جورج حبيقة، داني الأطرش، روبير أبي نادر، ايلي صعب، جورج شقرا، منيرة الكويتية التونسية الأصل، يحيى البشري السعودي وغيرهم من المصممين العرب مروا بباريس عاصمة الموضة، وجعلوا منها منصة لعرض أزيائهم مرة على الأقل. منهم من خاب أمله ولم يعد، ومنهم من يثابر لتحقيق حلمه وهو يعود في كل موسم طمعاً بالعالمية التي أصبحت محط أنظار كل النجوم في عالم الغناء والتمثيل. فلم لا في عالم التصميم؟ نستطيع ان نقول اليوم بإن الحظ بدأ يبتسم لبعضهم ولكن السنوات الأولى كانت صعبة حتماً، وبخاصة أن المصممين الجدد يخضعون دائماً لبرمجة زمنية تفرضها عليهم غرفة نقابة الخياطة الباريسية والتي عليها ان تحترم ايضاً وجود مصممين فرنسيين، وكلّنا يتذكر الأزمة التي حصلت بين دار "تورانت" Torrente الفرنسية العريقة وغرفة نقابة الخياطة الباريسية قبل سنوات بسبب تغيير موعد عرض أزياء الدار المذكورة من دون مبرر. اذن طريق العروض شاقة وليست مكللة بالورود كما يظن بعضهم، ما يدفعنا الى التساؤل أحياناً عمّا تضيفه المحطة الباريسية على مسيرة الخياطين والمصممين اللبنانيين والعرب؟ بعضهم يقول ان باريس تشكل محطة مهمة للتأثير على الزبونة العربية الميسورة التي ما زالت تتباهى باسم مصممها. فكيف اذا ما عرض آخر ابتكاراته في عاصمة الأناقة وأمام جمهور غربي؟ اما بعضهم الآخر فيطمح الى اقتحام سوق غربية صعبة حتى على المصمم الغربي، فهل باريس في أذهان المصممين العرب هي كالألدورادو بالنسبة للمنقبين عن الذهب؟ ولكن الواقع مغاير للأحلام، وخيبات الأمل قد تثني بعض المصممين عن تكرار التجربة وترغمه على التخلي عن تذكرة الدخول الى مسرحية لا تستقبل سوى ممثلين اقوياء او موهوبين. فكم من مرة حضرنا عروض ازياء لمصممين عرب لم تُملأ صالاتهم... وكم سمعنا صحافيين اجانب، غامروا وأتوا بسبب إلحاح الملحقة الصحافية التي عهد اليها المصمم بدعوة الحضور. لحسن الحظ، في مقابل بعض التجارب السلبية، هناك مبادرات ايجابية تقوم بها بعض الوسائل الاعلامية الفرنسية للتعرف على هذا "الآخر" الآتي من البعيد. وبفضل هذا الفضول، خصصت مجلة Gala الفرنسية مثلاً صفحات عدة للمصمم جورج شقرا، وكذلك خصصت القناة الفرنسية الرسمية France 3 في نشرتها الاخبارية المسائية يوم الأحد الفائت، بضع دقائق للمصمم ايلي صعب، بعد ان وصل الى اسماع الجميع انه يصمم للنجمة هالي بيري أو الملكة رانيا. اضافة الى ذلك هناك ايضاً روبير أبي نادر الذي يُذكر اسمه على الأقل مرة في السنة على شاشة التلفزيون الفرنسي وأمام ملايين المشاهدين الذين يتابعون مباراة ملكة جمال فرنسا، وذلك بفضل تقديمه الفساتين للمشاركات الست والأربعين. على رغم ذلك، تبقى دور الازياء الفرنسية غير مبالية بوصول مصممين جدد، لأنها تعلم أن البقاء والاستمرارية هما الأصعب هنا في هذا المجال. واخيراً تجدر الاشارة الى ان المصمم اللبناني خرج من الظل ودخل الى دائرة الاضواء وبدأ يثير الاهتمام في اوساط الصحافة الفرنسية لا بل العالمية. وهو بذلك يقبل شروط اللعبة، إذ أن الصحافة تمدح يوماً وتنتقد اياماً. وهل من الممكن ان نطلب من الصحافي الفرنسي ان يكون رحوماً ومتفهماً وهو الذي ينتقد المصمم الفرنسي عند أول مطب.