وصلت مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور التي تجري حالياً في ابوجا الى طريق مسدود ما اضطر الوسطاء الى تعليقها لأكثر من 24 ساعة. وفيما هدد وفد الخرطوم بالانسحاب من المفاوضات رفض المتمردون الجلوس المباشر مع الوفد الحكومي. وعلمت"الحياة"ان تعقيدات عدة باتت تحيط بالمفاوضات بين الحكومة السودانية وحركتي"تحرير السودان"و"العدل والمساواة"في العاصمة النيجيرية. وعلم ان الاتحاد الافريقي الذي يرعى المفاوضات علقها منذ الثلثاء لاجراء مزيد من المشاورات مع الأطراف المختلفة. وابدت مصادر مطلعة تشاؤماً في شأن مصير المفاوضات بعد ان فشل المشاركون حتى ظهر يوم امس في تجاوز المسائل الاجرائية وجدول الاعمال، واستمروا في تبادل الاتهامات. وقالت المصادر ان"الجولة الآن أقرب الى الفشل من النجاح". وفي غضون ذلك، هدد رئيس الوفد الحكومي وزير الزراعة مجذوب الخليفة بسحب وفده من المفاوضات اذا أصر المتمردون على رفضهم توقيع البروتوكول الانساني الذي تم الاتفاق عليه في الجولة الأولى في آب اغسطس الماضي، وإعتبر ان"التوقيع يعطي المفاوضات قوة دفع نحو النجاح". وقال الناطق باسم"حركة تحرير السودان"محجوب حسين"دخلنا الى قاعة المفاوضات الثلثاء وفق جدول الاعمال المتفق عليه في الجولات السابقة، لكننا فوجئنا برؤية الاتحاد الافريقي في شأن البروتوكول السياسي واعتبرنا ذلك أمراً مخلاً بجدول الأعمال". وقال إن المتمردين طلبوا من الاتحاد رفع الجلسة ومنحهم مهلة لإجراء مزيد من المشاورات. وفي بيان صحافي منفصل كشف المتمردون انهم رفضوا الجلوس المباشر مع الوفد الحكومي"لأن بيننا دماً كثيراً"، واقترحوا مفاوضات غير مباشرة عن طريق أمانة الاتحاد الافريقي وبتبادل الاقتراحات. وجدد المتمردون رفضهم توقيع البروتوكول الانساني من دون التوصل الى آليات وضمانات تعتمد تنفيذ البروتوكول الانساني. واعتبرت الخرطوم"مواقف المتمردين مضيعة للوقت". على صعيد منفصل، أعربت"حركة تحرير السودان"عن أسفها لتجميد مشاركة وفدها في مفاوضات القاهرة بين الحكومة وتجمع المعارضة على رغم ان الحركة عضو كامل العضوية في التجمع. وأبدى مسؤولون في المعارضة مخاوف"من ان تكون يد الحكومة وصلت الى داخل مؤسسة التجمع إذ أن كل المؤشرات تفيد ذلك". وفي الخرطوم، اتهم مبعوث الأممالمتحدة الى السودان يان برونك الحكومة ومتمردي دارفور بالاستمرار في خرق وقف النار وانتهاك حقوق الانسان، ووصف الوضع الأمني في الاقليم بأنه سيئ وطالب أطراف النزاع التوصل الى اتفاق سياسي سريع لإنهاء الأزمة. وتحدث برونك في مؤتمر صحافي في الخرطوم امس قبيل توجهه الى نيويورك لتقديم تقريره الشهر الى مجلس الامن، عن الأوضاع الأمنية في الاقليم ووصفها بأنها"سيئة بسبب تصاعد الهجمات العسكرية وانتهاكات حقوق الانسان والاعتداء على قوافل الاغاثة وزرع الألغام". وانتقد دور المتمردين في زراعة الألغام وسلب المواطنين النيجيريين الذين كانوا في طريقهم براً عبر تشاد وغرب السودان الى الأراضي المقدسة لأداء العمرة. وحمل على المتمردين بشدة ووصفهم ب"عدم الصدقية". ورأى ان مسلكهم لا يخدم أهلهم ويتناقض مع ما يدعون له. ورأى برونك ان جلسة مجلس الأمن في نيروبي التي تستمر يومي 18 و19 تشرين الثاني نوفمبر المقبل"ستكون دفعة مهمة لإكمال عملية السلام في جنوب البلاد وحل أزمة دارفور". لكن وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل انتقد انتقال اجتماع مجلس الأمن من نيويورك الى نيروبي لمناقشة قضايا السودان واعتبرها"خطوة جديدة من خطوات التضليل الاعلامي الاميركي"، وتساءل:"لماذا لم ينقل مجلس الأمن الى الخرطوم باعتبار ان السودان هو المعني بهذه القضية بالدرجة الأولى". الى ذلك، من المنتظر ان ترفع ثلاث من لجان الحكومة و"التجمع الوطني الديموقراطي"المعارض المستمرة في مفاوضات القاهرة اليوم تقاريرها الختامية الى رئيسي وفدي التفاوض وزير الحكم الاتحادي نافع علي نافع ونائب رئيس التجمع عبدالرحمن سعيد في شأن القضايا السياسية والدستورية والقانونية، فيما لا تزال لجنة المعالجات المعنية بالمفصولين من الخدمة العامة تعسفياً وسياسياً ووضع قوات التجمع تواجه صعوبات.