بعد بريد القراء امس عن الاعتداء على الأخ أحمد ماهر، وزير خارجية مصر، اكمل اليوم بمواضيع مختلفة لا يجمعها وبريد امس سوى انها كلها بالانكليزية وتلقيتها بالبريد الالكتروني. القارئ ابو سلمى يثير نقطة مهمة، فهو يقول ان قراءته تاريخ المقاومة في اوروبا يظهر الاهمية القصوى للسرية في العمل، وهو بصفته فلسطينياً يقيم في الولاياتالمتحدة يسأل عن جدوى تسمية الذين ينفذون عمليات انتحارية ضد اسرائىل، ويزيد انه يشعر بأن اعطاء الاسم والعنوان، عادة مع فيديو عن منفذ العملية، سببه ان الدعاية للفصيل اهم من العمل نفسه. ويختتم القارئ بالقول انه سيصدق ان الفصائل الفلسطينية تعمل للتحرير، لا للدعاية لنفسها، عندما تتوقف عن نشر اسماء منفذي العمليات. هي نقطة تستحق نقاشاً، ولا ازيد عليها سوى ان اسرائىل تستطيع اكتشاف اسم منفذ اي عملية في ساعات او ايام، من دون مساعدة. اما القارئ كريس سانت ماري فيقول انه اميركي بالولادة والنشأة، وقد عاش في لونغ ايلاند حيث كان بين جيرانه اصدقاء من مختلف الاثنيات والاديان، من سورية والاردن وفلسطين واسرائىل. ويزيد القارئ "ان القضية في النهاية هي القوة، وجورج بوش وآرييل شارون مثال جيد على ذلك، فعندما تملك القوة تملك المال ايضاً ما يمكنك من فعل ما تريد، وفي حين ان الناس المعتدلين او الليبراليين يريدون العيش في سلام وعدالة، فإن هناك الذين يطلبون القوة والمال للسيطرة على العالم. وبما ان الولاياتالمتحدة مقبلة على انتخابات رئاسية، فهناك قلق كبير من الكذب المرافق للحملة". وتلقيت رسالتين طويلتين من الدكتور كميل اسكندر عطركجي، وهو قارئ منتظم ل"الحياة" من اصل سوري ويقيم في مونتريال. ويتحدث القارئ في احدى رسالتيه عن الوضع السوري، ورأيه ان الدكتور بشار الاسد يحتاج الى سنتين أخريين في الحكم ليستطيع تنفيذ سياسة جديدة تعكس افكاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الواقع انني كتبت في هذه الزاوية، مرة بعد مرة عن المواجهة بين سورية واسرائىل، والرئىس الاسد اعطى جريدة "الديلي تلغراف" مقابلة مهمة الاسبوع الماضي تحدث فيها بصراحة عن كل القضايا المطروحة، ولم يتردد في القول انه طالما ان في اسرائىل اسلحة دمار شامل، فإنه لا يجوز ان يطلب من دول اخرى في المنطقة التخلي عنها. ولاحظت انه عبّر عن نفسه بذكاء، فأبدى ملاحظته من دون ان يقول ان في سورية اسلحة دمار شامل. الرسالة الثانية تعلق على زاويتي عن فيلم "آلام السيد المسيح" للممثل ميل غيبسون، والقارئ يعرف موضوع الاديان جيداً فهو يسجل احاديث له مع اصدقاء من مختلف الطوائف. غير انني اريد ان اركز على نقطة أثارها القارئ هي قوله ان "الشيطان في التفاصيل"، فعندما اتحدث عن اختلافات في التفاصيل بين الكتب المقدسة، فإنني اذكر القراء بهذه الاختلافات بدل ان اركز على ما يجمع. ربما فعلت، غير انني أؤكد للأخ كميل انني لم افعل لسبب معين، وانما سجلت الاختلاف في نظرة العهد الجديد من الكتاب المقدس والقرآن الكريم الى السيد المسيح، لمجرد شرح الموضوع، وليس لأي سبب آخر. والواقع ان ثمة اختلافات في نصوص الدين الواحد عن مواضيع مختلفة، وعادة ما اسجل نقاطاً اجدها غريبة او مستحيلة او تخلو من اي منطق، في العهد القديم من التوراة، ثم اتجنب الخوض فيها حتى لا اتهم بموقف من الدين اليهودي، والقارئ لا بد يعرف ان مثل هذه النقاط الخلافية تثار باستمرار في كتب ودراسات من رجال دين وباحثين وجامعيين، الا ان حرية النقاش في الغرب تظل اكبر منها عندنا. وأختتم بالدكتور سعد عبدالرزاق، وهو عراقي يقيم في لندن، في رسالة اخرى بالبريد الالكتروني وبالانكليزية، موضوعها صدام حسين ومساعدة العرب له في حربه على ايران، وفي تمويل "آلة القتل" للنظام التي قتلت ألوف العراقيين. كنت اختتمت زاويتي في اول هذا الشهر بكلام يرد على القارئ، وسأعيد نشره هنا لأن ذلك العدد لم يوزع حول العالم بسبب رأس السنة الميلادية ولم يطبع في بيروت مثلاً، ولم اره حتى عدت الى لندن. قلت: بعضنا ساعد صدام حسين في حربه مع ايران، غير ان الموضوع هو ان صدام حسين وأمه وأباه عراقيون، وكذلك كان جميع الجلادين حوله، والذين قتلوا عراقيين بأمره كانوا عراقيين، فأرجو ألا يحملنا اي عراقي المسؤولية عن رجل طلع من بينهم، وكان اعوانه من جميع الطوائف، فلا سر في هذا، ثم ان العراق اكبر من اي بلد عربي مجاور، وأقوى كثيراً، وأغنى جداً... يعني لا قدرة لأحد عليه. وصدام لم يسقط إلا بتدخل عسكري اميركي هائل، وما كان سقوطه ممكناً من دون هذا التدخل. وفي حين نعترف للأميركيين بالفضل في سقوط صدام، وقد فعلت هذا شخصياً مرة بعد مرة، فإنني اصر على ان مشكلته، او المصيبة به عراقية خالصة. قلت هذا في مطلع السنة، وهو رأيي اليوم وغداً.