قالت مصادر مصرفية مصرية امس ان مصريين من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية اشتروا مليارات الدنانير العراقية في السوق السوداء خلال الاسابيع الماضية، في ما يعد هوساً بالعملة العراقية حركته أحلام الثراء السريع. وقال محمد حسن الابيض رئيس شعبة الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية: "بدأت حمى شراء الدينار العراقي بمتوسط سعر 4400 جنيه حوالى 700 دولار لكل مليون دينار". وأضاف: "تفشت حمى الشراء فارتفع سعر المليون دينار الى 5200 جنيه وظل السعر يرتفع الى أن سجل الخميس الماضي 17 ألف جنيه للمليون دينار. السعر يتراوح اليوم بين عشرة آلاف و11 ألف جنيه لكل مليون دينار". والدينار غير قابل للتحويل في مصر وتتم عمليات البيع والشراء بشكل شخصي خارج الاطار المصرفي ويحركها هاجس تحسن قريب في الاقتصاد العراقي يؤدي الى طفرة في سعر صرف عملة العراق. وقال الابيض: "لم يكن للدينار العراقي سعر من قبل وليس له سعر رسمي حالياً. المشكلة أن جانباً من مدخرات المواطنين سيتحول الى عملة غير قابلة للتحويل". وكان تجار في العراق قالوا قبل أيام ان الدينار العراقي ارتفع مقابل الدولار الى 1500 دينار مسجلاً أعلى مستوى في فترة ما بعد اعلان انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في البلاد في الاول من ايار مايو الماضي ومقارنة مع 2200 دينار في العام الماضي. وقالوا ان الفضل في ذلك يرجع الى تنامي الثقة بأن البلاد على طريق الانتعاش. ولكنهم أضافوا ان هناك طلباً متزايداً على الدينار نتيجة تزايد عمليات تهريب مبالغ ضخمة منه الى الكويتوالاردن ومصر ودول عربية أخرى. وقال محمد حسن الجشمي الذي يدير شركة صرافة في العراق ان هناك اعتقادا في الدول المجاورة بأن سعر الدينار أقل من قيمته مقابل الدولار ويتوقعون ارتفاع السعر على المدى المتوسط والطويل. وكان سعر العملة العراقية 2000 دينار مقابل الدولار خلال العام الاخير من حكم الرئيس السابق المعتقل حالياً صدام حسين. وقال اسماعيل حسن المحافظ السابق للبنك المركزي المصري: "ما يحدث في مصر هوس وجنون.. العملة العراقية غير قابلة للتحويل ولا قيمة لها الا داخل حدود العراق". وأضاف: "لا أرى أي مبرر للمضاربة عليها بأسعار تفوق بدرجة كبيرة قيمتها الحالية حتى داخل العراق. لم يطرأ أي تغير يبرر هذا الارتفاع الجنوني في السعر. الامر في العراق لم يزد على اصدار طبعة جديدة من العملة". وتابع أن "ما يحدث مقامرة وليس مجرد مخاطرة". لكن محمد أمين المحلل في صحيفة "الوفد" المعارضة قال: "ان الاسباب التي يبديها طلاب الدينار غريبة جداً منها أنه يلقى دعما أميركياً كبيراً وأن اقتصاد العراق جزء من اقتصاد أميركا باعتبار أنه يجري الان أمركة العراق". وأضاف: "هؤلاء يرون أن الدينار سيكون له شأن كبير في الايام المقبلة". وتابع: "أظن أن وراء هذه الشائعة أصحاب مصالح من الوزن الثقيل يعرفون كيف يقومون بتهريبه وكيف يتم تسويقه بمهارة شديدة". وفيما يشير الى تحرك من جانب الحكومة للحد من هوس الدينار العراقي أفادت صحيفة "الجمهورية" اليوم ان "المحامي العام لنيابة الشؤون المالية قام باحتجاز 177 مليون دينار عراقي كانت مع 5 مصريين قادمين من الاردن". وأضافت أن الاحتجاز موقت "لحين استصدار قرار من البنك المركزي للتصرف فيها سواء بالسماح للركاب باستردادها أو مصادرتها". واضافت: "لأن قانون النقد المصري لا يمنع دخول الركاب بأي مبالغ من العملات الاجنبية لم تستطع سلطات الامن والجمارك مصادرة المبلغ الا أن المضاربة المالية على الدينار استدعت استصدار القرار".