طفت الزيادات المتلاحقة في أسعار النفط في الأسواق الدولية والارتفاع التدرجي في أسعار المشتقات النفطية على السطح في دولة الامارات ورجحت إمكانات تحرير أسعار البنزين عبر رفع الدعم الحكومي عنه وجعل أسعار بيعه متغيرة طبقاً لأسعاره في المصافي الاقليمية والدولية وذلك للمرة الأولى منذ نحو 20 عاماً. ويأتي المسعى الجديد الذي لا يزال خاضعاً للنقاش بين شركات بيع المنتجات النفطية المحلية وبين وزارة النفط والثروة المعدنية، بعدما أعلن بعض الشركات الفعالة في سوق الوقود المحلي انه يتعرض منذ أشهر عدة لضغوط مالية كبيرة ألحقت به خسائر كبيرة نتيجة بيع البنزين بأسعار ثابتة منذ مطلع الثمانينات وحتى الآن، في الوقت الذي تضاعفت فيه أسعار البنزين في المصافي الاقليمية بأكثر من الضعف خلال عام واحد. وطبقاً لمصادر شركات بيع الوقود في أسواق الامارات، فإن وزارة النفط توصلت الى قناعة بأهمية تحرير أسعار البنزين في أسواق الامارات، مشيرة الى أن الوزارة تبنت بالفعل اقتراح الشركات المذكور، الذي سترفعه بدورها الى مجلس الوزراء للحصول على موافقته قبل تنفيذه، لافتة الى وجود آليات عدة للزيادة ستعرض ضمن المذكرة التي سترفعها الوزارة الى مجلس الوزراء الاماراتي. وفي الوقت الذي كشف فيه المهندس حسين سلطان المدير التنفيذي لشركتي "ايبكو" و"اينوك"، ومقرهما دبي، عن أن شركة "ايبكو" تكبدت وحدها خسائر بواقع 75 مليون دولار على مدار الأشهر ال11 الماضية، قدرت مصادر نفطية ان تكون خسائر شركات توزيع المشتقات النفطية في دولة الامارات بنحو 300 مليون دولار على مدار عام نتيجة بيع البنزين بأسعار ثابتة. ويباع غالون البنزين في الامارات بواقع 3.95 درهم 1.07 دولار في حين تعتقد الشركات الموزعة للبنزين أن سعره العادل مقارنة بأسعاره في المصافي يجب أن يصل الى ستة دراهم بحد أدنى 1.6 دولار للغالون، ما يكبد الشركات خلال الفترة الحالية خسائر كبيرة. يشار الى أن سعر بيع البنزين في مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي يتفاوت بين دولة وأخرى ففي السعودية يبلغ سعر الغالون 3.6 درهم في محطات التعبئة في حين يبلغ في قطر ثلاثة دراهم وستة فلوس وهو أدنى سعر خليجي وفي الكويت يصل سعر الغالون الى ثلاثة دراهم وعشرة فلوس وفي البحرين الى 3.94 درهم في حين تبلغ أعلى الأسعار في سلطنة عمان 4.55 درهم. واقترح سلطان في تصريحات صحافية على الحكومة أن تشرف هي على تحديد سعر البنزين بعد تحريره، اذ يمكن أن يتم تحديده طبقاً لتطورات أسعار المشتقات النفطية كل ثلاثة أشهر مثلاً، عبر لجنة مشتركة من الحكومة وشركات التوزيع وفي حال انخفاض الأسعار في الأسواق الدولية تنخفض بالتالي محلياً وتتحرر الشركات الموزعة من تكبد المزيد من الخسائر. وجاء الحديث عن رفع الدعم عن البنزين متزامناً مع قيام الشركات الموزعة للمشتقات النفطية في دولة الامارات وهي الى جانب "ايبكو" و"اينوك" التي تساهم فيهما حكومة دبي، كل من شركة "امارات" التي تملكها الحكومة الاتحادية و"ادنوك للتوزيع" التابعة لشركة "بترول أبوظبي الوطنية" قبل يومين بزيادة أسعار بيع الديزل في الأسواق الاماراتية بنسبة 16 في المئة من 3.8 درهم الى 4.4 درهم للغالون 1.2 دولار وذلك للمرة الرابعة منذ نحو عام. وبررت الشركات الموزعة للمشتقات النفطية الزيادة الجديدة بارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية الذي انعكس بالتالي على أسعار المشتقات النفطية، بالاضافة الى وجود نقص في المعروض من هذه المادة النفطية في المصافي الاقليمية وسط توقعات أن تشهد أسواق الامارات مزيداً من تهريب الديزل من الأسواق المجاورة التي تبيعه بأسعار أقل من ذلك. وأشارت مصادر أخرى الى أن هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في زيادة معدلات التضخم في الأسواق الاماراتية نتيجة اعتماد عدد من القطاعات عليها لتشغيل عملياتها الانتاجية.