أدى ارتفاع الاسعار وغلاء كلفة المعيشة في دولة الامارات الى فتح باب الدعوات الى مقاطعة سلع معينة والى حض الحكومة على وقف الامتيازات الحصرية وتحرير السوق ومحاربة الاحتكار. ويأتي التحرك الجديد الذي عكسته أجهزة الاعلام المحلية في الامارات بعدما بدأت جيوب التجار تتضخم في حين يغرق المواطن والموظف في الديون. انفجرت أزمة غلاء الأسعار في وجه المستهلك في دولة الامارات قبل شهر رمضان وازدادت حدتها مع دخول شهر الصوم مهددة بحدوث ردود فعل يدعو بعضها الى مقاطعة سلع اذا لم تتدخل الحكومة لوضع نهاية لمسلسل ارتفاع الأسعار. وسجل المتعاملون في أسواق الامارات ارتفاع سعر طن الحديد الى دزينة البيض والبنزين والديزل والحليب واللبن، وأكدوا ان"كل شيء يتحرك صعوداً باستثناء الرواتب"، الأمر الذي تتضخم معه جيوب التجار فيما يغرق الموظف في الديون. ويتم تسجيل هذه الصورة عن ارتفاع الأسعار بالأرقام، حيث ارتفع طن الحديد من 900 درهم الى أكثر من ألفي درهم وكيس الاسمنت من عشرة دراهم الى 25 درهماً ما أدى بدوره الى ارتفاع كبير في كلفة البناء وأجرة المساكن. وارتفع سعر الديزل الى 6.8 درهم للغالون ليصبح أغلى من البنزين الذي أراد البعض رفع أسعاره أيضاً من دون أن يتمكنوا من ذلك لأن تحديد سعر البنزين دون غيره من المشتقات والسلع الأخرى يتم بقرار حكومي. ويؤكد المسؤولون في محطات بيع البنزين ضرورة رفع أسعاره بمقدار درهمين ليصبح بحدود 7 دراهم للغالون، لكن أمام انقسام الرأي بين المسؤولين في هذه الشركات لاتخاذ قرار موحد برفع أسعار البنزين، وتمديد بعضها بالتوقف عن توزيع البنزين اعتباراً من أول تشرين الثاني نوفمبر المقبل، واعلان بعضها الاستمرار في بيع البنزين بأسعاره الحالية على رغم الخسائر التي تتكبدها، توصلت هذه الشركات الى عقد اجتماع مشترك مع وزارة النفط والثروة المعدنية أول من أمس الأحد في محاولة للخروج بحل جماعي يصدر في قرار عن مجلس الوزراء. وبانتظار حل هذه المشكلة انفجرت مشكلة ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته بمطالبة هيئة منتجي الألبان برفع سعر ليتر الحليب نصف درهم في أول رمضان لكن هذا الطلب تصدت له جمعية"الاتحاد التعاونية"التي رفضت هذه الزيادة. وتصدت الصحافة الاماراتية طوال الأيام الماضية لحملات زيادة الأسعار وسجلت ارتفاع أسعار الدواجن والبيض أيضاً وقالت ان"أسعارها ليست أفضل حالاً من أسعار الحليب واللبن، وليست أفضل حالاً من أسعار الأسماك والفواكه والخضار، وليست أفضل حالاً من أسعار المواد الغذائية الأخرى التي ضربها الجشع والطمع والابتزاز". وأكد الخبراء في الامارات ان"مسلسل الأسعار والزيادات في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية مستمر من دون توقف، وأسعار أجور المساكن ارتفعت هي الأخرى منذ بداية السنة بحدود 20 في المئة ولم يبق شيء لم يرتفع سوى مستويات الرواتب والأجور التي بقيت غالباً على حالها لدى الغالبية الساحقة من العاملين والموظفين". ورأى الخبراء ان ارتفاع الأسعار الكبير سيلقي بظلاله على الانجازات التي تحققت سنة 2004 بارتفاع معدل النمو العام الى مستويات قياسية، وأكدوا ان ارتفاع الأسعار سيقضي على هذه الانجازات بفعل التضخم الذي قد يأتي مرتفعاً جداً وفقاً لوتيرة النمو في الأسعار التي يلمسها المستهلك في السوق. وأمام هذا الواقع الطارئ في أسواق الامارات طُرح عدد من الحلول الذي يذهب بعضها الى المطالبة بتحرير السوق واخضاعها لقوانين العرض والطلب، ومحاربة الاحتكار ووقف الامتيازات الحصرية، خصوصاً ان السنة بدأت بأزمة الاسمنت وانتهت بأزمة المحروقات وكلها شبه محتكرة جزئياً أو كلياً والطريق للتوازن هو فتح السوق وتحريرها. وطالبت أقلام اماراتية في الصحافة المحلية، على غير عادة، الحكومة بإعادة النظر في رواتب الموظفين لجهة رفعها بنسب عالية بعدما بقيت جامدة لسنوات طويلة. وذهبت بعض الآراء الى مطالبة الحكومة بإعادة النظر في هيئة منتجي الألبان أو تحديد أهدافها وصلاحياتها بعدما تحولت الى أداة"تتحكم بقوت الناس". وطالبت جهات أخرى جمعية حماية المستهلك بالدعوة لمقاطعة أية منتوجات ولمدة ثلاثة أيام بدءاً من عيد الفطر، وفتح الباب أمام شركات جديدة لتدخل السوق للمرة الأولى، وتتساءل ماذا سيكون حال من يسعى للتحكم في الأسعار، والحليب أهم وأغلى من الاسمنت؟ وأكدت مصادر مطلعة ان الحكومة تدرس حلولاً جذرية لمشاكل ارتفاع الأسعار لذلك تراجعت بعض شركات توزيع المحروقات عن قرارها بالتوقف عن بيع البنزين ابتداء من أول السنة المقبلة. وتم الاتفاق بين هيئة منتجي الألبان وجمعية الاتحاد التعاونية ومراكز التسوق الأخرى التي تساندها على تأجيل زيادة سعر الحليب والألبان حتى بداية الشهر المقبل، بانتظار ما سيسفر عنه تحرك الحكومة من قرارات ستكون في النهاية في صالح المواطن المستهلك.