توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في دارفور بين جبهة تحرير السودان وحكومة "الإنقاذ"، وهو مكسب ل"الإنقاذ" إذا طبق الاتفاق بحذافيره، وصدمة محبطة للذين ينضوون تحت لواء جيش تحرير السودان بدارفور، ومفاجأة لأبناء دارفور ولأبناء الشعب السوداني. والحكومة، بذلك، تحدث اختراقاً حقيقياً لصفوف حركة تحرير السودان، وتستخدم، تكتيكاً عالياً. واستراتيجية الإنقاذ في الاتفاق هي: 1 - بث إنشقاق في صفوف حاملي السلاح. 2 - تفويت مشكلة دارفور، وعدم مناقشتها، وإدراجها في مشاكوس. 3 - تجميع حاملي السلاح في مكان واحد، وهذا يمكن من القضاء عليهم. 4 - استقطاب بعض قادة حركة تحرير السودان في مقابل وزارات حكومية وهمية، بعد القضاء عليهم ميدانياً. 5 - تقديم مبالغ مالية بالدولار لإغراء بعض القادة بالانسلاخ من العمل العسكري. 6 - كشف علاقة حاملي السلاح بالتجمع الوطني، ومعرفة أسماء القيادات الميدانية. 7 - رصد القيادات السياسية في الداخل، وإجبارهم على كشف من يدعم القضية معنوياً وسياسياً. ولكن فات "الإنقاذ" ان الذين يحملون السلاح في دارفور ليسوا "جبهة تحرير السودان" ولا قبيلة بعينها، فستظهر جبهات أخرى وقوات جديدة داخل دارفور، ومن المواقع نفسها طالما بقي الظلم والتهميش والقتل والإبادة الجماعية من سمات "الإنقاذ" في السودان. 8 - استغلال مشكلة دارفور وتأليب قبائل على قبائل للاقتتال. 10 - إطفاء الحرب السياسية الدائرة في دارفور بهذه الاتفاقية، حتى تتفرغ الحكومة للحركة الشعبية لتحرير السودان، إذا فشلت المفاوضات المنعقدة في كينيا منذ 10/9/2003. واتفاقية أبشي يمكن وصفها بأنها اتفاقية أمنية، وقابلة للانهيار في أي وقت، والتراجع عنها. فهذه الاتفاقية غير ملزمة لأهل ومقاتلي دارفور، ولم تحل المشكلة التي من أجلها حملوا السلاح، ولم تزل الأسباب التي دعت الى حمله، والتنمية مفقودة، وتقسيم السلطة والثروة غير حاصل، ولم يتم الاعتراف بأن الذين حملوا السلاح ليسوا لصوصاً أو قطاع طرق، بل هم سياسيون يطالبون بحقوقهم المشروعة. ففي دارفور الملايين لإشعال شموع جديدة برؤى جديدة، لأجل سودان جديد معارضة وحكومة. ومناي ألا تنطفئ هذه الشمعة لتزيدنا قوة وتماسكاً، وتضيء سماء السودان بأحرف الوحدة والحرية والديموقراطية الممزوجة بمعاني الفيديرالية السمحة. فتذوب الهيمنة والاستعلاء والأحادية، وتنصهر كل الثقافات والأعراق والقيم السودانية في بوتقة واحدة، ونتجاوز كل أطر الإثنية الضيقة. القاهرة - حسن آدم كوبر [email protected]