اعتبر الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، رئيس اللقاء الثاني السعودي للحوار الفكري، ان الحجاب ليس رمزاً دينياً للمسلمات وانما هو التزام ديني ينص عليه القرآن الكريم، بينما يمكن للطالب المسيحي ان يظل مسيحياً ملتزماً من دون أن يحمل صليباً وكذلك يظل الطالب اليهودي يهودياً ملتزماً من دون أن يرتدي القلنسوة. وقال الحصين في برقية الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن قراره منع الحجاب عن المسلمات في المؤسسات الحكومية "ان هذا القرار يثير الدهشة لأن فرنسا تفخر بأنها اول بلد اصدر اعلان وثيقة حقوق الانسان وانها رائدة للعلمانية في العالم، ولقد تعايشت العلمانية الفرنسية مع مختلف الاديان لاكثر من قرنين واحترمت حرية الضمير والاعتقاد والتعبير". واضاف: "خلال تلك الفترة الطويلة لم يخطر ببال احد ان حمل طالب او طالبة في المدرسة رمزاً دينياًَ ينافي العلمانية او يشكل تهديداً لها، وكما هو معروف، فان الحجاب ليس رمزاً دينياً للمسلمات وانما هو التزام ديني ينص عليه القرآن الكريم وتشعر المسلمة بان التخلي عنه يؤذي ضميرها الديني والخلقي، بينما يمكن للطالب المسيحي ان يظل مسيحياً ملتزماً من دون أن يحمل صليباً وكذلك يظل الطالب اليهودي يهودياً ملتزماً من دون ان يرتدي القلنسوة". ومضى الحصين قائلاً: "ان دولاً اخرى ليست اضعف ايماناً بالعلمانية من فرنسا، وليست اقل منها التزاماً بمبادئ الحرية وحقوق الانسان، لم تر ان حمل طالب رمزاً دينياً، فضلاً عن ممارسته فريضة دينية، ينافي مبادئ العلمانية او يشكل تهديداً لها". وقال: "لقد برر مشروع القانون المشار اليه إن ارتداء المسلمة للحجاب يعوق اندماج المسلمين في فرنسا في المجتمع الفرنسي، ان التاريخ يوضح ان هذا المبرر غير صحيح، فقبل خمسمئة سنة جرت محاولة دمج قسري للمسلمين في المجتمع الاسباني الكاثوليكي عن طريق الضغط على الانسان ومصادرة حقه في حرية دينه، لكن تلك المحاولة لم تحقق هدفها الا بعد قرون من المآسي الانسانية، وبعد الغاء محاكم التفتيش في عام 1835 لم نكن نظن ان يفكر احد ان محاولة شبيهة يمكن ان تحقق الهدف المطلوب وهو اندماج الاقلية في الغالبية، وبالعكس من ذلك فإن التاريخ يقدم لنا تجربة ناجحة لاندماج ايجابي بين عناصر المجتمع الواحد، فقبل اربعة عشر قرناً حكم المسلمون اجزاء من اوروبا وتركوا لغير المسلمين حق الاستقلال بقوانينهم الخاصة وحق الاستقلال بقضائهم وحق الاستثناء من القانون الجنائي العام للدولة، وكان معيار تطبيق الاستثناء عدم تجريم اي فعل يعتقد غير المسلمين انه مباح في شرائعهم، وكانت النتيجة انه لم يمض وقت طويل حتى تم الاندماج بين عناصر المجتمع بارادة اختيارية في صورة يقل مثيلها في التاريخ".