عام يفصل الليبيريون على اول انتخابات رئاسية في هذه البلد الذي مزقته الحرب الاهلية لاكثر من 14 عاماً، ويبدو ان المرشح الاكثر حظاً للفوز بها، والذي يتداول اسمه بقوة على كل لسان في العاصمة منروفيا، لا يعدو ان يكون سوى جورج وياه، افضل لاعب ليبيري في كل الازمان وافضل لاعب في العالم لعام 1995، حسب اختيار الاتحاد الدولي لكرة القدم. لا شك بأن المسافة ما بين لعبة كرة القدم، ولعبة الامم، كبيرة، وان آليات التحكم في الارجل تختلف عن ادارة العقول وكسب القلوب ولعبة المصالح .. ومع ذلك فقد عبر بعض الرياضيين ونجوم الكرة عن رغبة في مواصلة مشوارهم تحت الاضواء عبر نافذة السياسة، فقد تطلع لاعب القرن في العالم بيليه الى سدة الحكم في البرازيل، وتقلد زميله في المنتخب زيكو ادارة وزارة الرياضة في بلده. لم تتواصل تجربة العداءة الاولمبية المغربية نوال متوكل في الحكومة سوى 3 اشهر. يحلم عدة نجوم عرب، خاصة في منطقة المغرب العربي بلعب أدوار سياسية حكومية، اعتبر الفرنسيون في آخر استفتاء بأن زين الدين زيدان، لو ترشح للانتخابات الرئاسية لفاز بها بأغلبية الاصوات... الا ان جورج وياه، يبدو انه في طريقه ليكون اول لاعب لكرة القدم في العالم، يفوز بمقعد الرئاسة. تعد ليبيريا من اكثر البلدان الافريقية تخلفاً عن التنمية، وقد مزقتها الحرب الاهلية ما بين الاطراف المتنازعة التي استمدت من مخزون البلد الثري من الالماس ذخيرتها الحيوية لاطالة امد الصراع.. اجبر التدخل الاميركي في صيف 2003 زعيم الحرب شارل تيلور على الرحيل واللجوء الى دول الجوار.. ويبدو ان اختيار جورج وياه الذي اعتبره الزعيم نيلسون مانديلا "فخر افريقيا" اصبح ضرورة حيوية لتحسين صورة البلد في المحافل الدولية. لن نعود لمسيرة جورج اديوغ مانيه وياه الكروية، من الازقة الفقيرة للعاصمة منروفيا الى اعتزاله اللعب في الجزيرة الاماراتي عام 2003، الا ان هذه المسيرة والاهم من ذلك شبكة العلاقات الدولية التي بناها وياه على امتداد اكثر من عقدين في ملاعب العالم واهتماماته الانسانية، عبرت عن حس سياسي وعن رغبة دفينة للعب ادوار مجتمعية متقدمة، فبعد ان لعب لاربع اندية محلية، انتقل الى نادي تونيزي ياوندي الكاميروني حيث توج معه ببطولة الدوري عام 1988، لتبدأ بعدها مسيرة احترافية متميزة حملته الى ابرز البطولات العالمية، الدوري الفرنسي من امارة موناكو الى نادي العاصمة باريس سان جيرمان، قبل ان يقسم سيلفيوبيرلسكونيرئيس نادي ميلان ورئيس الوزراء الايطالي على ضمه لصفوف النادي بعد ان اتعب دفاع ميلان في مباراة لباريس سان جيرمان امام شقيقه الايطالي لحساب دوري ابطال اوروبا. عاش وياه التجربة الانجليزيةبلد المستعمر القديم ما بين تشلسي ومانشستر ستي، قبل ان يعود الى فرنسا ونادي مرسيليا ثم ينتقل الى نادي الجزيرة الاماراتي حيث قدم لموسمين درساً رائعاً في التواضع وتقديم خبرته للاعبين الشباب حتى وان لم يتوج بالالقاب بالرغم من المليون دولار التي دفعها النادي الاماراتي للاستفادة من خدماته. جمع اموالاً كثيرة من رحلته الاحترافية، ساعدته على القطع مع سلاسل الفقر، الا انه كان من الذكاء ان وظف جزءاً مهماً منها، للعناية بالمنتخب الليبيري لدفع رواتب اللاعبين وتحمل نفقات تنقلاتهم. لقد احس بجرح عميق يوم سبّت الجماهير والدته ورموه بالحجارة اثر خسارة ليبيريا امام غانا 1-2 الا انه لم يقطع مع هموم بلده، وعاد للمنتخب ثانية، كما وظف صفته كسفير للامم المتحدة لجمع التبرعات للمنكوبين من الحرب الاهلية. لم ينل وياه من العلم الا قليلاً حتى وان اصبح يحمل لقب الدكتور بعد منحه الدكتوراه الفخرية من جامعة ليبيرية، يجيد الفرنسية والايطالية والانجليزية بالاضافة الى لغته الام، فهل ينجح في استحقاق الرئاسة بعد ان توج بأفضل لقب كروي في العالم..؟