عن الدخل الناجم عن الإعتماد على الموارد الطبيعية خصوصاً في الغابات التي غالباً ما يعتمد عليها السكان المحليون كمصدر للحطب او للنباتات الطبية أو مكاناً لرعي الماشية". ويشير درويش الى أن المجلس الأعلى لحماية البيئة صادق على شروط المحميات التي أعدتها الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية وتضمنت إمكانات تنفيذ وتطبيق السياحة البيئية. ويذكر رئيس دائرة السياحة البيئية في وزارة السياحة المهندس عبدالحميد الحصري ل"الحياة" أن أكثر من 15 محمية طبيعية مختلفة تتوزع ضمن الأراضي السورية تسعى الوزارة الى إستغلالها سياحياً الاستغلال الأمثل من خلال إستقدام السياح اليها. وتعمل الحكومة على إنشاء البنية التحتية اللازمة للسياحة البيئية في هذه المحميات بحيث تكون مستمدة من البيئة المحلية لجهة التصميم والمواد الأولية، وتخطيط الدروب الخاصة في المحميات، ووضع الدلالات والإرشادات اللازمة، وإشراك المجتمعات المحلية في إدارة المحميات الطبيعية، ودعم الصناعة السياحية المحلية من خلال تشجيع الإنتاج الفولكلوري والحرف اليدوية التقليدية وتسويقها، وتنظيم عملية الدخول إلى المحميات الطبيعية عبر بوابات خاصة وبوسائل رفيقة بالبيئة مع عدم السماح للآليات، إضافة الى التنسيق مع القطاع الخاص للترويج للسياحة البيئية وتدريب أدلاء في هذا المجال. كما تشدد الحكومة على حماية البيئة وتحسينها بمختلف مكوناتها من أجل التنمية المستديمة للسياحة البيئية والإستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والتراثية ومنح السمة الخضراء للمنشآت والمشاريع والفعاليات السياحية التي تتميز بالحفاظ على البيئة وسلامتها والعمل على إصدار دليل خاص بمقاصد السياحة البيئية يضم شرحاً عن المحميات وحضارة المجتمعات المحلية المميزة وكذلك مواقع البحيرات والسدود وينابيع المياه المعدنية والمنتجعات المناخية، والشروط البيئية المطبقة في المنشآت والمجمعات السياحية، وتطبيق مبدأ الحياة الجديدة في المباني الحضارية القديمة بشكل يحفظها ويؤمن لها وظيفة متطورة وفاعلة في الموقع والمجتمع المحلي، ورفع سوية الوعي لدى المجتمعات المحلية عن طريق دورات إرشادية وإيجاد مصادر دخل إضافية ومتنوعة لأسرهم، وتسويق منتجاتهم اليدوية والتقليدية. وعلى رغم هذه المساعي من جانب الحكومة، إلا أن هناك نقصاً في الوعي البيئي لدى المجتمعات المحلية. ويؤكد الحصري على ضرورة رفع مستوى الوعي لدى هذه المجتمعات في ما يتعلق بالبيئة. وبموازاة هذا الجهد الحكومي خرج الى النور في السنتين الماضيتين عدد من الجمعيات الأهلية التي تهتم بحماية البيئة والحياة البرية في سورية تقف وراءها جهات تسعى الى الإستفادة من التنوع البيئي في البلاد من خلال توظيفها سياحياً. ويذكر حسام النوري الخبير في السياحة البيئية وأمين سر الجمعية السورية لحماية الحياة البرية أن شركته "ترانستور للتسويق السياحي" وضعت مجموعة برامج لتسويق الطبيعة في سورية كمنتج سياحي وإنزاله الى السوق الدولية بإعتبار سورية منتجاً للسياحة البيئية. وإذا كانت الحكومة السورية حددت أكثر من خمسة عشر موقعاً كمحميات طبيعية، فان النوري وضع خططاً لإستثمار مجموعة من هذه المحميات تأخذ في الإعتبار التوجهات الحديثة لهذا النوع من الاستثمار، مشيراً الى وجود خطط لإستثمار باقي المحميات والإستفادة منها. وتعمل الجمعيات الأهلية السورية المعنية بحماية الطبيعة على عقد شراكات إقليمية بين الجهات الحكومية السورية مع الجمعيات الإقليمية المعنية للإستفادة من خبراتها في حماية المحميات السورية إضافة الى الحصول على دعم فني وتمويل مالي من جهات دولية تعنى بحماية الطبيعة. ويتوقع النوري أن يشهد العام المقبل مشاريع على الأرض ضمن صيغ مشاركة بين الجمعيات الأهلية السورية وجمعيات دولية تعنى بحماية الطبيعة والحياة البرية.