بعض أحداث شهر رمضان شهدت أيام شهر رمضان المبارك أحداثاً متنوعة شملت الفتوحات، والولادات والزيجات والوفيات، والرحلات والائتلاف والاختلاف، ومن تلك الأحداث الكثيرة الأحداث التالية: 1 نزول القرآن في رمضان إن نزول الوحي، وبداية نزول القرآن نعمة ربانية عظيمة في آثارها في حياة البشرية. ويعتبر المؤمنون نزول القرآن من أعظم الهدايا التي نزلت على سكان الأرض في تاريخهم الطويل، ويقال أن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان المبارك. قال الله تعالى في كتابه العزيز: "شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِل فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى مَا هَدَاكُمْ وَلعَلكُمْ تَشْكُرُونَ" سورة البقرة، الآية: 185. قال ابن كثير في تفسيره: قَدْ وَرَدَ الْحَدِيث بِأَنَّهُ الشَّهْرُ الذِي كَانَتْ الْكُتُب الإِلهِيَّة تَنْزِل فِيهِ عَلى الأَنْبِيَاء: قَال الإِمَام أَحْمَدُ بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللهُ: بسنده عَنْ وَاثِلة اِبْن الأَسْقَع: أَنَّ رَسُول الله صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ : قَال: "أُنْزِلتْ صُحُف إِبْرَاهِيم فِي أَوَّل ليْلة مِنْ رَمَضَان، وَأُنْزِلتْ التَّوْرَاة لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَان، وَالإِنْجِيل لِثَلاثِ عَشْرَة خَلتْ مِنْ رَمَضَان، وَأَنْزَل اللهُ الْقُرْآنَ لأَرْبَعِ وَعِشْرِينَ خَلتْ مِنْ رَمَضَان" وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيث جَابِر بْن عَبْد الله وَفِيهِ: "أَنَّ الزَّبُور أُنْزِل لِثِنْتَيْ عَشْرَة خَلتْ مِنْ رَمَضَان، وَالإِنْجِيل لِثَمَانِي عَشْرَة" وَالْبَاقِي كَمَا تَقَدَّمَ، رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ. وَأَمَّا الصُّحُف وَالتَّوْرَاة وَالزَّبُور وَالإِنْجِيل، فَنَزَل كُلّ مِنْهَا عَلى النَّبِيّ الذِي أُنْزِل عَليْهِ جُمْلة وَاحِدَة، وَأَمَّا الْقُرْآن، فَإِنَّمَا نَزَل جُمْلة وَاحِدَة إِلى بَيْت الْعِزَّة مِنْ السَّمَاء الدُّنْيَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْر رَمَضَان فِي ليْلة الْقَدْر مِنْهُ كَمَا قَال تَعَالى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليْلة الْقَدْر "سورة القدر، الآية: 1 وَقَال تعالى "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ" سورة الدخان، الآية: 3 ثُمَّ نَزَل بَعْده مُفَرَّقًا بِحَسْب الْوَقَائِع عَلى رَسُول الله صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ هَكَذَا رُوِيَ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ اِبْن عَبَّاس. وَقَال اِبْن عَبَّاس: "إِنَّهُ أُنْزِل فِي رَمَضَان، فِي ليْلة الْقَدْر، وَفِي ليْلة مُبَارَكَة جُمْلة وَاحِدَة، ثُمَّ أُنْزِل عَلى مَوَاقِع النُّجُوم تَرْتِيلاً فِي الشُّهُور وَالأَيَّام" رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن مَرْدَوَيْهِ. وَفِي رِوَايَة سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَال : "أُنْزِل الْقُرْآن فِي النِّصْف مِنْ شَهْر رَمَضَان إِلى سَمَاء الدُّنْيَا، فَجُعِل فِي بَيْت الْعِزَّة ثُمَّ أُنْزِل عَلى رَسُول الله صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ فِي عِشْرِينَ سَنَة، لِجَوَابِ كَلام النَّاس". وَفِي رِوَايَة عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَال: "نَزَل الْقُرْآن فِي شَهْر رَمَضَان، فِي ليْلة الْقَدْر إِلى هَذِهِ السَّمَاء الدُّنْيَا جُمْلة وَاحِدَة، وَكَانَ اللهُ يُحْدِث لِنَبِيِّهِ مَا يَشَاء، وَلا يَجِيء الْمُشْرِكُونَ بِمَثَلٍ يُخَاصِمُونَ بِهِ إِلاّ جَاءَهُمْ الله بِجَوَابِهِ، وَذَلِكَ قَوْله "وَقَال الذِينَ كَفَرُوا لوْلا نُزِّلَ عَليْهِ الْقُرْآنُ جُمْلةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَك وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً وَلا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْنَاك بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا" سورة الفرقان، الآية: 32 - 33. وَقَوْله: "هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَان" سورة البقرة، الآية: 185 هَذَا مَدْح لِلْقُرْآنِ الذِي أَنْزَلهُ الله هُدًى لِقُلُوبِ الْعِبَاد مِمَّنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ" وَبَيِّنَات "أَيْ: وَدَلائِل وَحُجَج بَيِّنَة وَاضِحَة جَلِيَّة لِمَنْ فَهِمَهَا وَتَدَبَّرَهَا، دَالة عَلى صِحَّة مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْهُدَى الْمُنَافِي لِلضَّلالِ، وَالرُّشْد الْمُخَالِف لِلْغَيِّ، وَمُفَرِّقًا بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل، وَالْحَلال وَالْحَرَام. 2 الأول من رمضان من الأحداث التي وقعت في أول رمضان سنة 114 ه/ 732 م معركة بلاط الشهداء التي وقعت بين المسلمين والفرنجة في منطقة بواتيه على الحدود الفرنسية الأندلسية، وكانت الغلبة فيها للفرنجة بعد استشهاد القائد عبدالرحمن الغافقي. 3 اليوم الثاني من رمضان من الأحداث التي وقعت في الثاني من رمضان سنة 732 ه/ 1322م ولادة العلامة عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الملقب في تونس، وبعد حياة عامرة بالعطاء العلمي توفي ابن خلدون في القاهرة سنة 809 ه/ 1406م بعدما بلغ سنَّ الرابعة والسبعين. 4 الثالث من رمضان من الأحداث التي وقعت في الثالث من رمضان وفاة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بلغت سنّ التاسعة والعشرين، وذلك في السنة 11 ه/ 632م، وكان قد تزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سنة 2 ه/ 624م، وقد ولدت سبطي رسول الله الحسن والحسين، وزينب وأم كلثوم التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين. 5 الرابع من رمضان من الأحداث التي وقعت في الرابع من رمضان في السنة الهجرية الأولى/ 623م، عقد رسول الله أول لواء لحمزة بن عبد المطلب ومعه 30 رجلاً من المهاجرين لاعتراض عير قريش، وكان اللواء ابيض اللون، فالتقى حمزة بالعير التي كان يقودها ابو جهل في 300 رجل، ولكن مجدي بن عمرو حجز بينهم، ولم يحدث قتال. 6 السادس من رمضان من الأحداث التي وقعت في السادس من رمضان فتح عمورية حيث هُزم الروم في سنة 223 ه/ 838م، وكان سبب تلك الغزوة صرخة الشريفة: "وامعتصماه" حينما حاول أحد علوج الروم إذلالها، وخلد أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الحوراني فتح عمورية بقصيدة مطلعها: السَّيفُ أصدَقُ أنباء من الكُتُبِ في حَدِّهِ الْحَدُّ بين الْجَدّ واللّعِبِ وفي 6 رمضان سنة 802 ه/ 1400 م هاجمت جيوش المرتدين مدينة حلب الشهباء بقيادة تيمور الأعرج، المعروف بتيمور لنك واقتحم المدينة بعد خيانة قسم من سكانها، وفتحهم أبوابها للغزاة، وبعد دخوله ارتكب الفظائع بحق أكثرية السكان، وبعد حلب اجتاح معرة النعمان، وأوقع فيها مجزرة فظيعة، ثم تابع زحفه التخريبي نحو مدينة حماة ودمشق وطرابلس وبعلبك، والتحقت بجيشه بعض الأعراق السورية المارقة بهدف الانتقام والسلب والنهب، ولكن الدولة العثمانية أدّبتهم بعد ذلك بأكثر من 100 سنة. 7 التاسع من رمضان من الأحداث التي وقعت في التاسع من رمضان 559 ه/ 1164م انتصار المسلمين على الفرنجة بقيادة نور الدين زنكي الذي استرد قلعة حارم من الفرنجة، وتقع حارم بين أنطاكية غرباً وإدلب شرقاً. وقد أسفرت تلك المعركة عن أسر البرنس صاحب أنطاكية، والقومص صاحب طرابلس، والدوك مقدم الروم، وابن جوسلين، وقتل منهم عشرة آلاف، وقيل: عشرين ألفاً. وفي التاسع من رمضان سنة سنة 270ه/ 884م حصلت وفاة داود بن عليّ بن خلف الأصبهاني البغدادي، أبو سليمان, الملقب بالظاهري، إمام أهل الظاهر، وهو أصبهاني الأصل، من أهل قاشان، بغدادي الموطن، وقد وُلِد في الكوفة، وتوفي في بغداد عن سبعين عاما. وسبب تسمية أتباعه بأهل الظاهر لأنهم أخذوا بظاهر الكتاب والسنة، وقالوا: إن في عموميات الكتاب والسنة ما يفي بما في الشريعة من وجوب وحرمة وغيرها، وما لم يوجد نصّ على حكم في الشريعة فقد تجاوز الله عنه، وهم لم يأخذوا بالقياس، وأنكروا أن يكون أصلاً من الأصول، وكان داود الأصبهاني أول من جهر بهذا القول، ووصلت آراؤه إلى الأندلس، وأكثر من روج للظاهرية علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، الفارسي الأصل، الأموي الولاء، الأندلسي القرطبي، وقد ولد في قرطبة في سلخ رمضان، من سنة 384 ه/ 994م فقرأ القرآن، واشتغل بالعلوم الشرعية، فبرز فيها، وكانت وفاته سنة 456 ه/ 1064م. وانقرضت الظاهرية في الأندلس وغيرها بعد سنة 500 ه/ 1106م.