يرقد علاء برهام في سريره في المستشفى ويحملق بلا هدف في الفراغ أمامه. إنه يعاني من صدمة شديدة ولا يتحدث تقريباً. فرت أسرة علاء من مدينة الفلوجة قبل بدء الهجوم الشامل عليها الاثنين الماضي. كان يلهو مع شقيقه في حديقة منزل خاله في قرية قرب المدينة... وفجأة ضرب صاروخ المنزل. قال متحدثاً بصوت أشبه بالهمس:"مات خالي... نقلونا الى المستشفى". ويرقد شقيقه على بطنه في السرير المجاور له وقد وضعت ضمادة حول ساقه وأنبوب يغذي معدته. أما والدتهما فترقد على فراش آخر حاملة ابن أخيها البالغ من العمر عامين وقد تيتم حديثاً. وفي الجهة الاخرى من الغرفة طفل آخر عمره عامان على فراش تغطي بطانية إحدى ساقيه النحيلتين وقد قطعت ساقه الأخرى بسبب قذيفة. ويقول رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي انه ليس هناك مدني واحد قتل خلال الهجوم الذي يهدف الى استعادة السيطرة على الفلوجة من المقاتلين الذين يتزعمهم الأردني أبو مصعب الزرقاوي. ولكن الجثث المحترقة في شوارع المدينة والأطفال في مستشفى النعمان في بغداد يروون قصة أخرى. قالت والدة علاء وهي تمسك ذراع ابن أخيها الذي تلفه ضمادة:"هل هذا الطفل أحد أتباع الزرقاوي". وكانت أسر هؤلاء الاطفال تقيم مع أقاربها في قريتي الصقلاوية والأزرقية على مشارف الفلوجة عندما وقع القصف الجوي والمدفعي. في بادئ الأمر هرعوا الى المستشفى الرئيسي في الفلوجة التي يفصلها نهر الفرات عن المدينة. بعد ذلك نقلوا الى بغداد عندما احتلت القوات الأميركية والعراقية المستشفى قبل بدء الهجوم الشامل ليل الاثنين الماضي. ويتهم علاوي المستشفى بالمبالغة في أعداد الضحايا. وفي نيسان نيسان كان على القوات الأميركية التخلي عن محاولة استعادة الفلوجة، ومن أسباب ذلك صور الجرحى من النساء والأطفال التي سببت احتجاجات شديدة. وزاد الهجوم الاخير من مشاعر الغضب بالفعل في المناطق التي يمثل السنّة معظم سكانها تجاه الحكومة والقوات الأميركية التي تدعمها. وفي صلاة العيد الذي احتفل به العراق الأحد، دعا الاطباء في مستشفى الفلوجة العام، الله كي ينصر المقاتلين على القوات الأميركية والعراقية. وقال طبيب داعياً أمام فريق طبي مكون من 22 فرداً تجمع في أحد أروقة المستشفى:"اللهم انصر المجاهدين في الفلوجة". وتتمنى سارية كريم عبيس التي فرت من حي الجولان الذي يعد معقلاً للمقاومة في الفلوجة، الأمر ذاته وهي تعيش مع أسرتها حالياً في خيمة أقيمت في أرض معارض ببغداد. وتقول:"لقد تشردنا بسبب القصف الأميركي. قصفوا الأسر بلا رحمة. لجأنا الى المسجد وأرسلونا هم الى هذا المخيم". وأضافت:"أريد أن ينصر الله المجاهدين على المحتلين الأميركيين الذين لم يرحموا امرأة ولا طفلاً".