تؤشر المباريات في دورات كرة المضرب خلال الاسبوعين المقبلين، الى ما ستكون عليه المواجهات المرتقبة في بطولة استراليا أولى البطولات الأربع الكبرى، بدءاً من 19 الجاري. فمن دورة الدوحة الى دورات اديلاييد وسيدني الاستراليتين وأوكلاند النيوزيلندية، قاسم مشترك واحد هو الدخول بقوة في أجواء منافسات الموسم الجديد، وافتتاحها بنتائج توفر نقاطاً "محترمة" في السباق على صدارة التصنيف العالمي. وفي هذا الاطار، باتت دورة "قطر اكسون موبيل" في الدوحة التي تبدأ غداً أدوارها الأولى بعد التمهيديات، وتفوق جوائزها مليون دولار، محطة راسخة في تطلعات اللاعبين العالميين، منذ أن أطلقت نسختها الأولى العام 1993 وتوّج في نهايتها الألماني بوريس بيكر. وفي "الموسم القطري" الجديد، يباشر النمسوي ستيفان كوبيك حملة الدفاع عن لقبه الوحيد الذي أحرزه العام الماضي. وينتظر عشاق اللعبة مباريات ساخنة ويمنون النفس بمواجهات حامية، لا سيما ان جدول المشاركين زاخر بالاسماء الكبيرة وفي مقدمها المصنف أول عالمياً الاميركي إندي روديك الطامح الى ان يخلف مواطنه المعتزل بيت سامبراس، والارجنتيني غييرمو كوريا المصنف خامساً، والألماني راينر شوتلر المصنف سادساً وحامل اللقب عام 1999... وفي خانة النجوم ايضاً، يحضر المغربيان يونس العيناوي المصنف 14 عالمياً وهشام آرازي 52. لكن المراتب لا تعني الكثير عندما تصنف بعض اللقاءات والمباريات ب"الخاصة جداً" نظراً للندية التي تتحكم بمجرياتها. ولا سيما ان المغربيين اعتادوا تقديم العروض الكبيرة، ما أهّل العيناوي مثلاً أن يحرز لقب الدوحة عام 2002 على حساب الاسباني فيليكس مانتيا... ويخسر في نصف نهائي الموسم الفائت أمام حامل اللقب الجديد. عصر الشباب لكن بعيداً من التوقعات واستعراض قوة المشاركين لا بد من التوقف عند الصبغة الجديدة التي تطبع عالم اللعبة عند الرجال، خصوصاً مع فرض الوجوه الشابة نفسها بقوة وتحكّمها بمجريات البطولات، فالمصنف أول روديك 4525 نقطة، ووصيفه السويسري روجيه فيدرر 4375 الذي حصد الموسم الماضي سبعة ألقاب، وثالث الترتيب الاسباني خوان كارلوس فيريرو 4205 الأبرز على الملاعب الترابية، جميعهم دون الرابعة والعشرين... ومع استعادة كل من الاسترالي ليتون هويت المصنف أول عامي 2001 و2002، والروسي مارات سافين عافيتهما بعد الاصابة، فإن حقبة جديدة تؤرخ للعبة. ويثبتها سير النتائج السابقة ولائحة المصنفين المئة الأوائل التي يشكل المخضرمون فيها أي الذين تخطوا سن الثلاثين أقلية ضئيلة، إذ يبلغ عددهم ثمانية فقط منهم العيناوي وآرازي، والأميركي اندريه اغاسي 33 عاماً الوحيد بين العشرة الأوائل المصنف رابعاً ب3425 نقطة، والذي أحرز لقب ملبورن في مستهل الموسم اضافة الى ألقاب دورات ميامي وهيوستن وسان خوسيه. ولا شك في ان روديك "الولد الشقي" ورمز الجيل الاميركي الجديد سيكون محط الأنظار في الموسم الطالع بدءاً من دورة قطر كونه نجمها الأول وتسبقه اليها انجازاته الكثيرة خصوصاً سيطرته الكبيرة في الملاعب الأميركية الصيف الفائت. ويأمل كثر ان تسفر القرعة ومجريات المباريات عن لقاء مميز في الدوحة حبذا لو يكون في النهائي بين روديك والعيناوي، لا سيما ان الوقائع المثيرة لمباراتهما في ربع نهائي بطولة استراليا الأخيرة راسخة في أذهان المتابعين للدورات الدولية. صحيح ان روديك فاز خلالها في شوط كسر التعادل الأخير للمجموعة الخامسة الفاصلة 21-19 بعد نزاع مرير، لكن العيناوي كسب بالاجمال طوال الموسم لقباً شرفياً هو صاحب الاداء الاستعراضي الأفضل، نظراً لاستبساله في غالبية المباريات التي خاضها واسهامه ايضاً في "تفوق" منتخب بلاده في مسابقة كأس ديفيس على حساب انكلترا وارتقائه الى المجموعة العالمية. تفوق روديك على العيناوي وسقط في نصف نهائي ملبورن أمام شوتلر الذي خسر المباراة الأخيرة أمام أغاسي. وعانى اللاعب الأميركي بعدها من اصابة في يده وحالة فراغ اثر انفصاله عن مدربه الفرنسي المغربي الأصل طارق بن هابيل، الذي اشرف على اعداده منذ أربعة أعوام. غير ان روديك وجد نفسه أخيراً تحت ادارة براد غيلبرت وتجاوز "محنته" وأحرز ستة ألقاب بينها أربعة أميركية أبرزها فلاشيغ ميدوز.. وبلغت حصيلته 72 فوزاً في مقابل 19 خسارة. من جهته، مثّل كوريا احد وجوه البروز الارجنتيني المتجدد في عالم اللعبة وان كان لم يقترب بعد من احراز البطولات الكبرى. وتبقى دورة الدوحة المتراس الأول في "معركة الاختبارات الكبيرة" على درب موسم 2004 ولا سيما ان روديك تحديداً يريد القطاف باكراً بعكس انتظاره الطويل العام الماضي، ليثبت على الأقل جدارته وكفايته لبعض الذين شككوا في أحقيته في اعتلاء صدارة التصنيف، ومنهم سافين "ضحية الاصابات" الذي لا يرى فيه اللاعب المناسب في المركز المناسب.