أعلن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد أمس تقريره السنوي في شأن الاستثمارات، انطلاقاً من دبي وبالتزامن مع مدن رئيسية مثل نيويورك وطوكيو وجنيف، مظهراً تراجعاً كبيراً في جاذبية المنطقة العربية الاستثمارية وفي فقدان الولاياتالمتحدة لمركزها كأكبر مستقطب دولي للاستثمارات المباشرة. وقال سعيد المنتفق المدير العام لهيئة دبي للاستثمار والتطوير في مؤتمر صحافي عقده مع ندير حمو ممثل الاممالمتحدة في الامارات: "واصلت حصة الدول العربية من إجمالي الاستثمارات في العالم المراوحة عند مستويات متدنية، اذ اجتذبت الدول العربية مجتمعة حصة تقل عن واحد في المئة من إجمالي الاستثمارات، عام 2002، البالغة 651 بليون دولار على رغم أن منطقتنا تضم سوقاً ضخمة يقيم فيها قرابة 300 مليون نسمة يشكلون خمسة في المئة من إجمالي سكان العالم". وبين التقرير ان اجمالي الاستثمارات الاجنبية المباشرة التي تدفقت على الدول العربية تراجعت بنسبة 32 في المئة من 6.7 بليون دولار الى 4.5 بليون دولار فقط، وبلغت حصة دول مجلس التعاون الخليجي منها 336 مليون دولار فقط بعدما كانت عام 2001 نحو 466 مليون دولار بما يعادل انخفاضاً مقداره 28 في المئة خلال عام، مشيراً إلى أن الاستثمارات التي اجتذبتها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تتجاوز 4.6 بليون دولار. وجاءت الجزائر كأكبر مستقطب عربي للاستثمارات الاجنبية المباشرة بواقع 1.065 بليون دولار تلتها تونس 821 مليون دولار والسودان 681 مليون دولار ومصر 647 مليون دولار والمغرب 428 مليون دولار وقطر 326 مليون دولار ولبنان 257 مليون دولار. واعتبر المنتفق ان السبب الحقيقي وراء نقص حصة المنطقة العربية من إجمالي الاستثمارات "لا يعود إلى عدم وجود فرص استثمارية جذابة إنما إلى أسباب تراوح بين غياب الإدراك بأهمية الاستثمارات كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، وعدم بذل جهود حقيقية لإبراز الفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة العربية، لتشجيع وجذب الاستثمارات نحو المنطقة". وأكد المنتفق أنه "ما لم تتخذ الدول العربية إجراءات حاسمة للعمل على جذب الاستثمارات، فإنها لن تستطيع أن تحتل مكانة متقدمة بين أمم العالم، خصوصاً في ظل الانكماش الذي تعاني منه هذه الاستثمارات والمنافسة الشديدة بين الأسواق الدولية على استقطابها". واشار الى أن الدول العربية كانت، وحتى وقت قريب، غير مدركة لأهمية الاستثمارات، وللقيمة الكبيرة لهذه الاستثمارات، ما أدى إلى تدفقها بعيداً عن المنطقة العربية. واعتبر ان الوقت لم يفت بعد، ولا تزال هناك فرصة أمام المنطقة العربية لتحسين أوضاعها الاستثمارية، خصوصاً بعدما برزت أهمية الاستثمارات في دعم الاقتصادات المحلية في الدول العربية، حيث تشير بيانات مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية إلى أن الاستثمارات تمثل ثلث الناتج الإجمالي في الدول النامية. ولفت التقرير الى ان تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى الدول المتقدمة انخفضت عام 2002 للسنة الثانية على التوالي لتبلغ 460 بليون دولار بعدما كانت 590 بليون دولار عام 2001، وان الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وحدهما مسؤولتان عما يقارب 54 في المئة من الانخفاض المسجل في الدول كافة التي تقلصت التدفقات الواردة إليها عام 2002. بيد أن التدهور كان واسع النطاق إذ شمل 16 بلداً من مجموع 26 بلداً. وأدى الانخفاض الكبير المسجل في تدفقات رأس المال السهمي نتيجة تقلص عمليات الاندماج والتملك عبر الحدود وانخفاض صفقات الإقراض الداخلية بين الشركات إلى تقلص التدفقات الواردة إلى الدول المضيفة الرئيسية. لكن على رغم هذا الانخفاض، بقيت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى الدول المتقدمة عام 2002 أعلى من متوسط معدلاتها للفترة ما بين عامي 1996 و1999. وتوقع تقرير "اونكتاد" ازدياد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى بعض الدول المتقدمة السنة الجارية، لكن من غير المرجح أن تتجاوز التدفقات الواردة إلى الدول المتقدمة كمجموعة المستويات المسجلة عام 2002. وستتوقف التدفقات في المستقبل بقدر كبير على الانتعاش الاقتصادي - عالمياً خصوصاً في الدول المتقدمة وكذلك على نجاح الجهود المبذولة لتعزيز ثقة الجهات المستثمرة. لكن انخفاض الأرباح وتدهور أسعار رأس المال السهمي وأوجه القلق إزاء ديون الشركات والحذر الذي تبديه المصارف التجارية في منح القروض، قد تقوض جميعاً احتمالات ازدياد الاستثمار. وفقدت الولاياتالمتحدة العام الماضي مركزها الأول في قائمة الدول المستفيدة من الاستثمار الأجنبي المباشر لتصبح في المرتبة الرابعة بين الدول المتقدمة الرئيسية. وسجلت الولاياتالمتحدة أكبر نسبة انخفاض، بين هذه المجموعة، في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة، وتلتها المملكة المتحدة. وكان التباطؤ المستمر في استثمار الشركات نتيجة الظروف الاقتصادية المتدهورة وتقلص احتمالات الربح والتوقف الموقت عن الدمج والتوحيد في بعض الصناعات وانخفاض أسعار الأسهم هي العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذا الانخفاض الذي حدث بالتواكب مع آخر جاء إلى حد كبير في شكل انخفاض في عمليات الاندماج والتملك عبر الحدود. وكما حدث في الماضي وجهت بصورة رئيسية إلى صناعات الخدمات. وفي اليابان ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة بنسبة 50 في المئة، وتضاعفت تقريباً التدفقات الواردة من الاتحاد الأوروبي. وازدادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى استراليا عما كانت عليه من قبل بمقدار ثلاثة أمثال تقريباً مسجلة رقماً قياسياً، بينما تقلصت التدفقات الوافدة إلى نيوزيلندا وكندا. وانخفضت التدفقات الواردة من الدول المتقدمة بنسبة 9 في المئة في فترة عامي 2001 و2002، إلى 600 بليون دولار بعدما كانت 661 بليون دولار. وتغير ترتيب الجهات المستثمرة الرئيسية في الخارج من الدول المتقدمة، حيث تقدمت اليابان على ألمانيا وأصبحت في المرتبة الخامسة بعد لوكسمبورغ وفرنسا والولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة. وارتفعت التدفقات الوافدة من ثمانية من مجموع 25 دولة ذات الاقتصادات المتقدمة. وسجلت النروج والسويد والنمسا أعلى مستويات الزيادة بالقيمة النسبية. وكان ثلث التدفقات الواردة من النمسا العام الماضي مخصصاً لدول أوروبا الوسطى والشرقية. وارتفعت أيضاً التدفقات الواردة من الولاياتالمتحدة قرابة 15 في المئة. لكن على رغم الزيادة المسجلة في التدفقات الوافدة إلى كل الدول المتقدمة تقريباً انخفضت تدفقات الولاياتالمتحدة إلى الدول النامية لا سيما إلى أميركا اللاتينية زهاء 20 في المئة. وكانت شركات الاتحاد الأوروبي تستثمر، بالمقابل، استثماراً متزايداً في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية وفي الصين أيضاً، مثلها مثل شركات دول متقدمة أخرى كسويسرا. ومرة أخرى كان مقصد التدفقات الوافدة من اليابان عام 2002 هو الولاياتالمتحدة حيث سجلت التدفقات ارتفاعاً يقارب 10 في المئة مقارنة بالعام السابق.