رجح ديبلوماسيون في بروكسيل أمس، أن تصدر المفوضية الأوروبية الأربعاء المقبل، توصية "إيجابية إزاء تركيا" وجاهزية الأخيرة لبدء مفوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأكدت دراسة داخلية للمفوضية أن "انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي سيعود بالفائدة على الجانبين". وتحدثت الوثيقة عن احتمال انضمام تركيا بعد عشرين عاماً. وأوحت بأن المفوضية الأوروبية ترى أن تركيا تستجيب للمعايير السياسية والاقتصادية المطلوبة في البلدان المرشحة لعضوية الاتحاد. وذكرت وثيقة المفوضية أن "اقتصادات كل البلدان الأعضاء في الاتحاد، ستستفيد من انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد". وفور صدور هذا الرأي الايجابي في السادس من الشهر الجاري، يحال الملف إلى القمة الأوروبية المقررة في 17 كانون الأول ديسمبر المقبل، ليتخذ القادة الاوروبيون القرار حول موعد بدء مفاوضات العضوية مع أنقره. ويمثل مستقبل تركيا داخل الاتحاد تحدياً كبيراً لكل من الجانبين الأوروبي والتركي لأسباب الحجم الديموغرافي الكبير لتركيا وتخلف مناطق واسعة فيها. وتعد تركيا 70 مليون نسمة وتأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا 82.5 مليوناً. ويستخدم معارضوها حجمها الديموغرافي للتشهير بموقعها داخل الاتحاد. ويقول نواب الوسط الديموقراطي المسيحي إن عدد سكان تركيا سيقارب سكان ألمانيا بعد عشر سنوات وسيؤهل أنقره، إذا دخلت الاتحاد آنذاك، للحصول على 14 في المئة من النقاط داخل آليات التصويت، بعد ألمانيا 15 في المئة وقبل فرنسا 12 في المئة. وتتسع الهوة بين تركيا والبلدان الأوروبية لجهة معدل دخل الفرد. ويبلغ معدل دخل الفرد في تركيا 7 آلاف دولار سنوياً، في مقابل 28 ألفاً في ألمانيا و11 ألفاً في بولندا. لكن الفوارق الإنمائية لا تقلل من تفاؤل الكثير من الخبراء في بروكسيل. وكتبت الباحثة في مركز السياسة الأوروبية آماندا أكساكوشا أن "الطريق أصبحت ممهددة أمام تركيا بعد التطمينات التي قدمها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، إلى مفوض شؤون التوسعة غونتير فيرهوغن وخصوصاً بعدما صادق البرلمان التركي يوم الأحد الماضي على قانون جديد للعقوبات، يقرب تركيا من التشريعات الأوروبية". ورأت الباحثة أن الرأي الذي ستعلنه المفوضية يوم الأربعاء المقبل، "سيكون بالغ الأهمية بالنسبة إلى تركيا والاتحاد". وتوقعت أن يثير جدلاً حاداً بشأن موقع تركيا داخل الاتحاد وتبعات ذلك اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. وأبرزت وثيقة المفوضية الأوروبية أن انضمام تركيا لعضوية الاتحاد سيكون مهماً على أكثر من صعيد، منها مجالات السياسة الخارجية. وذكرت أن "تركيا تحتل موقعًا استراتيجيًا مهمًا وسيكون مؤثرًا، في حال انضمامها للاتحاد، في السياسة الخارجية الأوروبية، حيال المناطق المجاورة غير المستقرة مثل حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى". ويتفق الخبراء على أهمية استخدام تركيا ممراً لعبور أنابيب الغاز والنفط من حقول آسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط. وفي هذا الشأن، رأت وثيقة المفوضية أن عضوية تركيا "تعزز أمن التزود بالطاقة". وسيؤثر انضمام تركيا في عضوية الاتحاد، وفي شكل خاص اتساع ترابها والمناطق الفقيرة داخلها، على الموازنة المشتركة للبلدان الأعضاء، ما يدفع بعضها إلى المجاهرة بتحفظه على هذا الانضمام. وقدرت المفوضية كلفة انضمام تركيا بدءاً من عام 2025 ، بما يراوح بين 16 و 28 بليون يورو في السنة، ما يساوي بين 0.1 و0.17 في المئة من الناتج المحلي العام للاتحاد. ولا تستبعد المفوضية أن تتواصل المفاوضات إلى ما بعد 2013، موعد انتهاء خطة الموازنة للبلدان الأوروبية ال25، زائد رومانيا وبلغاريا اللتين ستنضمان إلى الاتحاد عام 2007. وسيتخذ الاتحاد خلال مفاوضات العضوية الوسائل القانونية للحد من تدفق الهجرة والعمالة التركية نحو بقية البلدان الأعضاء. وعن مسائل الحريات وحقوق الانسان والديموقراطية، لاحظت المفوضية الأوروبية "سرعة تقدم الاصلاحات السياسية" في تركيا، مشيرة إلى "مصلحة الأطراف كلها" في نجاح تلك الإصلاحات.