إذا كان لا بدّ لكلّ موسم رمضاني من عمل تلفزيوني يثير الاهتمام والضجّة، ويشغل الناس ويغذي أحاديث السهرات، فإن "نجوميّة" هذا الموسم ستكون بلا شكّ لمسلسل "الطريق إلى كابول" الذي انتجته شركة أردنية هي "المركز العربي للخدمات العربية والسمعية" لصالح تلفزيون قطر. والمسلسل الذي تقرر عدم عرضه على التلفزيون الأردني وتلفزيون قطر، سبقته رائحة الفضيحة والاتهامات والتهديدات، ولما يبدأ بثه على مختلف الفضائيات العربيّة التي اشترت حقوقه. وبدأت التكهّنات حول أسباب هذا القرار المفاجئ، خصوصاً أنّه جاء بعد نشر بيان على موقع "أنصار نت"، حذّر كل من ساهم في "الطريق الى كابول"، وهدد بضرب "مراكز القنوات الفضائية التي تعرض المسلسل، ومراسليها ومراكزها في العراق وسورية ... في حال تضمن اساءة الى حركة طالبان الافغانية" راجع "الحياة" يوم أمس. ولم يتمّ التأكد من المصدر الحقيقي ل"البيان رقم 7" المنسوب الى "كتائب المجاهدين في العراق وسورية". وتدور أحداث المسلسل الذي كتبه الأديب الأردني جمال أبو حمدان، حول قصة حب بين شابة افغانية وشاب عربي يلتقيان في لندن، ثم يعودان الى كابول. ويسرد الكاتب، من خلال قصة الحب هذه، حقبات من تاريخ افغانستان ومنها الاحتلال السوفياتي وقيام حركة طالبان والاجتياح الاميركي. واستغرب أبو حمدان، في حديث هاتفي مع "الحياة"، الضجّة المثارة على المسلسل. وقال: "انتظرنا الهجوم من الغرب، فجاءنا من الشرق!... "الطريق الى كابول" ينتقد أميركا، يعمل على تنقية صورة العرب من الشوائب التي احاطت بها بعد 11 سبتمبر، من خلال قصّة انسانيّة وتجربة أفراد وبشر حقيقيين". وأضاف كاتب القصة والسيناريو: "جوهر العمل هو الدفاع عن الاسلام. وهو يهدف الى رسم صورة موضوعية، متوازنة، ومستندة الى وثائق وشهادات مجاهدين عرب في أفغانستان، ومراجع عدّة. كما ينطلق السيناريو من فكرة أساسية، هي أن افغانستان ضحيّة مؤامرة دوليّة أطرافها معروفة... نحن نسدد اصبع الاتهام الى مشاريع الهيمنة على المنطقة، ونشير أيضاً الى بعض الممارسات التي تمّت في عهد "الطالبان"... وذلك ربّما يزعج الظلاميين، لكنّه يحرج أيضاً بعض أصدقاء الولاياتالمتحدة". وفيما بثّت فضائية MBC تلفزيون الشرق الأوسط حلقته الثانية من "الطريق الى كابول" يوم أمس، سحب التلفزيون الأردني والتلفزيون القطري المسلسل من لائحة البرامج المقررة لشهر رمضان المبارك. ونقلت الوكالة الفرنسية للأنباء، تصريحاً لمدير التلفزيون الاردني عبد الحليم عربيات، يعلن فيه العدول عن بث "الطريق الى كابول" الذي يشارك فيه ممثلون من سورية والاردن، بينهم فرح بسيسو وعابد فهد وعارف الطويل... وأكّد عربيات أن القرار اتخذ تلبية لطلب التلفزيون القطري الذي موّل العمل، رافضاً التعليق على الخلفيات السياسية المحتملة للقضيّة. وكان تلفزيون قطر أعلن، أول من أمس، امتناعه عن بث المسلسل الرمضاني "الطريق الى كابول"، "لأسباب فنية" حسب تصريح لمدير ادارة التلفزيون محمد عبد الرحمن الكواري. وأكد الكواري أن العمل الذي أخرجه الأردني محمد عزيزية "يحتاج الى مراجعة فنية ومعلوماتية قبل بثه، لضمان استمرارية بث كامل حلقاته طوال الشهر الكريم". ونقلت الوكالة الفرنسية للأنباء عن مسؤول في التلفزيون القطري طلب عدم ذكر اسمه أن "القرار تم اتخاذه قبل ظهور تلك التهديدات... لم نستلم الى الآن سوى ثماني حلقات من أصل ثلاثين. والعقد مع الشركة الاردنية ينص على تسليمنا العمل كاملا قبل فترة كافية من بداية بثه". ومن جهته أكد عدنان العواملة، مدير "المركز العربي للخدمات العربية والسمعية"، ل "الحياة" أن قرار سحب المسلسل يعود الى ادارة تلفزيون قطر، و"هي حرّة قاونياً في التصرّف بالعمل"... لكنّه أكّد أنّه "من الصعب تسليم كلّ حلقات البرنامج أول رمضان"... وأضاف "اعتمدنا التعامل نفسه مع المحطّة في المواسم السابقة، إذ كانت الحلقات تسلّم تباعاً"، علماً أنّ شركته سبق أن انتجت لتلفزيون قطر أعمالاً عدّة منها "امرئ القيس"، و"الحجاج" و"زمان الوصل". ومن جهة أخرى، استغرب العواملة أن تصدر بيانات تهاجم المسلسل قبل مشاهدته، مؤكّداً أنه "عمل متوازن درامياً وسياسياً، يدافع عن صورة الاسلام، وعن الوسطيّة والاعتدال".