تعرّضت مكاتب قناة "العربية" في بغداد، أمس، لتفجير كبير تردد انه "انتحاري" أوقع سبعة قتلى، بينهم ثلاثة من العاملين فيها، و19 جريحاً. ومثّل الاعتداء الذي تبنته جماعة مجهولة قالت إنها ضربت الصحافيين "المتأمركين"، تحوّلاً لافتاً في أعمال العنف التي تحصل في العراق من خلال استهداف الإعلاميين، خصوصاً انه جاء بعد سلسلة من التهديدات التي تُنسب الى جماعات متشددة واغتيال صحافية تعمل لقناة عراقية في قلب بغداد قبل أيام. وقال الضابط في الشرطة زياد طارق ان قنبلة انفجرت قرب مقر "العربية" في حي المنصور في بغداد، مما أدى الى مقتل سبعة أشخاص بينهم امرأة. وقال الدكتور أحمد علي في مستشفى اليرموك ان 19 شخصاً نُقلوا للعلاج جراء اصابتهم في التفجير. وقالت موفدة "العربية" إلى بغداد نجوى قاسم إن التقارير الأولية تشير الى ان الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة يقودها انتحاري. ونقلت عنها وكالة "أسوشييتد برس": "هذا هو الغالب. لكننا لسنا متأكدين مئة في المئة. السيارة كانت تسير عندما وقع الهجوم، شخص ما كان يقودها". وأشارت الى ان هناك ثلاث جثث متفحمة يتعذّر التعرّف على اصحابها. لكنها قالت إن حارساً وموظفاً ادارياً في "العربية" بين الضحايا. ونقلت قناة "العربية" على موقعها في "الانترنت" عن قاسم ان الانفجار أدى إلى وقوع دمار كبير في المبنى وإلى اندلاع حريق كبير فيه، وقالت إنها شاهدت عمليات نقل نحو 6 أو 7 مصابين على الأقل، بينهم اصابتان بين المتوسطة والكبيرة، ومن بين المصابين ريم أبو الشوارب من مكتب "العربية" في بغداد، وسعد الحسني مراسل قناة "ام بي سي"، ومخلص أمين وأبو مريم وهما سائقان في المقر. وأضافت قاسم ان الانفجار وقع في المرآب الذي يبتعد عن المباني الإدارية بنحو 3 أمتار فقط، وأن معظم الصحافيين نجوا في حين أصيب سائقون وموظفون بالأقسام التقنية الإرسال والمونتاج إضافة إلى عاملين إداريين. ويضم المبنى أيضاً الوفود الصحافية لقناة "ام بي سي" وقناة "الإخبارية" السعودية. ونقلت "العربية" عن ديار العمري الذي عمل في مكتبها في بغداد، ان القناة قد لا تكون مستهدفة بصورة خاصة، إذ أن المبنى يقع في منطقة راقية ببغداد تضم مكاتب لمسؤولين عراقيين كثيرين، منها مقر لحزب المؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي ومنزل عدنان الباجه جي ومركز تطوع للشرطة ومبنى للمجلس البلدي. ونقلت القناة عن شهود ان الانفجار وقع أثناء مرور دورية تابعة للقوات المتعددة الجنسية. ولفتت الى انها كانت تلقت مجموعة من التهديدات "ممن وصفوا أنفسهم بأتباع "أبو مصعب الزرقاوي"، معبرين فيها عن غضبهم من التغطية الصحافية لقناة "العربية" للشؤون العراقية، وتطالب هذه التهديدات القناة بدعم "الجهاد" ضد الاحتلال الأميركي والحكومة العراقية الحالية". وأضافت ان القناة "حرصت على اتباع سياسة موضوعية بحتة في تغطية ما يحدث على الساحة العراقية". ونشر موقع إسلامي على الانترنت بياناً من جماعة تطلق على نفسها اسم "كتائب العشرين" تبنت فيه تفجير "العربية". وقال البيان الذي يتعذّر التحقق من صحته: "ضربنا تلفزيون الكفرة العربية في بغداد والمزيد قادم". وأضاف ان من سمّاهم "المجاهدين" هدموا "المبنى على الجواسيس الصحافيين المتأمركين بلسان عربي ... لقد هددناهم من دون جدوى. إنهم ألسنة الاحتلال الاميركي في العراق"، و"ان المزيد قادم ضد هذه القناة الخائنة". وهاجم البيان الصحافي اللبناني ايلي ناكوزي الذي كان يقدّم برنامج "من العراق". وقال: "نبشر زقوتي مذيع برنامج من العراق انه رقم واحد في عمليات التصفية لدينا في تلفزيون العربية لأنه تطاول على الشرفاء ومجّد الخونة". وحمل البيان توقيع "كتائب العشرين" وتاريخاً ميلادياً وليس هجرياً. ولاحقاً صرح مدير مكتب "العربية" في بغداد حيدر الوتار ان مصير خمسة من العاملين فيه لا يزال مجهولاً، معرباً عن الخشية من ان يكونوا بين القتلى السبعة. وذكر ان 12 آخرين جرحوا في الانفجار. وأوضح ان التفجير حصل بعد اجتماع يومي للتحرير والانتاج، مشيراً إلى ان المبنى كان يضم نحو 35 من العاملين. واعتبر الوتار ان "العربية تدفع ثمن حيادها وموضوعيتها، وانها خسرت في السابق ثلاثة من صحافييها بنيران القوات الاميركية. وها هي تتعرض اليوم الى اعتداء من الطرف الآخر".