منذ خمسين عاماً، تتعالى الاصوات الأميركية المطالبة بتعديل الدستور والغاء النظام المتبع في الانتخابات الرئاسية المعروف بنظام "الهيئة الانتخابية". لكن الجديد هذا العام تحرك ولاية كولورادو، لتعلن جدياً نيتها في التغيير، على أمل أن تتبعها بقية الولايات، وإن سجل على مدى عقود فشل اكثر من 700 محاولة لاصلاح هذا النظام. ويعتبر كثيرون أن نظام "الهيئة الانتخابية" عفا عليه الزمن، ولا يتناسب مع الديموقراطية المعاصرة. وحتى اليوم، لم تحصل الاقتراحات المطالبة بالتحول إلى نظام الانتخاب المباشر على تأييد يذكر. وفي تقليد يعود الى القرن الثامن عشر، لا ينتخب رئيس الولاياتالمتحدة بالاقتراع العام المباشر، بل تنتخبه هيئة يتم اختيار اعضائها انطلاقاً من لوائح اقيمت على مستوى كل من الولايات الاميركية الخمسين ومقاطعة كولومبيا حيث العاصمة الفيديرالية. وكان "الاباء المؤسسون" لاميركا انشأوا الهيئة الانتخابية عام 1787 كحاجز بين المواطنين وانتخاب الرئيس، بهدف "حماية البلاد من حكم الغوغاء" وضمان اعطاء بعض النفوذ للولايات الاقل كثافة سكانية. وحصول مرشح الرئاسة على نسبة اكبر من اصوات الناخبين مقارنة مع منافسه، لا يعني اتوماتيكياً انه الرئيس المقبل للولايات المتحدة الذي تختاره الهيئة الانتخابية. وتتألف هذه الهيئة من 538 ناخباً كبيراً، هو عدد يوازي عدد اعضاء الكونغرس تتمثل كل ولاية في الهيئة بعدد يوازي تمثيلها في الكونغرس يضاف اليهم ثلاثة ممثلين عن العاصمة الفيديرالية مقاطعة كولومبيا. وعلى المرشح الى الرئاسة الحصول على أصوات 270 من اعضاء الهيئة الذين يطلق عليهم لقب "الناخبين الكبار". وفي حال التعادل 269 لكل مرشح يتولى مجلس النواب انتخاب الرئيس. وفي 48 ولاية، يفوز المرشح الذي يحصل على غالبية من أصوات الناخبين الكبار، مما يعطي ثقلاً اضافياً للولايات ذات الكثافة السكانية. في المقابل، تخشى الولايات الصغيرة من ان يؤدي الغاء الهيئة الانتخابية الى تجاهلها كلياً من قبل المرشحين الذين سيركزون حملاتهم بدرجة اكبر على المناطق التي تمتاز بكثافة سكانية عالية، مثل ميتشيغن وفلوريدا وايلينوي واوهايو وميسوري. تقسيم الناخبين تحتحظى كاليفورنيا، اكثر الولايات كثافة سكانية، ب54 ناخباً كبيراً، أي 20 في المئة من الناخبين الكبار الذين يحتاجهم المرشح للفوز. تليها ولاية نيويورك 33 ناخباً كبيراً وتكساس 32 وفلوريدا 25 وبنسلفانيا 23 وايلينوي 22 وايوا 21 وميشيغن 18. وثمة 7 ولايات تختار كل واحدة منها ثلاثة ناخبين كبار فقط وهي: الاسكا ومونتانا ووايومينغ وداكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية وفيرمونت وديلاوير. ويعاد النظر بعدد الناخبين الكبار في كل ولاية كل عشر سنوات وفقاً لنتائج التعداد السكاني الذي يحدد عدد الدوائر الانتخابية في كل ولاية لانتخابات مجلس النواب. وحددت الاعداد الحالية بالاستناد الى التعداد السكاني العائد الى 1990. وتشذ ولايتان عن قاعدة نظام الغالبية الذي يفوز بموجبه المرشح الذي يحل في المرتبة الأولى بأصوات كل الناخبين الكبار في الولاية وهما ماين أربعة ناخبين كبار ونيبراسكا خمسة ناخبين كبار. وتعتمد الولايتان النظام النسبي. ويتعهد الناخبون الكبار، وهم في شكل عام ناشطون في الأحزاب السياسية التصويت لمرشح معين وهم ملزمون بذلك قانوناً في 24 ولاية، فضلاً عن العاصمة الفيديرالية. لكن في الولايات ال26 الأخرى الناخبون الكبار أحرار نظرياً في خيارهم. ويجتمع الناخبون الكبار في عاصمة كل ولاية ويرفعون تصويتهم في مغلفات مختومة بالشمع الأحمر الى الكونغرس في واشنطن الذي يجب ان تصله في 27 كانون الاول حداً اقصى قبل ان يعلنها رئيس مجلس الشيوخ في السادس من كانون الثاني يناير. وتنظيم عمليات التصويت معقد ويختلف من ولاية الى اخرى. وخلافاً لبعض الدول حيث تحدد اللوائح الانتخابية قبل اشهر من عملية التصويت، فإن الولايات الاميركية لديها قوانين متفاوتة كثيرة في هذا المجال. فلا تملك داكوتا الشمالية، مثلاً، سجلات انتخابية ويتقدم الناخب يوم الاقتراع مع وثيقة تثبت انه من سكان الولاية. وفي ولايات اخرى مثل كاليفورنيا تقفل اللوائح قبل 29 يوماً من عمليات التصويت. ويمكن الاقتراع بالمراسلة ويسمح بارسال بطاقات التصويت بالبريد حتى يوم الانتخابات. وختم مكتب البريد يثبت صحة ذلك. ويتم فرز هذه الأصوات تدريجاً مع ورودها. أما في الولايات التي يقيم فيها عدد كبير من العسكريين المتمركزين في الخارج او الولايات مثل فلوريدا التي يملك الكثير من سكانها مقار اقامة في ولاية اخرى، يمكن ان يستغرق فرز الاصوات وقتاً طويلاً ويمكن ان يؤخر ذلك اعلان النتيجة النهائية على مدى أيام.