الدول الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمماليك الذين سحقهم العثمانيون حملت مشاعل النصر والفتوحات. ولكن هناك نقاطاً مظلمة كثيرة لا تزال نعاني منها حتى اليوم. لقد سلمونا لمتوحشي الغرب الذين كانوا امضى من المماليك والعثمانيين ومحمد علي سلاحاً، وأوسع علماً، وأشد مكراً، لكنهم لم يكونوا اقل منهم شراً او اكثر انسانية. وإذا كان اغلبية الغربيين يتهموننا بالتخلف، او التزمت، او اللجوء للعنف، او التشبث بما نشأنا عليه، او الريبة في الآخرين، وإساءة الظن فيهم، فليس افضل ما نرد به عليهم ان ندعي الكمال، بل الأفضل والأجدى ان نراجع ثقافتنا، ونمتحن انفسنا، ونفتش عن عيوبنا، ونسعى للتخلص منها. وليس كل ما يقوله الغربيون فينا صواباً، وليس كله خطأ. ولا كل ما يقوله الغربيون في انفسهم حقاً ولا كله باطلاً. وإذا كان لا بد من حوار بيننا وبينهم فخير ان نعترف بما نلمسه في انفسنا من عيوب وسلبيات، وهي كثيرة. ولكن في نفس الوقت نواجههم بمثل ما يواجهوننا به ونطالبهم بما يطالبون. ان الغرب ينعم بكل ما هو فيه على حساب الآخرين وسعادتهم. لقد سحقوا الآخرين، ونحن منهم، ليحققوا رفاهيتهم وساهموا بطرق مباشرة وغير مباشرة في تدني الآخرين، ونهب ثرواتهم وخيراتهم بانتظام، على طريقة الولاياتالمتحدة التي تهدم وتدمر وتخرب كل شيء، لماذا؟ لا لشيء سوى إعادة التعمير مرة اخرى. يكفي ان نتأمل ما صارت إليه فلسطين بعد ان سلمها الأتراك للإنكليز، ثم سلمها الإنكليز لليهود الصهيونيين الذين اشعلوها ناراً موقدة ستظل افواهها فاغرة لتلتهم اجيالنا، وتطحن اقواتنا، وتدمر قوانا حتى يقضي الله فينا وفيهم امره. يجب ان نخرج من عزلتنا وكلنا شعور بأن ثقافتنا وحضارتنا التي ننتمي إليها لا تحتاج الى من يدافع عنها. وفي الوقت نفسه لا نتعالى على احد، بل نعترف، بكل شجاعة، بنقصائنا وعيوبنا، ونشخص الداء لكي ننعم بالدواء الصحيح لكل ما اصابنا خلال تاريخنا الطويل من امراض وآفات موروثة ومكتسبة، ونمتلك قدراً من الثقة بالنفس، وحسن الظن في الأيام، تؤكد لنا قدرتنا على ان نشفى من هذه الأمراض، ونتطهر من هذه الآفات. والخطوة الأولى ألا ننكرها، او نتستر عليها، او ندفن رؤوسنا في الرمال حتى لا نراها. المنصورة - كتب محمد حلمي السلاب [email protected]